أيمن هزاع المجالي : لماذا نفشل حتى الآن في إخراج الدولة من أزمة العجز والمديونية
16-10-2012 02:19 PM
عمون - ملك يوسف التل - هل يمكن العثور على سياسي أردني واحد لديه الجرأة أو المزاج أو قدرة التحكّم بلسانه بحيث يكتفي بالحديث «بعيداً عن السياسة» وفي هذا الوقت بالذات؟ نقصد في فصل «الربيع العربي « الذي أصبح فيه كل شيء سياسة، وسياسة تعوم في فائض الشك ونكهات الريبة ومحفزات رفع الصوت.
في السنوات الماضية وحتى فترة غير بعيدة ، كان الحديث «بعيداً عن السياسة «مغرياً وممتعاً للسياسيين المحترفين. فما يعرفونه ويجهله الشارع، هو أكثر بكثير مما يودّون الخوض فيه. الآن تغير الوضع واختلطت بعض الاشارات الحمراء بالصفراء بالخضراء.. حديث السياسي «بعيداً فعلاً عن السياسة» بات وكأنه تهمة بالغياب عن الصورة أو انعدام الموقف أو شبهة بجفاف الذاكرة .
ذوات سبق وتحدثوا «بعيداً عن السياسة « وكانوا ممتعين في سردهم الهادئ، اختلفت نبرة الكثيرين منهم هذه المرّة. حديثهم أضحى أكثر إثارة بالمواقف وأثرى بالتفاصيل التي وإن كان عمرها أكثر من خمسين سنة إلا أنها تأتي موصولة بالذي نراه الآن ويفاجئنا .
الحكي «هذه المرة « له ميزة أخرى. فهو يكشف أن العديد من رجالات الدولة الذين لم نكن نرى منهم سوى صفحة التجهم واليباس، هم بعد التقاعد أصحاب بديهة رائقة وتسعفهم النكتة عندما تحرجهم الأسئلة.
لا يخفي أيمن المجالي قلقه من ظاهرة عزوف القيادات السياسية والاجتماعية عن المبادرة في المشاركة وتحمل الأدوار التي يفترض بهم طوعاً أن ينهضوا بها. فهو يرى نقصاً حقيقياً في الطيف القيادي من السوّية التي يحتاجها البلد إذ يمر الآن في أزمة حقيقية يعتقد « أبو ناصر» ان جوهرها اقتصادي وليس سياسياً كما يبدو للبعض.
الرجل الذي سجل رقماً قياسياً في المواقع الوظيفية بالعمل العام الذي دخله وترقى فيه مبكراً حتى أصبح مؤتمناً على جوار مركز صناعة القرار، انتقل بعد ذلك إلى العمل في القطاع الخاص وفي العصب المصرفي الاقتصادي قبل أن يدخل بوابة السلطة التشريعية ويتولى رئاسة اللجنة الاقتصادية في المجلس. ومن هذا التراكم الكفؤ في الخبرة فإن لدى الرجل نظرية متكاملة للإجابة على السؤال الجوهري القديم المستديم وهو «لماذا نفشل حتى الآن في إخراج الدولة من أزمة العجز والمديونية المستديمة التي ترهننا للمساعدات الخارجية».
أيمن هزاع المجالي في حياته الحافلة لم يتكئ على تراث والده. وضوحه الصريح العفوي يفقده دوماً بعض أصدقائه. يؤمن بأن الناس في قواعدهم الشعبية أطيب وأحرص من بعض السياسيين والإعلاميين. مفهومه للوحدة الوطنية فيه صوفية سياسية صلبة تحاكي روح الأردن في ذروة تجلياتها.
• أما وقد أصبح مجلس النواب 16 في ذمة التاريخ بعد ان شهد تفاوتاً كبيرا في المواقف تجاهه، كيف تقيمون أداءه وهو الذي عايش فجوة كبيرة في الثقة لم تمنعه من طرح مطالب خلافية من نوع جوازات السفر الخاصة مدى العمر وغيرها من المسائل والملفات الجدلية؟
جوازات السفر الحمراء أعتقد ان هناك من كان يريدها عملية وجاهة. لكن الأهم من ذلك أن هذا المجلس» ال 16» بغض النظر عن بعض الأخطاء لكنه أنجز الكثير. هذا المجلس واجهته صعوبات. فمنذ استلامه لمهامه وهو في حالة عدم معرفة ما هو مستقبله. قد يجوز تسميته أنه كان كالمصاب بالسرطان الذي يتوقع سرعة وفاته ولا يعرف ان كان سيكمل دورته المفترضة دستوريا. هذه جميعها للأسف الشديد انعكست على تصرفات بعض أعضاء المجلس، وأعتقد اننا لا نستطيع أن نلوم الكثيرين من أعضائه على تصرفاتهم، لأنه أي المجلس أصبح في وضع غير مستقر. حصلت أخطاء لكنني اكرر ان الإيجابيات كثيرة.
