لا مكان للصوت المعتدل لدى الجيل الجديد داخل الحركة الإسلامية، هذا ما أفرزته الإنتخابات البرلمانية الأخيرة بكل صراحة وشفافية، ولا مجال للشك أن ما جرى من أحاديث سبقت العملية الإنتخابية داخل صفوف الحركة الإسلامية قد أعطت نتائج فورية وجاءت وفق الجدل الذي احتدم بين كوادرها المتشددة وتلك التي قررت ترشيح الوجوه المعتدلة داخل الحركة الإسلامية.
هذا مؤشر يجب دراسته بعناية قبل أن تتوجه البوصلة مرة أخرى لدى هؤلاء الكوادر نحو مساحات جديدة لسنا بحاجة لها، إذ لدينا في غزة تجربة أخرى لا زالت تعاني منها المنطقة، فنحن دولة موسومة بالاعتدال وما جرى في نتائج الانتخابات البرلمانية يوحي بأن الميل المفرط نحو التشدد قد أطاح بمعظم زعماء الإعتدال الإسلامي في الأردن ،حيث سقطت رموز معروفة بوسطيتها وميلها نحو الهدوء ومعالجة القضايا الساخنة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وهذا مؤشر يجب الإنتباه له من قبل الدولة قبل أن يقع هؤلاء فريسة للتيار المتشدد داخل الحركة الإسلامية والذي يقوده أمين عام جبهة العمل الإسلامي وبعض المحسوبين على التيار المتشدد الذي يقال بأنه قريب من الفكر السياسي لحركة حماس وخالد مشعل.
لقد وعد الإخوان بأن الحركة الإسلامية في ضوء خياراتها التي قيل أنها تخالف توجه كوادر الحركة بأنها سوف تعيد النظر بهذه التجربة وتقيم نتائجها الحالية بعد أن دار حديث طويل داخل كوادر الحركة يشي بعدم الرضا عما أفرزه مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين من مرشحين لم يحالف معظمهم الحظ بالنجاح.
من الواضح جداً أن الحركة الإسلامية وفي ضوء النتائج الأخيرة أصبحت تقف على تقاطع طرق وتمر في مرحلة جديدة سمتها المواجهة بين قطبي التشدد والإعتدال، مساحة يجب أن لا تترك هكذا دون عناية من قبل الدولة كي لا يخطف المتشددون منهج الإخوان المسلمين القائم على التعقل والحكمة والذي مضى عليه ستة عقود.
وإذا كنا نتحدث عن تنمية سياسية داخل الوطن فالأولى أن نحافظ على ما لدينا من مكتسبات سياسية تميزت دوما بالاعتدال والركون إلى العقل والحكمة، وعلية فأن تنمية الحياة السياسية الأردنية تأتي عبر تشجيع الوسطية والإعتدال بدل تكريس الجهد مستقبلاً على مكافحة التشدد المفضي إلى التطرف الذي لا نريد.