facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الاردن وطن .. وبإمتياز !


شحاده أبو بقر
15-10-2012 06:26 AM

منطقيا لا جدال في ان ما يجري في بلدنا حاليا لا يمكن تصنيفه خارجيا الا كما لو كان "صراعا على حكم" , ولكن باسلوب خفي وعلني معا يلبس لبوس الديمقراطية ويرى في تداعيات (الربيع العربي)فرصة سانحة لاعادة صياغة الدولة الاردنية برمتها ,بما ينسجم ومقتضيات الهدف الابعد , والا فكيف يفسر المراقبون الدعوة الى اعتماد نهج (الملكية الدستورية ) كنمط حكم مثلا , بغير أنها نمط يقلص صلاحيات الملك رأس الدولة لتكون صلاحيات بروتوكولية على شاكلة ما هو معمول به في دول عديدة كبريطانيا على سبيل المثال !

من ناحية نظرية واكاديمية هذا امر منطقي ومطلوب في دول مرتاحة ليس لديها قضايا وطنية كبرى او اقليمية معقدة وبمقدورها تطبيق هذا النمط الديمقراطي الذي يتيح لشعوبها الذهاب الى صناديق الاقتراع لاختيار الحزب او الاحزاب التي تريدها الاغلبية ان تحكم عبر وصولها الى البرلمان الامر الذي يؤهلها بالتالي لتشكيل الحكومات وادارة شؤون البلاد والعباد لاربع سنوات يجري خلالها اختبار مدى قدرتها على تحقيق اماني الشعوب ,والا فسيصار الى استبدالها بغيرها بعد السنوات الاربع وعبر صناديق الاقتراع ذاتها, وفي هذا تطبيق سليم لما يسمى ب "تداول السلطة " وفق نهج ديمقراطي بامتياز!. وهو نهج اقرب ما يكون للعدالة ,لا العدالة بعينها , عندما تعطي الديمقراطية الحق لخمسين بالمائة زائد واحد لان يحكموا , وتقصي في المقابل خمسين بالمائة ناقص واحد عن سدة الادارة بمجملها !.

هذا النمط من الحكم او تداول السلطة مطبق في الغرب منذ اعتماد مبدأ "فصل الدين عن السياسة " واقصاء الكنيسة عن الحكم , والامور هناك تجري تباعا وبنسق سلمي تسعى دول عديدة في هذا العالم الى اتباعه باعتباره اهون الشرور في فرز منطوق الاغلبية والاقلية المعمول به حاليا , وهو منطوق "طورته " دول عربية خطأ الى ما يسمى ب "الموالاة والمعارضة " , لتبدو المعارضة التي يفترض علميا ومنطقيا انها اقلية كما لو كانت في شريعة الاغلبية ضد الحكم او الحاكم الاعلى , وفي المقابل تصنف الاغلبية في شريعة الاقلية او المعارضة كما لو كانت مجرد موالاة للحاكم وليس لديها فلسفة او برنامج حكم يأخذ البلاد والعباد نحو التقدم , وهي ليست سوى موالاة عمياء لا اكثر ولا اقل !.

وسط هذا الفهم الخاطئ للديمقراطية , ينشأ الصراع بين فئتين في المجتمعات النامية ومنها المجتمعات العربية ,وتأخذ الامور منحى اخر غير المنحى الديمقراطي , والنتيجة بالطبع وبالضرورة معا , هي " تعصب" اعمى يفرز صراعا غير سوي اطلاقا , فالمعارضة ترى ان برنامجها ورأيها هو الذي يجب ان يطبق حتى دون الحاجة الى الذهاب الى صناديق الاقتراع , وان التشريعات والانظمة المعمول بها لا بد وان تتم صياغتها وفق ما تريد هي دون الاخرين من شركائها في المجتمع , وبما يتيح لها الوصول الى سدة الحكم دون غيرها , وفي المقابل , ترى الاغلبية او ما يسمى بالموالاة , ان المعارضة تجر المجتمع نحو الفوضى او ان لها اجندات خاصة هي ابعد ما تكون عن الاجندات الوطنية ! وقد يذهب الامر الى حد الاتهام الاقسى كالتخوين مثلا !.

*

هذا الواقع العربي المعاش وللاسف اعطى الحاكم في الجمهوريات العربية قوة السلطان الدائم عبر اجراء انتخابات صورية مصممة سلفا لفوز الحاكم ب99% من اصوات الشعب كي يظل حاكما مدى الحياة , ومن بعده انجاله , وهكذا الى ان تفجرت الامور في بعض أقطار العرب وذهب بعضهم (تونس ومصر ) الى انتخابات ديمقراطية يستمر الحاكم فيها لاربع سنوات يتم التجديد بعدها له او لغيره وفق ما تراه الهيئة العامة لجمهور الشعب الناخب , على ان واقع الحال ما زال ينبئ بحقيقة ان مفهومنا العربي الخاطئ للديمقراطية وهي ( صنيعة الغرب ) ما زال قاصرا عن استلهام وسائلها الحقيقية , فنحن لسنا ديمقراطيين في سلوكنا اصلا , ومن هنا تنشأ معاناتنا , وحالنا هو كحال من يصر على قيادة المركبة حتى وهو لا يحمل رخصة قيادة , والنتيجه معروفه للجميع بالطبع !.

أردنيا , الحال مختلف تماما , فنظامنا السياسي بمنطوق الدستور " نيابي ملكي وراثي " , بمعنى أننا لسنا جمهورية ولا اتحادا , وإنما نحن مملكة يقودها ملك بصلاحيات كاملة , وهذا النمط من نظام الحكم لم يأت عبر صناديق اقتراع تفرز أقليه وأغلبيه , ولم يأت عبر ثورة داخلية على حاكم من قبل شخص أو مجموعة أشخاص , وإنما هو ثمرة لتوافق " ديني وقومي ووطني " , ومن هنا كنت قد أشرت قبل سنوات وفي مقال مماثل , الى أن القيادة الهاشمية تملك ثلاث شرعيات هي " النسب والتاريخ والانجاز " وهو مصطلح استخدمه كثيرون لاحقا في تصريحاتهم ومحاضراتهم !, وهي بهذه الشرعيات الثلاث تمزج الشورى بالديمقراطية .

*

الاختلاف الذي أعنيه في منظومة وحقيقة النظام السياسي الاردني , هو أن هذا النظام جاء بتوافق ديني وقومي عربي واسلامي ابتداء , عندما هب أحرار العرب والمسلمين في بلاد الشام والهلال الخصيب وغيرهما ضد حكم الامبراطورية العثمانية التي انتهجت مسلك التتريك وطمس الهوية العربية , وكذلك عندما توافق اولئك الاحرار على اختيار شريف مكة أنذاك الحسين بن علي لقيادة الثورة أملا في الوصول الى دولة الخلافة الاسلامية الكبرى بزعامة عربية هي زعامة الهاشميين , ثم تفجرت الثورة بقيادة الهاشميين وتوالت الامور على النحو المعروف تاريخيا عندما نكث الحلفاء بوعودهم وطبقوا إتفاقية " سايكس بيكو " المشؤومة خلافا لأماني العرب في إقامة دولة الخلافة الكبرى بزعامة شريف مكة , وازاء تلك الظروف تأسست الدولة الاردنية الحديثة " إمارة " بقيادة الملك عبدالله الاول , الذي لم يكن أمامه بد من القبول أمام الاختلال الكبير في موازين القوة بين دول استعمارية ذات قوى عسكرية واقتصادية هائلة وثوار لا يملكون سوى خيولهم وبنادقهم !
ملحوظة :
" عندما زار الحسين بن علي الاردن إبان الثورة عام 1924 بايعه أهالي الاردن في مدينة " السلط " بالخلافة والوثائق الموجودة بالجامعة الاردنية والموزعة على بعض مؤسسات الدولة تثبت ذلك " !