• آخر القضايا الخلافية التي كان سجّلها الكثيرون عليكم في مجلس النواب هي قانون الانتخاب. انتم شخصياً هل ترون في القانون كما صدر، تلك الصيغة التوافقية التي طالما تحدث ونادى بها أهل الرأي والمشورة؟
كل شيء بالحوار يوصلنا إلى نتيجة. بالتشدد لا يمكن أن نصل إلى نتيجة. حتى في الحوار مع الإسلاميين بموضوع الإنتخابات وموضوع قانونها كان يمكن أن نصل في النهاية إلى نتيجة جيدة. اجتمعنا كمجلس نواب مع الحركة الإسلامية وتحدثنا معهم في احدى المناسبات لوضع قانون انتخاب يرضي الجميع بحيث تجلس كل الأطياف السياسية وتتحدث في قانون مستقبلي، لأنهم أي الإسلاميين ليسوا هم فقط من يريد أن يؤخذ برأيه، فهناك الكثير من الجهات أيضاً لديها آراء. هناك اليساريون واليمينيون والمخيمات والعشائر والحراك. يجب أن يجلس الجميع ويتحدثون في قانون انتخاب نصل إلى توافق جميعاً فيه. لا نستطيع أن نقوم بتفصيل قانون لمجموعة معينة أو حزب معين، لا بد من الحديث في القانون. أعتقد أن الجلسة المشتركة والحديث بين الجميع يمكن أن يخرج قانونا يرضى به الجميع، ومن لا يرضى بمثل هذا القانون يخرج عما يسمى بالتوافق الوطني.
• أكثر من ذلك فان نواب المجلس ال 16، وأنت منهم، متهمون في أحاديث الناس وتحليلات بعض الكتاب بأنهم كانوا يتمنون أو بالأحرى يعملون على تأجيل الانتخابات البرلمانية المنتظرة مع نهاية السنة وذلك بمطمع إطالة عمر المجلس ؟ ويقال في هذا الخصوص أنهم كانوا آنذاك لا يشجعون ناخبيهم على التسجيل الآن؟
أعتقد ان الجميع كانوا يعرفون انه طالما تم إقرار قانون الإنتخاب وقانون الهيئة المستقلة فلن يبقى هناك أي شيء يعطل عملية إجراء الإنتخابات المبكرة.
• وفي ذات سياقات تقييم اداء المجلس فقد سجّلت عليه الحراكات الشعبية والعديد من الكتاب والكثير من المواطنين انطباعات سلبية متراكمة ليس أولها درجة استخدام العنف اللفظي والجسدي بين اعضائه، وليس آخرها أنه دفن ملف الفساد وشطّبه تشطيب ديلوكس، كما قيل، حين تصرف فيما وصف بانه خارج اختصاصاته وأغلق الملفات الساخنة باجرءات قانونية أو غير قانونية؟
بالنسبة للعنف، الجميع منا لا يقر أي نوع من الكلام النابي أو من العنف بين الزملاء. لكن ما أريد قوله في موضوع الفساد هو أنه تشكلت لجان تحقيق وجدت في المواضيع المطروحة أنه لا يوجد دلائل تشير إلى ذلك. فعندما تم الحديث عن موضوع الفوسفات لم يجدوا أي مشكلة على موضوع تخاصيتها، المشكلة كما أظهرتها التقارير حصلت بعد أن جاءت الإدارة الجديدة واستلمت الشركة فأصبح في الفوسفات مشكلة. وهذه القضية حولت للمحكمة للنظر فيها لما بعد عملية التخاصية. قيل أو تبين ان هنالك ممارسات خاطئة تم تحويل القضية إلى القضاء للنظر فيها.
• لكن المجلس أغلق ملفات ساخنة مثل ملف الكازينو بإجراءات يعتقد البعض انها غير قانونية
ليس المجلس هو الذي أقرها بل أرسلوها لمجلس التفسير العالي، والمجلس قال أنه لا يجوز بعد أن يقروا هذا الموضوع أن يعودوا ويفتحوا ملف الفساد. وباعتقادي المجلس أدى واجبه بشكل كبير، وهناك بعض الأمور بها اعتبارات سياسية، إذا لم نعالجها ونوقفها فإن نتائجها ستكون سلبية على البلد.
• أبو ناصر... شخصياً هل ستترشحون للانتخابات القادمة؟ وهل تعتقد أن رئاسة المجلس التي ظلت طويلاً عند «المجالي» حان وقت انتقالها من عبد الهادي إلى أيمن؟
هذه الأمور سابقة لأوانها. لم تترتب الأمور إلى الحد الذي يمكن معه الحديث بشكل اوضح.
استراحة
• يقولون ان أبا ناصر صاحب «طريقة» في المنسف الكركي ؟!
قال ضاحكاً « الجميد الكركي مشهود له» وبالمناسبة نساء «جمعية الخير والعطاء» يتقنه دون منافس.. هذه الجمعية تأسست بالسابق برئاسة الأميرة تغريد، وهي تقوم بعمل بعض المشاريع في محافظة الكرك، فمن ضمن المشاريع مشروع الجميد، حيث يتم تشغيل مجموعة من السيدات يشجعن المجتمع المحلي يأخذن الحليب وينتجن الجميد الذي له مواصفات معينة دون غش، وبعد ذلك يجففنه، ويساهمن عن طريق الجمعية في توزيعه، فالمهم جداً في العملية هي عملية تشغيل السيدات.. أيضاً هناك مؤسسة نساهم بها، وابنتي تعمل بها، وقد بدأت بالانتشار في مناطق خارج حدود محافظة الكرك، وهي مركز اتصالات، وتعتمد على كم الشركات التي تتعامل معها، ونتيجة لذلك يحصلوا على وظائف. في عمان كان عدد العاملين فيها حوالي 37 عاملا، الآن نتحدث عن حوالي 350. في محافظة الكرك بدأوا بعمل مركز بالتعاون مع وزارة التخطيط وتقريباً سيستوعبون فيه50 شخصا، وكلما زاد العمل لديهم زاد عدد الموظفين، فمركز الاتصالات يشغل أبناء الوطن بقوة خاصة ان ساعات العمل تساعد الطلبة الجامعيين بدخل جيد يساعدهم في دراستهم، فهذا مركز ريادي ويجب على الكل أن يدعمه.
في الحلقة الثانية أيمن المجالي: « تفاصيل اتفاق المملكة مع صندوق النقد الدولي بخصوص البرنامج الاقتصادي للسنوات الخمس القادمة»
• كرئيس للجنة المالية في المجلس 16 وكصاحب رؤية متخصصة في هذا المجال، كيف تعاملتم مع قرار الحكومة السابقة برفع أسعار المحروقات؟ ألم يكن باستطاعتها أن تؤجله من طرفها وتقدّر أن إصداره في التوقيت الذي صدر كان سيرتب عليها كل الإحراجات والإربكات التي حصلت؟
في اعتقادي أن الحكومة السابقة لو قامت بالتنسيق مع مجلس النواب ومع جهات أخرى لما كنا وصلنا للنتيجة التي وصلنا لها. كان لدينا مقترحات، ونحن مقدمون على قانون ضريبة الدخل. فضريبة الدخل إذا أعيد النظر فيها لصالح الضريبة التصاعدية فان ذلك سيدر على الدولة مبلغاً جيداً، وأيضاً عملية التهرب الضريبي ومراقبتها إذا تمت بشكل جيد فستدر على الدولة مبلغاً جيداً.. أعتقد أي قرار اقتصادي في المرحلة القادمة يجب أن يدرس بعناية فائقة ومن كافة الزوايا السياسية والاقتصادية والأمنية. أعتقد ان الوقت كان مبكراً لتلك الزيادة التي تجمدت، في الأسعار.
• على ذكر موضوع التصاعدية بتحصيل الضريبة، كيف تناولتموه وأنت الذي توليه أهمية قصوى؟
حجم التهرب الضريبي في الأردن يصل بموجب بعض التقديرات الى 800 مليون دينار وبتقديرات أخرى أكثر من ذلك.
نظرنا في اللجنة المالية بهذا الموضوع وأوصينا بتعديلات على قانون الضريبة تراعي مبدأ التصاعدية في الضريبة التي ينص عليها الدستور الأردني، ومكافحة التهرب الضريبي. كما ذهبنا الى ضرورة مراعاة المؤسسات التي تعد موظفة للعمالة الأردنية ضمن أسس خاصة عند احتساب ضريبة الدخل عليها بهدف تشجيع اقامة المؤسسات الموظفة للعمالة. وفي قطاع التعدين اقترحنا تعديلات جديدة تصيب قطاع الصناعات الاستخراجية لكن بطريقة لا تمس الاتفاقيات الموقعة، في شركتي الفوسفات والبوتاس اللتين تمت خصخصتهما خلال السنوات الماضية. كذلك أوصينا بانشاء محاكم مختصة في قضايا الضريبة في حال سمح القانون بذلك حتى يتسنى الإسراع في القضايا التي تنشأ بين الخزينة العامة والمكلفين.
• بالمناسبة ما هي تفاصيل اتفاق المملكة مع صندوق النقد الدولي بخصوص البرنامج الاقتصادي للسنوات الخمس القادمة ومنه موضوع أسعار الطاقة والدعم؟
الأردن وبسبب احتياجاته لبعض القروض ذهب لصندوق النقد الدولي. كلاهما الصندوق والبنك الدولي عندما نذهب إليهما يعطيان القروض بفوائد أقل واسعار رمزية مقارنة بالقروض المصرفية العادية التي تتطلب خدمة عالية للدين وبما يؤثر على الميزانية العامة للدولة.. عندما ذهبنا في الأردن لصندوق النقد الدولي قالوا أنه تبين لهم أن الدعم عندنا يذهب إلى الأغنياء وليس للمستحقين. طلبوا تنظيم هذه العملية وتخفيف الدعم في مجال الكهرباء والمشتقات النفطية للمواطن حتى يستطيعوا في النهاية إعطاء الأردن القرض. وما لم يتم عمل هذه الأمور فلن يعطوا الحكومة الأردنية أي مبلغ، الحكومة كانت قد طلبت ملياري دولار كقروض وليس كمنح، فطلبوا أن نقوم بتصحيج اوضاعنا حسب رؤيتهم وأخبروا الأردن بأنه من الصعب أن نحصل على قروض من جهات أخرى. وضعوا بالحروف الأولى الاتفاق مع الحكومة متضمنا برنامجاً عملياً لتخفيض الدعم. تخفيض الدعم معناه زيادة على المشتقات النفطية وعلى الكهرباء وعلى الكثير من المواد التي تدعمها الدولة وبالتالي تنعكس سلبياً على حياة الناس بشكل فوري حتى وان تحسنت الأحوال بعد ذلك، الشروط العامة للبنك الدولي لأخذ القروض كانت توجب عمل إصلاح اقتصادي، فجاءت الحكومة وقامت بعمل برنامج إصلاح اقتصادي لخمس سنوات وقدمته حتى يتم التعامل معها في هذه المسألة. باعتقادي وبغض النظر عمن يختلفون مع صندوق النقد الدولي، فاننا في برنامج التسعينات مع صندوق النقد الدولي كان هناك رقابة شديدة وحرص شديد، وتم خفض المديونية. وأعتقد ان وجود رقيب في المرحلة الحالية مع النظر لهذه الأمور من الاحتياجات الأردنية ومن الأمن الأردني أيضاً، فان الموافقة على كل ما يطلب هو مأساة، لكن على الأقل لا بد في المرحلة الحالية من وجود رقابة وأن لا يحصل لدينا أي تجاوزات لا في الصرفيات ولا في المديونيات ولا في العجز.
• ما صحة القول بأن أسعار المحروقات أصبحت مرتفعة وموازية للأسعار الحقيقية، وبالتالي لم يعد هناك مبرر للرفع المتتابع الذي يستهدف وضع نهاية للدعم الحكومي؟
أساسا يجب دعم الأشياء الضرورية للناس، مثل الطاقة والكهرباء والمواد الغذائية، والمياه، فهذه هي الأمور الأساسية. بالنسبة لموضوع الوقود لا بد لنا جميعاً كمواطنين من ترشيد الاستهلاك واستعمال الآليات وتخفيف الضغط، لأنه كلما زاد الإنفاق كلما زادت احتياجاتنا للعملة الصعبة وهذا يستنزف احتياطياتنا، وبالتالي يؤثر علينا في المستقبل. لا بد من إعادة النظر في هذه الأمور.. نحن وصلنا إلى الأسعار التي نريدها أو المتقاربة مع السوق العالمي، لكن يجب أن ننظر بعين الاعتبار ماذا سيحدث في المستقبل إذا حدث شيء في منطقة الخليج مع إيران ...ماذا ستكون النتيجة؟ يجب علينا كمواطنين أيضاً أن نهيئ أنفسنا ونقلل من استهلاكنا. كل هذا يؤثر وبالتالي تكون النتيجة إيجابية، وحتى لو أن الحكومة اتخذت قرارات فالمواطن أيضاً عليه مسؤولية. أنا لا ألوم المواطن لانه يريد أن يرى الحكومات تتخذ إجراءات على نفسها بداية وبعد ذلك تطبق على الآخرين.
