لم يكن يوم أمس عاديا في حياة الاردنيين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي الخامس عشر بحرية قل نظيرها ، وبما يؤكد استمرارية الحياة الديمقرطية التي أرادها قائد الوطن عنوانا للاردن الجديد المتطلع إلى آفاق أرحب من الحياة السياسية القائمة على التفاعل بين القيادة والقاعدة ، خاصة الشباب الذين استجابوا لدعوته النبيلة في ان يكونوا مكونا هاما من مكونات هذه الحياة .من المنتظراليوم أن تكون معظم نتائج اقتراع امس قد ظهرت ، وبما يبلور صورة المجلس الجديد ، المنتظر منه أن يكون فاعلا في مجالي الرقابة والتشريع ، وهما المهمتان الرئيستان لاي مجلس نيابي ، وبأمل أن لايتوقف الدور عند حدود التوسط من أجل وظيفة لاحد المحازبين ، أو نقل معلم من موقع لايرغب في التدريس فيه ، أو ادخال طالب إلى الكلية التي يرغب ، رغم علمنا أن مواطننا يعتبر ذلك من واجبات نائبه ، ولكن على أن لايقتصر الدور على مثل هذه القضايا الصغيرة في حياة الوطن ومسيرته الديمقراطيه .
وإذا كنا ندرك سلفاأن بعض من لم يواتهم الحظ في الجلوس تحت قبة البرلمان سيتهمون الحكومة بالتزوير أو التدخل في سير العملية الانتخابية لغير صالحهم ، فان المؤكد أن هؤلاء سيعودون إلى قواعدهم الانتخابية ليتأكدوا من عدم واقعية اتهاماتهم التي يطلقونها لتعزية أنفسهم أولا ، وللايحاء بان فشلهم لم يكن نابعا من ضعف التاييد لهم ، أو أن منافسيهم كانوا الاقوى فعلا ، وبالتالي الاجدر بعضوية مجلس النواب .
المشكلة تكمن في الذين اتهموا الدولة بالتخطيط لافشالهم قبل أن تبدأ العملية لثقتهم بضعف قواعدهم ، رغم علو صوتهم ، وللتغطية على عجزهم عن تبرير سياساتهم للمواطنين ، وهؤلاء كانوا طالبوا بما يتناقض مع الدستور الذي يفترض أنهم يحترمونه ، والقوانين التي شارك بعضهم في صياغتها ، من قبيل استقدام مراقبين ، لا ندري من أين ، ليؤكدوا سلامة الاجراءات ، ونزاهة العملية الانتخابيه .
وإذا كانت بعض الهنات برزت هنا أو هناك ، فان ذلك منطقي في مجتمع شارك أكثر من مليون من أعضائه في عملية استمرت يوما واحدا ، وهي هنات تعرفها كل العمليات الانتخابية في كل دول العالم ، ولا يمكن النظر إليها باعتبارها مقصودة لذاتها ، فالاصل أن الجميع توجه إلى ( عرسنا الديمقراطي ) بنية صافية ، وقلب مفعم بحب الوطن والانتماء اليه ، وعقل يدرك جيدا طموحات قائد الوطن في رؤية الاردن وهو يتبوأ المراكز الافضل بين دول المنطقة من حيث احترام رأي المواطن وارادته .
صحيح أن الكثيرين من اعضاء المجلس الجديد لم يطرحوا برامج ، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعيه ، وأن الكثيرين وصلوا بدعم عشائرهم ، أو احتراما لتاريخهم ، لكن هؤلاء سيجدون انفسهم أمام حقيقة الدور الواجب عليهم حين توضع بين أيديهم أمانة التشريع ، وحين يجدون أنفسهم امام مهمة الرقابة على السلطة التنفيذية ، وحين يكونون على ثقة بان مستقبل الوطن وديعة بين أيديهم وان عليهم الحفاظ على هذه الوديعه .
لايملك المخلصون للاردن وتجربته الديمقراطية التي يرعاها القائد بكل الحرص على إنجاحها غير التمني بان يكون مجلسنا النيابي الخامس عشر على قدر الآمال المنوطة به ، وعلى قدر التحديات التي تواجه وطننا في معركته الاساسية مع فقر الموارد والرغبة في التنميه ، إضافة إلى المعارك الاقليمية التي تشتعل نيرانها عند أطراف حدودنا ، والتي تتطلب منا حرصا مضاعفا على النأي ببلدنا عن شررها، وعلى إثبات ان هذا الوطن الصغير حجما سيظل الاكبر أفعالا ، والاقدر على متابعة نجاحاته في كل الميادين .