*

إستقر طموح الهاشميين قادة الثورة على حتمية قيام الدولة العربية الاسلامية الكبرى وبتدرج متواصل , الا أن أصحاب الرؤوس الحامية والباحثين عن مكاسب خاصة أفسدوا عليهم ذلك في العراق وفي سوريا , ونشأت جمهوريات متنافرة تحكمها أحزاب شاملة قامت على " حكم الفرد " وفق مبدأ الثورات المحلية على الحاكم العربي نفسه وعبر الدبابات والمجازر , وأقصي الهاشميون لحساب أولئك " الثائرين لشخوصهم " عن العراق وسوريا , واستقر الامر في الاردن , ولكن كدولة " نواة " لدولة عربية أكبر , وتجسيدا لهذا الحكم الهاشمي العربي والاسلامي , أطلق على البرلمان الاردني أسم " مجلس الامة " وعلى الجيش الاردني أسم " الجيش العربي " , وسارت الامور تباعا على غير ما يأمل الهاشميون ومعهم أحرار العرب المتفانين من أجل الامة , وتسيد المشهد العربي حكام تفانوا من أجل " كراسي حكم " لهم وحدهم وبالحديد والنار والتسلط والجبروت على شعوبهم لا على المستعمر والغازي والغاصب !


*

هذا السرد التاريخي الواقعي يعرفه كبار السن , وقد لا يعرفه الكثيرون من جيل الشباب في عالمنا العربي اليوم , خاصة في ظل زخم سطوة إعلام حكم الحزب الواحد وشعارات " القومية " التي ظلت مجرد شعارات , وإستقرت على هذا النحو , حتى خسر العرب فلسطين كلها والقدس والاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية , ثم جاءت الصحوة حديثا وثارت بعض الشعوب على أولئك القادة اصحاب الشعارات , والذين هيأ بعضهم أحسن الظروف للصهاينة وداعميهم لفعل ما يتمنون وإيصال العرب الى ما هم فيه اليوم من ذل وهوان وهزيمة !.


*
وعودا الى الاختلاف الذي أشرت اليه في منظومة النظام السياسي الاردني , فالى جانب التوافق الديني والقومي العربي الشامل على هذا النظام , تجلى التوافق الوطني الاردني على حتمية التشبث بهذا النظام السياسي , وكان الملك الحسين رحمه الله هو المحور الاساس في تثبيت أسس الدولة وبنائها كأنموذج يحترم , ولا حاجة لاستعراض جهوده خلال سبعة واربعين عاما إهتزت وإندثرت خلالها عروش وخرجت نعوش يسيل الدم من ثناياها , وظل هو ثابتا صامدا حتى توفاه الله , ولم يكن ثباته وصموده بفعل دعم الغرب كما يتشدق بعض الظلمة , وإنما بفعل قدرته الفائقه على مزاولة السياسة وإستشراف الحاضر والمستقبل وإدارة الشؤون العامة بكفاية عالية , والرد العملي على من يظلمونه بموالاة الغرب لبقاء حكمه , هو جنازته التي التقى فيها الشرق والغرب معا لوداعه , فلو كان كما يقولون لما حضرت الجهات الاربع لوداعه لحظة مواراته , في مواكب جوية عجزت سماء عمان عن استيعابها , وفي ذلك عبرة لمن يعتبر ورد عملي على سائر الأفاكين والظالمين بحقه ! فلقد كبر الحسين رحمه الله الى الحد الذي صار معه عنوانا للاردن , ولا ينكر ذلك الا جاحد أو حاقد !.


*

هذا التوافق الديني والقومي والوطني على النظام السياسي الملكي الهاشمي , جوهره ديني بإمتياز , والاسرة الهاشمية بمقدورها وبسطرين فقط ! , أن تحشد مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين حولها مستفيدة من نسبها الممتد الى عترة رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه , ومن هنا فالاردنيون ومن كل المشارب والاصول هم الاشد حرصا على دوام تسنم الهاشميين لسدة الامور في بلادهم , لان الكل يدرك أن البديل كارثة " لا قدر الله " ومن يعتقد واهما بأن تطورات الامور في المنطقة والاقليم في ظل هيمنة مخرجات الديمقراطية الغربية يمكن أن تمهد الدرب لغير ذلك , فهو مجرد واهم يسعى الى جر البلاد نحو الفوضى والتناحر والتشظي ولكن دون جدوى !, ولست أخال أردنيا واعيا يرضى بذلك تحت أي ظرف كان , فقدر هذا البلد أن يعيش على هذا النحو الجامع الى أن تشاء اقدار السماء ظروفا أفضل , ويقينا فإن الاغلبية الشعبية تريد أن تعيش معا مستورة موحده أمنة , وعلى " النخب " المتصارعة أن تعي هذه الحقيقه !.


