من العبدلي الى "الرابع" ... ولكن ماذا عن ... و"بالعكس"؟!
جمع الجناحين بعنايه وتدبّر وضمهما معا, وضرب برجليه الأرض وأقلع, فحلًّق النسور في الفضاء السياسي الأردني ما حلًق, حتى وصل عنان سمائها, واجتاز "سقف حريتها" بسهولة, حتى قبّل "سدة حكمها", واستقر هناك وهو يعلم أنه ليس ببعيد, فبلغ ما بلغت به أمانيه, فانتزع أحلامه انتزاعا بجناحيه... حتى راّى من "ايات الربيع الكبرى" حيث استدارت له "الولاية العامه" بعظيم جمالها وجلال فتنتها, وقد مدّت "يدها" وقالت له ... هيت لك... فردّد بدون تردد ... لبيك لبيك!!
جمع النسور جناحي الحكمة والدبلوماسية وركب ريح "المعارضه" حتى سابقها وسبقها, واتقن لغتها وعرف مفاصلها وتعرجاتها وشعابها, فاشتم أثرها بدراية وفطنه وانطلق واثقا بجناحيه عاليا. فأتقن حرفة "رجل الدولة المعارض" في اّن واحد, وهي من أصعب الأدوار السياسية امتهانا وحرفة, حيث فشل الكثيرون في ترويض دورها واحترافها. فكسب ود "الفوق" و"التحت" وحدث له ما حدثّ!
بالتأكيد, لقد كان رجلا فطنا ذكيا, فقد نال ما نال من المناصب والمواقع حتى عافها, ولم يبق أمامه سوى هذا القرار "المكين". فاجتاز بامتياز الدوار الاول والثاني والثالث بمؤسساتها ووزاراتها ووصل الى مشارف الرابع وقد عصت عليه اجتيازها, فاختار "تحويلة العبدلي" مبلغا اليها ... وانتزع الرابع بحمكته على اثرها انتزاعا. في وقت الهرج والمرج, كان رجلا متزنا وذو بصيرة لم يستهويه الجواز "المتلون" ولم تستهويه أجنحة أوكرانيا كما استهوت الذين من حولة, فهواه اكبر من ذلك بكثير, لانه رجل متمرد عن "الدونية", طموح, متعقل, يعرف ما يريد, فحزم أجنحته من قبة البرلمان وعزم الامر وهبط في الرابع, في زوبعة الربيع العربي والاردني باستقرار, ولكن يشوبه شيء من البلل.
اما الان وقد شارف على العودة, بحكم طبيعة المهمة ومدتها, قد نسأل وقد يتسائل هو في قرار نفسه, وهو ذكي متمكّن حصيف, يعرف من أين يؤكل الكتف و الدماغ واللسان, بأي من الجناحين الذين صعدا به الى ما هو عليه الان سيهبطا به الى القاعدة التي حملته, والى المدرّج الذي اقلع منه, خاصة اذا ما اراد الاقلاع تارة اخرى, ان اراد ذلك يوما ما وسولّت له أمانيه وأمنياته مرّة اخرى والى ما بعد "الرابع" بقليل؟!
لن يستطيع النسور أن يصلح ما أفسده الاخرون, وهو يعلم ونحن ندرك ذلك تماما. وهذه نقطة تبدو "لصالحه" كونها ستسهل من مهمته كرئيس, كونه "غير مسؤول" عمّا "اقترفه" الاخرون. وربما قد يرفض "هيت لك" لو عرضت عليه في الفتره السابقه. في فترة "الغياب" البرلماني, يبقى هناك ثلاث تحديات أمام النسور حاليا: تحدي الذات والقيم التي طار بهما الى الرابع كونه من "المعارضه" هذه المره, وتحدي الاوضاع السياسية والاقتصاديه الراهنه كونه رجل دولة في هذه المناسبه, اما الاخيره فهي تحدي "دبلوماسيته" التي قد تنقلب عليه ان لم يتقن صنعها الان. في المقابل,هنالك أيضا يبدو مخرجين للنسور للتغلب على هذه التحديات, يكمنان في فن "الخطابة والاتصال" وفن "الادارة والتسويق". على أن يمرر برنامجه ومهمته بنجاح, عليه ان يسوق" اليوم ما لم يقتنع" به اليوم والامس, وهذا يتطلب ادارة فائقه لفريقه الوزاري من جهة والتواصل المكثف مع الشارع بخطاب "مقنع" ويتقبل الخطاب الاخر ويحتويه لا ليخترقه. قد ينجح النسور بلباقته ودماثته وتواضعه ومنطقه والاهم من ذلك بحنكته... ولكن ماذا يخبئ الشارع من مفاجئات وماذا يخبىء فريقه من أخطاء, وماذا يخبئ "يلي حوليه" من قرارات, متغيرات متوقعة يجب أن تبقى في الحسبان!
الخلاصة: ... لكل زمان ... دولة ... ورئيس دولة... ورجال!
باختصار, بما أن الرواية واحده, والنهاية واحده, والادوار لن تتغير ولن تتبدل, والممثلون باقون, والسيناريو مصون, فعلى النسور ان يتقن "فن الاخراج" أكثر من غيره فقط لا غير, فان استطاع, يستطيع الهبوط بسلام والاقلاع بذات الجناحين ولكن قد يكون باتجاه مختلف, ان اراد ذلك وكيفما ارادت وتبدلت وجهة الرياح والرجال والأقدار ... ولكن هذا لا يعني ان هبط هو "بسلام" ان يهبط معه بالاردن "بسلام", لان قضية الاردن بحاجه الى أكثر من قضية
... رئيس وزراء!!
Dr_waleedd@yahoo.com