الرئيس النسور .. " و أيام فاتت " .. !!
عودة عودة
17-10-2012 06:16 PM
في العام 94 من القرن الماضي عندما كان الدكتور عبد الله النسور وزيراً للصناعة و التجارة و عبد الكريم الكباريتي وزيراً للعمل .. , شاءت الصدف أن التقي كصحفي الدكتور النسور رئيس الوزراء في هذه الأيام , والمناسبة كانت " صُلحة نقابية " بين العمال و أصحاب العمل في أحد المصانع في مدينة الحسين الصناعية في سحاب يحضره وزير العمل الكباريتي ورئيس إتحاد نقابات العمال طيب الذكر خالد شريم و عدد من القيادات العمالية و أصحاب العمل و العمال.
موكب " الصُلحة النقابية " هذا و المؤلف من حوالي ست سيارات انطلق من أمام وزارة العمل عندما كان مبناها في العبدلي متوجهاً على عجل نحو مدينة الحسين الصناعية و الإنسجام كما يبدو كان تاماً بين الوزير الكباريتي و رئيس الإتحاد شريم في هذه الرحلة وإن كان في غيرها لم يكن هناك إنسجام لا مع الكباريتي و لا مع غيره من وزراء العمل في تلك الأيام و منهم رئيس مجلس النواب السابق عبد الكريم الدغمي عندما كان وزيراً للعمل و جرى في عهده وضع قانون عمل جديد جاء في بعض مواده تسمح لصاحب العمل بفصل للعمال بحجة " إعادة الهيكلة " و لم يستشر إتحاد العمال في هذا التطور الجديد و السلبي في قانون العمل المعمول به الآن .
لفت نظري و نحن سائرون في موكب " الصُلحة " هذه و نحن نطل على مدينة سحاب أن هناك دخاناً أسوداً كثيفاً و عالياً فإنحرفت بسيارتي عن الموكب " العمالي " فلعل هناك صيد صحفي أهم و فعلاً كان الصيد الصحفي هاماً .. و ملفتاً أيضاً .
بعد أقل من عشرة دقائق كنت أمام المصنع الذي إشتعلت فيه النيران والتهمت نصفه , إنه مصنع للورق الصحي ويا لهول ما رأيت ناراً مستعرة .. قوية تأكل الأخضر و اليابس : الحديد و الإسمنت و الحجارة و الأخشاب و الأشجار و الأزهار و كل شيء يأتي في طريقها , مع كل ذلك رأيت " فدائيين " من المهندسين و العمال " ليس غير " يندفعون الى داخل مصنعهم " بيتهم الشخصي " بثياب العمل لإخلاء ما يمكن إخلاؤه من الآلات و الزيوت و غيرها فيخرجون مجللين بالسواد " الوجوه و الأيدي " و الحروق الصغيرة و المتوسطة و لم يتوقفوا لحظة عن مهمتهم " الفدائية و الإنقاذية " هذه إلا عندما إنهار جدار عال من المصنع على كل ما تبقى منه.
سألت عن إطفائيات الدفاع المدني فأجاب أحد العمال : جاءت إطفائية واحدة يتيمة قذفت ما في جوفها و لم تعد . عرفت فيما بعد سبب عدم عودتها و هو لأن المياه مقطوعة و ليس دائمة الوصول الى المدينة الصناعية بعكس ما يجري في المدن الصناعية في جميع أنحاء العالم المتقدمة و النامية فأحترق المصنع كله في أقل من ساعة و السبب " إنقطاع المياه " عن المدينة الصناعية و نتمنى أن لا يكون إنقطاع الماء هو السبب وراء الحرائق التي تنشب بين الفينة و الأخرى في هذه المؤسسة الصناعية العريقة ..
و أتذكر أن الوزير الدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء الجديد جاء على عجل لينقذ ما يمكن إنقاذه من المصنع و منع إمتداد النيران الى جواره من المصانع الأخرى حيث طلب إطفائية من مطار الملكة علياء .. و جلسنا معاً في مكان قريب من المصنع و كل أدلى بدلوه من الحاضرين النسور و الكباريتي و آخرين و عندما جاء دوري قلت : لقد كان إنقطاع المياه عن المدينة الصناعية وراء إلتهام النار للمصنع كله و إلتفت إلي الدكتور النسور و كأنه يوافق على كلامي أتبعها بإبتسامة غامضة و كأنه يعرف كل شيء يجري في بلدنا .
عدت الى الصحيفة و في رأسي عنوان صارخ .. (إنقطاع المياه وراء إحتراق مصنع الورق الصحي ) .. كتبت المادة الصحفية و سلمتها للجريدة وأنا مرتاح البال أنها ستنشر في اليوم التالي و على الصفحة الأولى .. و في صباح اليوم التالي لم أجد خبري .. ما وجدته خبر يبدأ ب " هَرعَتْ ... " و إشتمل الخبر على الخسائر و حجمها .. إنتفضت حزناً على خبري الموؤد .., إنتفاضة من إنتفاضات لا نهاية لها كنت أقوم بها أكثر من مرة في الأسبوع ..!!
أعرف أن رئيس الوزراء الجديد " أبو زهير " يملك الهمة و الحماسة و لكن ذلك كله ليس كافياً في بلدنا و لا أود أن أدخل في التفاصيل للمشاريع الموؤدة كما دخلت في تفاصيل واحداً من مشاريعنا الموؤدة معشر الصحفيين ..!!