*

وعليه , نعم لتداول السلطة على مستوى الحكومات بين أحزاب برامجية تتنافس من أجل الوطن لا عليه , وفي ظل حكم الاسرة الهاشمية , مرتكز التوازن ولمصلحة الجميع , وبروح وطنية قومية صادقة لا عدو في ذهنيتها الا العدو الغاصب لفلسطين والمقدسات وحتى لكرامة العرب والمسلمين كافة , ولا مناص من برمجة العقول كافة للعمل من اجل إستعادة فلسطين كاملة من البحر الى النهر , وإجتثاث ذلك الداء الخبيث الذي لا يتردد في العمل على فرض حقائق مستجدة على الارض كل يوم ولحظة !.


*

وعليه أيضا , نعم للإصلاح المتدرج الشامل ولوقف نزيف الفساد وإعادة صياغة النهج بأساليب علمية ابداعية , لا بالدمار والخراب والتمنيات الزائفة والاحلام المريضة التي توظف المشروعيات لبلوغ أهداف غير مشروعة , ونعم للديمقراطية والشورى معا , كنهج يجسده البرلمان الاردني بمجلسيه " النواب ... ديمقراطية ... والاعيان ... شورى " في ظلال بلد امن مستقر تحترم رموزه ومؤسساته ويقصى منها كل رويبضة وكل ساذج يعتقد أن بمقدوره وبالفهلوة صياغة الدولة على نحو ما يتمنى , ناسيا أن الدولة الاردنية الهاشمية حتى بفقرها هي أقوى واصلب كيان سياسي في الاقليم كله , ما دامت هي المملكة الجامعة لكل أهلها , فالاوطان " ملك مشاع " لسائر أهلها ولا يملك أحد حق التصرف بها أو بجزء منها دون جميع الشركاء الذين على عواتقهم تقع مسؤولية بنائها والذود عنها , والا فهي ليست أوطانا وإنما مجرد مستوطنات , ولم تكن الاوطان يوما كذلك الا في عرف الصهاينة .

*

ختاما , الهاشميون لم ينتزعوا حكما من احد , وإنما أسسوه وبنوه برفقة رجال افذاذ فنشأ عربيا وإسلاميا ثوابته راسخة , ومبادئه الدستورية خطها كذلك رجال أفذاذ في الزمن الصعب ونفتقدهم اليوم كثيرا ولسوء الحظ , فلقد كانوا رفعة في الترفع عن الصغائر وكانوا عربا بحق , ومسلمين بحق , وأردنيين بحق , ورجالا بحق , ليس بينهم متصيد لاقليمية , أو باحث عن مغنم , أو متاجر بهموم فئة , أو منتصر لجهة , وأنما كان كل واحد منهم وطنا في ثوب رجل , وإنسان بكل ما في الكلمة من معنى , حيث المشاعر لا تعرف الحدود ولا القيود , ولا تهتز الا لذكر الله جل في علاه , والجباه لا تنحني لسواه , وحيث الوجوه مرايا صدق القلوب , فلا حقد ولا ضغينة ولا حسد , ولا إتجار بمشاعر البسطاء من خلق الله المتشبثين بالعيش الامن المستقر بكرامة !.
للملك رأس الدولة علينا جميعا الدعم والنصيحة , وكل خلل في هذا الوجود قابل للإصلاح وبنيات صافية لا شطط فيها , أما الاصرار على إدامة منظومة الاتهام والتلاوم والتجريح وجلد الذات , فذلك شأن لا يستقيم أبدا !.
ولا حول ولا قوة الا بالله





  • 1 الى تعليق رقم 2 15-10-2012 | 09:43 PM

    وأنت إنتظر لترى كيف تموت الافعى ..


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :