الدعوة إلى بناء تحالف خليجي ضد الإصلاح
د.رحيل الغرايبة
18-10-2012 05:37 AM
سمعنا مؤخراً صيحة أطلقها بعض المتنفذين العرب لبناء تحالف خليجي متين ضد حركة الإصلاح التي تجتاح المجتمعات العربية، وتجد صدىً واسعاً في أوساط الشباب والجماهير العربية التي بقيت مغيّبة عن ممارسة حقها الطبيعي في اختيار حكامها، ومبعدة عن حقها المشروع في المحاسبة والمراقبة على أعمال السلطة والزعماء المستبدين الذين استأثروا بالحكم المطلق واستولوا على مقدرات الشعوب وثرواتها بلا حسيبٍ ولا رقيب.
إنّ اشتعال شرارة معركة التحرير التي تخوضها الشعوب العربية ضد الجلادين الذين استولوا على الحكم في غفلةٍ من الجماهير، قذفت الرعب في قلوب كل الحكام الذين وجدوا أنفسهم في السلطة دون شرعية جماهيرية ودون اختيار حر نزيه من شعوبهم، ممّا جعلهم يلجأون إلى المسارعة في البحث عن إعادة بناء التحالفات مع رموز الاستبداد المتحالفة مع شبكات الفساد التي تمّ نسجها عبر عقود من الزمن مع المنتفعين والمستفيدين من الأوضاع القائمة التي يتمّ فيها تغييب الكفاءات ومطاردة الأحرار وإبعاد الأمناء الأقوياء وتشويه سمعتهم بين الناس، من أجل البقاء في السلطة والاستئثار بالمقدرات ومواجهة حركة التغيير والإصلاح.
لقد رصد هؤلاء الزعماء وجود حركة جماهيرية عريضة تؤمن ايماناً عميقاً بأنّه لا سبيل لإعادة بناء الأمّة العربية إلاّ من خلال استئناف مشروعها الحضاري الإسلامي الكبير المنبثق من هويتها وثقافتها والقادر على استعادة هيبتها ومكانتها بين أمم العالم، ممّا جعلهم يشنّون حملة منسقة ضد المبشرين بهذا المشروع مصحوبة بزوبعة من التشويه والتضليل والخديعة، بالتحالف مع فلول الأنظمة البائدة وبقايا المنهزمين الذين تمتلئ أجوافهم حقداً ونقمة.
لقد استمعت لحديث أحد الكتاب الذي يحاول التعبير عن مخاوف الحكام وهواجسهم التي كانت سبباً في إعلان هذه الصيحة، فيقول: لقد كان التحول في خطاب الحركة الإسلامية في الخليج من الحديث في الدعوة إلى الالتزام بالأخلاق والقيم، إلى الحديث عن الحقوق والحريات، والدعوة إلى ايجاد مجالس تشريعية منتخبة، ممّا جعل الزعماء والحكام يشكّون بنوايا الإسلاميين نتيجة هذا الخطاب الملتوي.
لا أدري أين الجريمة في الحديث عن حقوق الناس وحريات الشعوب، وأين هو الخطاب الملتوي بالدعوة إلى ايجاد مجالس تشريعية منتخبة، تمثل الشعوب وتراقب أداء الحكام؛ في خطوة ضرورية نحو الإصلاح الحقيقي، ومن أجل الانتقال نحو مرحلة جديدة يعاد للشعوب فيها بعض حقوقها المسلوبة وحرياتها المصادرة.
ويقول آخر: ماذا ينقص الناس في الخليج، الذين يتوفر لهم المال والسكن والتعليم، ورغد العيش!! ويفسر الدعوة إلى الحرية، ولغة الحقوق نوعاً من أنواع الفتنة التي تثير الفزع في أوساط النخب المتنفذة التي تستحوذ على السلطة والمقدرات في ظلّ صمت الجماهير المستغفلة، ولا يعلم هؤلاء أنّ الحرية صنو الإنسانية، والكرامة أساس الآدمية، وهي فوق كل قيمة.
يجب أن يعلم كل من يهمّه الأمر أنّ انطلاق حركة الوعي واليقظة لا يمكن أن توقفها قوة مهما أوتيت من سلطة ونفوذ، وأنّ شمس الحرية سوف تشرق على كل مكان، ولا يستطيع أحدٌ حجبها بغربال، ولن تبقى هناك بقعة مظلمة مهما طال الزمن؛ لأنّ الشعوب باقية، والأنظمة المستبدة إلى زوال واستبدال محتم شاءت أم أبت حتى لو استخدمت لغة الموت والدم.
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم