الزاد لمن استزاد , وليس الزاد مقصورا على الطعام والشراب , فخير الزاد التقوى , وزاد الراكب الحداء , وزاد الفضلاء القناعة , وزاد أهل الخبرة الحكمة والروية , وزاد أهل العلم غزارة علمهم , وزاد أهل الهمة البذل والعطاء السخي دون منة , وزاد الدولة الواعية الشباب فرسان التغيير .
حقاً, الشباب فرسان التغيير , وأحداث أوطان العرب تشهد , سواء كان التغيير طوعاً أم قسراً , فقد حققوه , والناسي والمتناسي لدور الشباب , يذكره شباب تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا , حين تجاهلت قياداتهم دورهم , وقللت من شأنهم واستبعدت من حساباتها أنهم قادرون على النصر , وأي نصر ؟! المؤزر الذي اجتث الجذور, وأطاح الرؤوس , وفرض النهج والمنهاج , وأتى بصناديق اقتراع معطرة بالأمانة والصدق والشفافية .
الشباب, لا يجوز تجاهل قدراتهم العقلية والبدنية , فهم أهل أفكار وآراء , تواكب تطورات العالم , ولا يقبلون لأوطانهم أن تكون أقل مستوى , وهم أهل الغيرة الشديدة والحماس الأشد المتدفق , والهمة العالية , والمعنوية التي لا تخبو , وأصحاب طاقات مستدامة لا تضعف ولا تهن لسنين عديدة قادمة , وعطاؤهم كما هي البركة المملوءة التي كلما فاضت جاءها المزيد .
الشباب , لا يستسلمون ولا ييأسون , ولديهم حب المغامرة , مع دقة احتساب النتائج وتحملها , ويندر عندهم الخوف , ويرفضون الذل , ولا تنحني رقابهم للظلم , ولا تتوقف ألسنتهم وحناجرهم عن وصف ما يريدون .
تجربة ثورات العرب المعاصرة , التي قادها الشباب , على فساد قياداتهم السياسية, وقياداتهم الإدارية, والبطانات والحيتان والمتنفذين , الراقدون في عش الفساد سنين طوال , تقرع جرس الإنذار لمن سواهم , لسرعة التجاوب مع هذه الكوكبة , بل مع هذه الكواكب المتلألئة المضيئة للأرض والسماء وما بينهما , دونما تباطؤ أو تجاهل أو تحدي .
المتابع للأحداث , يرى كم من دراسات أجريت , في مراكز الدراسات الأكاديمية الإستراتيجية , لفهم أبعاد انبعاث دور الشباب , من الرقاد والسبات العميق , بهذه القوة للقفز والتحرر من الظلم والظالمين , دون تردد بالوصول الى النتائج التي يريدون.
الذين حركوا الحراك , وهبّوا للتحرر في دول العرب , تراوحت أعمارهم في الغالبية العظمى , من الثامنة عشر, واتخذوا من أعمار الثانية والثلاثين قيادات لهم , تدير شؤون حركاتهم , وتخطط لها وتنسقها , بكل كفاءة واقتدار , وكانوا من الطائعين والمنضبطين انضباطاً لم تشهده أكفأ الجيوش تنظيماً وتدريباً وتأهيلاً .
نصيحة صادقة , تفرز منهاج عمل صادق , للدولة المتطلعة للأفضل حقاً , تخطيطاً وبناءً وتطويراً , عليها التوجه الى استغلال طاقات الشباب , توجهاً صادقاً, لا ريبة فيه, ولا مماطلة ولا تخدير , حتى تنجح وتنمو ويستقر أمنها , والحذر الحذر, إذا ذهبت عاصفة , أن تكون مدعاة للأمن والأمان, فقد تأتي عواصف أخرى أقوى وأشد فتكاً.
حمى الله الاردن وشعبه ومليكه .
abeer.alzaben@gmail.com
الدستور