«لا مع سيدي بخير .. ولا مع ستي بخير»
عريب الرنتاوي
13-10-2012 06:47 AM
خلال الأسابيع القليلة الفائتة، تعرض الأخ خالد مشعل لحملة شعواء من صحافة وإعلام معسكري “المقاومة” و”الاعتدال” على حدٍ سواء...عن المعسكر الأول؛ شنّ التلفزيون السوري الرسمي وصحيفة “كهيان” الإيرانية وجريدة “الأخبار” اللبنانية المقربة من حزب الله، الحملة الأعنف على الرجل، وصفته بأقذع الصفات: المقاوم المتشرد...ناكر الجميل...”وليد جنلاط فلسطين”...إلى غير ما هنالك.
أما صحيفة “الشرق لأوسط” السعودية، ممثلة لمعسكر “الاعتدال”، فقد قالت في الرجل كلاماً شبيها، ولا يقل قسوة عن سابقتها...وصفته بالمتقلب الذي لا يؤمن جانبه، ناكث العهود و”نهّاز الفرص”...فيما يشبه شهادة الاعدام السياسي للرجل، ساندتها في ذلك، وسائل إعلامية خليجية، تخصصت بالهجوم على “الإخوان” وشيطنتهم، أقله منذ اندلاع “الربيع العربي”.
والخلاصة، أن العام 2012 لم يكن أفضل الأعوام في حياة رئيس المكتب السياسي وتجربته السياسية، فالرجل “لا مع سيدي بخير...ولا مع ستي بخير”...وأحسب أنه بات بالإمكان إدراج الرجل في قائمة “ضحايا الأزمة السورية”...وزاد الطين بّلة، أن خيارات الرجل السياسية والفكرية، لم تعد تحظى بقبول في أوساط الحركة ذاتها، وخصوصاً من قبل “تيار غزة” المؤلف من تحالف المتشددين إيديولوجياً وأصحاب الشهية المفتوحة للسلطة و”مليونيرية الأنفاق”، الذين نجحوا في إحباط “اتفاق الدوحة” وعطلوا مسار المصالحة.
لكن الرجل ما زال يحظى بدعم أطراف إقليمية ودولية فاعلة...رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي فوجئ بخبر خروج مشعل من السباق على رئاسة المكتب السياسي للحركة، جعل منه “ضيفاً رئاسياً” على مؤتمر حزب العدالة والتنمية الأخير...فيما قطر كما تقول بعض المصادر الإعلامية،فانها تبحث لمشعل عن دور في إطار التنظيم العالمي للإخوان، إن هو فقد دوره في حماس...أما إخوان مصر “الحاكمون”، فإن لهم “هوى غزيّ” مثلما لأهل غزة من حماس، “هوى مصري” لا يخفى على أحد.
على أية حال، فإن أغلب التقديرات تؤكد أن أيام “أبو الوليد” في قيادة حماس باتت معدودة، ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان...فيما أغلب الترجيحات تميل لترشيح إسماعيل هنية أو الدكتور موسى أو مرزوق لخلافة مشعل، في الوقت الذي سيصعد فيه عددٌ من “صقور” الحركة إلى سدة المكتب السياسي ومجلس شورى الحركة الجديدين، في ضوء نتائج الإنتخابات الأخيرة للحركة.
ولكي لا يختلط الحابل بالنابل، فإن خلافات الصقور والحمائم في السياق الحمساوي الداخلي الراهن، لم تعد تتصل بالموقف من “المقاومة” و”الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل بالموقف من المصالحة الوطنية الداخلية ومستقبل قطاع غزة، فالمؤيدون للمصالحة وأنصار إنهاء الإنقسام هم “حمائم” الحركة اليوم، و”التحالف” الذي أطاح بـ”اتفاق الدوحة” هو العمود الفقري لـ”تيار غزة” وصقورها.
لهذا السبب بالذات، نظرنا لخروج مشعل من “السباق الرئاسي” بوصفه ضربة موجعة للمصالحة الوطنية الفلسطينية، وأحسب أن هذا الملف، قد طوي حتى إشعار آخر.
ويزيد الطين بّلة، أن مشكلة المصالحة الفلسطينية مع “الوسيط المصري” ما زالت على حالها....فالإنحياز القديم لفتح والسلطة والرئاسة الذي ظل نظام الرئيس المخلوع ينتهجه في علاقاته الفلسطينية، انتهى إلى انحياز آخر، يمارسه “حكم الإخوان” في مصر، ولكن إلى جانب حماس، حركة وحكومة هذه المرة...كلا الإنحيازين، لعبا دوراً مؤثراً في تعطيل مسارات استئناف الحوار واستعادة الوحدة الوطنية.
الدستور