• وأنتم أيضاً في رئاسة اللجنة المالية للنواب السابق، ورغم كل الخبرة وارتفاع الصوت والآمال العريضة، إلا أنكم متهمون بعدم إحراز شيء جذري حقيقي في موضوع إعادة تبويب الميزانيات العامة للدولة أو في ترشيد الإنفاق وتقليص العجز؟ نقاش ومعارضة ومطالب ثم تصويت بالاقرار والثقة. لماذا لم تستطع اللجنة المالية في عهدكم أن تحقق طموحات قديمة بهذا الحجم والأهمية؟
من يراجع كل القرارات والتوصيات التي اتخذناها يجدها تتحدث عن موضوعات التبويب و الترشيد. وفي آخر قرار عندما قمنا بإقرار ميزانية 2012 بحثنا في هذه المواضيع وطالبنا الحكومة بعملية الترشيد وشد الأحزمة حتى نخفف العجز ونخفضه إلى الصفر وبالتالي نستطيع أن نتعامل مع قضية المديونية. الحكومة كانت تعمل على هذا الموضوع بموضوع الترشيد والصرف. كنا من ضمن ما أوصيناه للحكومة التخفيف من الصرف على مشاريع البنية التحتية والتركيز في المرحلة الحالية فقط على موضوع إعادة ترميم وإصلاح البنية التحتية حتى نستطيع العمل عليها. في الوقت الحالي يتم إيقاف كل مشاريع البنية التحتية والتركيز على مشاريع انتاجية في المحافظات حتى نساعد على خلق أيدي عاملة وتخفيف البطالة.. الآن بدأت الحكومات تتخذ الإجراءات المناسبة لترشيد الاستهلاك وترشيد الصرف بحيث نحاول أن نخفف قدر الإمكان من ذلك.
لكن هناك أزمة حقيقية اقتصادية في البلد. لدينا موضوع المشتقات النفطية سواء بالنسبة للغاز أو لزيت الوقود الذي يستعمل لشركة الكهرباء. فشركة الكهرباء لها مديونية كبيرة على الحكومة نتيجة لدعم المواطن في هذا المجال. أيضاً ركزنا في طروحاتنا أنه لا بد من إنشاء البطاقة الذكية حتى يصل الدعم لكل إنسان غير قادر، وحتى لا يستثنى من هذا الدعم الأشخاص القادرون أن يصرفوا. الآلية الأمثل لإيصال الدعم إلى مستحقيه (ممن يقلّ دخلهم عن 1000 دينار شهرياً) هي البطاقة الذكية..
الأرقام تظهر ان الدولة تدعم أعلى نسبة 20% من الأغنياء باضعاف ما تقدمه لشريحة أقل 20% من الناس .
وجدنا أن الدولة تدعم حوالي 28 ديناراً شهرياً لل20% للأغنياء، وتدعم حوالي 8 دنانير لأقل 20% من الفقراء، فقلنا لا بد من إيجاد طريقة لإيصال الدعم لمستحقيه، وبالتالي الإنسان القادر يدفع ما يريد، والإنسان غير القادر يستحق أن يقدم له الدعم لإخراجه من مأزقه سواءً مشتقات نفطية أو غاز أو مواد غذائية، علينا أن ننظر إلى الأمور في المرحلة القادمة. المرحلة القادمة ستكون مرحلة خطيرة في العالم بالنسبة للمواد الغذائية، حيث يقال بأن العالم بسبب الجفاف سيشهد ارتفاعاً كبيراً على أسعار المواد الغذائية، فهذا عبء كبير على الجميع، لأن الدولة ستستورد وتبيع، بالتالي لن تستطيع أن تستورد من الخارج بأسعار مرتفعة ويعطوه بخصومات. لا نستطيع عمل شيء لارتفاع الأسعار، إذا أردنا عمل ما يجب عمله فالحكومة هي التي تقوم بدعمها، أقول ان على الدولة أن تدعم الغير قادرين فقط وبالتالي يتم تحقيق العدالة.
حجم الدعم للسلع الاساسية تم تخفيضه من720 مليون دينار في العام2011 الى450 مليون دينار في العام2012، وما زال الأمر يحتاج للمزيد من النوع الذي يطلبه صندوق النقد الدولي.
• وحتى موضوع البطاقة الذكية التي تحدثتم بها كطريقة مثلى لتوصيل الدعم لمستحقيه والتي قلتم أن مساعدة ب 35 مليون وصلتنا لتنفيذها، لم تجد هذه البطاقة هي الأخرى طريقها للنور؟
أعتقد ان هناك خللا ولا بد من التعامل معه. هناك التأخير في عمل الحكومات، فنحن تحدثنا عن البطاقة الذكية من يوم أن أتينا إلى مجلس النواب، مضى علينا عامان ونحن نتحدث عن البطاقة الذكية ولغاية الآن لم تطبق. البطاقة الذكية لن تقتصر على قضية الدعم، بل ستتضمن بيانات كاملة عن حاملها يمكن استخدامها لأكثر من غاية من واجب الحكومات أن تطبقها، وكل توصياتنا من الماضي للآن لم تتم. توجد لهذا الغرض منحة من دولة شقيقة بقيمة 35 مليون يورو لمساعدة الأردن في تطبيق البطاقة الذكية بالتعاون مع شركات ألمانية. هناك خلل، فلو بدأنا من عام أو عام ونصف لكانت البطاقة الذكية أخذت مكانها ولم ندخل في الأزمات التي دخلناها في المرحلة الحالية.
• ملف الخصخصة هو الآخر يحتسب لغير صالح مجلس النواب من زاوية أن بعض قضاياه الرئيسية لم تصل إلى نهايتها المقنعة للناس، وكأن مجلس النواب تواطأ عليها...هكذا فهمها الناس؟
أعتقد هناك الكثير من المؤسسات التي تم خصخصتها بها إيجابيات، فعندما نتحدث عما تم في موضوع الاتصالات وموضوع البوتاس وكان هناك لغط في الخصخصة في موضوع شركة الفوسفات، الفوسفات بالنسبة للجنة التي حققت في ذلك وجدت أن الإجراءات التي تمت بالنسبة للفوسفات لا يوجد خلل، لكن ما بعد ما تم في الخصخصة هناك الخلل، وهذا الموضوع تم تحويله إلى المحكمة للنظر فيه، والقضاء الآن ينظر فيه لاتخاذ الإجراءات المناسبة لحل هذا الموضوع.
• بالمناسبة، أوضاع البنوك تبدو ليست في أفضل صورها، ولنأخذ هنا جانباً واحداً فقط وهو ارتفاع نسبة الديون المتعثرة في بعض البنوك إلى مستويات وصلت إلى معدلات تدعو لأكثر من القلق؟
عندما يكون هناك ركود اقتصادي فان هذا يؤثر على كل البنوك في المملكة، لكن جميع البنوك برقابة البنك المركزي أمورها سليمة، عندما نتحدث عن المديونيات كمديونيات جميعها يكون مقابلها مخصصات ومقابلها ضمانات، لكن حتى نحقق هذه المخصصات والضمانات فهي تحتاج إلى وقت، لكن البنوك في المملكة أعتقد وضعها ممتاز وأوضاعها مستقرة، ورقابة البنك المركزي واضحة عليها كما ان ضمانات وحقوق المساهمين مضمونة.
استراحة
• هل أنت قلق على أحفادك؟
التفاؤل من طبعي، لكن المرحلة التي نمر فيها وخاصة الأوضاع الاقتصادية وانعكاساتها على الأوضاع السياسية وما نراه في العالم العربي ككل، بالطبع لا يجعلني أكون مرتاحاً للمستقبل، لكن النسيان نعمة من الله عز وجل لننسى مشاكلتا وهمومنا وننتقل بها إلى المستقبل.
في الحلقة الثالثة أيمن المجالي: « يجب أن تركز أي حكومة قادمة على الوضع الاقتصادي حتى يخرج البلد من أزمته».
الراي.