تلقيت الكثير من ردود الأفعال المنتقدة لمقالي المنشور قبل ايام بعنوان “ماذا تريد المعارضة؟” والذي عبّرت فيه عن عدم وضوح خطاب المعارضة/ المعارضات الأردنية وعدم وجود خطة منطقية تطرحها تيارات المعارضة. وكالعادة جاءت الانتقادات للمقال على شكل سلسلة لا تنتهي من الشعارات السياسية والتساؤلات التي تستغرب من كوني متابعا للوضع السياسي ولا أزال “لا أعرف” ما الذي تريده المعارضة، وبالطبع لا يخلو الأمر من الاتهامات “بالتسحيج” والنفاق للحكومة! حتى نفهم ما الذي تريده المعارضة الأردنية بالتحديد وبدون غموض وشعارات غير مقنعة ربما يكون الحل الأفضل في عقد مؤتمر وطني لمدة ثلاثة أيام يناقش ثلاثة محاور رئيسية وهي المحور السياسي والاقتصادي والتنموي وذلك على الوجه التالي.

يناقش المؤتمر في اليوم الأول البعد السياسي من خلال جلستين، الأولى تتعلق بالتعديلات الدستورية والثانية بقانون الانتخاب. في الجلسة الأولى تقدم أحزاب وتيارات المعارضة المختلفة رؤيتها للتعديلات الدستورية التي حدثت فعلا ومطالبها المحددة في التعديلات التالية حتى يكون الموقف واضحا للجميع. وفي الجلسة الثانية تتم مناقشة أفضل الخيارات التي تملكها المعارضة بتوجهاتها المختلفة حول قانون الانتخاب وهل المطلوب قانون بـ”3” اصوات أو أصوات بعدد نواب المحافظة أو الدائرة الانتخابية أو قائمة نسبية 50% أو قائمة نسبية 100%؟ يجب أن تكون هذه التفاصيل واضحة ومحددة ولا تتوقف فقط عند جملة “قانون انتخاب عصري وديمقراطي”.

اليوم الثاني يكون مخصصا للمحور الاقتصادي حيث يتم في الجلسة الأولى مناقشة عجز الموازنة وكيفية سداد هذا العجز مع معادلة المصاريف الجارية وخاصة الرواتب في القطاع العام وتقليص النفقات الرأسمالية وكيفية تأثير ذلك على الإنتاجية الاقتصادية. على المعارضة أن تقدم حلولا واقعية وفي حال أرادت “إلغاء الاتفاقية” مع صندوق النقد الدولي فهنالك ضرورة لتحديد مصادر أخرى للتدفق النقدي لدعم الخزينة. في الجلسة الثانية يجب مناقشة قضايا الفقر والبطالة وكيفية معالجة هذا التحدي المزدوج في المحافظات والمدن ضمن المعادلة الاقتصادية القائمة حاليا والمأمولة في المستقبل.

اليوم الثالث يكون مخصصا للمحور التنموي حيث يتم في الجلسة الأولى مناقشة كيفية معالجة تحدٍّ ثلاثي مشترك هو الطاقة والمياه والغذاء وخاصة في سياق الحفاظ على أو تقليل الدعم المقدم لهذه القطاعات وكيفية رفع الإنتاجية الغذائية وايجاد بدائل لمصادر الطاقة والمياه أيضا ضمن السياق الواقعي للحال في الأردن. في الجلسة الثانية يتم مناقشة كيفية توزيع مكتسبات التنمية بعدالة في المحافظات وكيفية تحقيق نمو مستدام في المحافظات المختلفة باستخدام الموارد الطبيعية والمؤسسية والمالية الموجودة لديها.

الشعارات والبيانات والخطابات والتصريحات لا تصنع الفارق ولكن التفكير والعقل والمنطق والعلم والتخطيط هو الذي يقدم خطابا عقلانيا للمعارضة. أتمنى أن تملك المعارضة الأردنية ثلاثة ايام بدون شعارات لتعقد هذا المؤتمر وتطرح توصيات وبدائل متفق عليها تقنع الناس بجدواها وتقدم خيارا بديلا للسياسات الحكومية التي تراها غير مقنعة.

batirw@yahoo.com
الدستور