المحصلة للسياسات الاقتصادية
سلامه الدرعاوي
11-10-2012 04:00 AM
حتى لا يبقى المواطن اسير التباينات في التصريحات حول نجاح السياسات الاقتصادية او فشلها، فان الامور تقاس في النهاية بنتائجها على ارض الواقع، فهي التي تثبت فاعلية تلك السياسة ام اخفاقها، ووحدة القياس هي ما تحقق فعلا لا قولا.
السياسات الاقتصادية المختلفة شددت على معالجة المديونية والعجز، ورغم تحرير الاسعار بشكل متفاوت فان النتائج في هذا المجال كانت مخيبة للامال، فالمديونية تجاوزت السقوف القانونية ووصلت الى اكثر من 15.2 مليار دينار، في حين ان العجز قبل المساعدات تخطى الملياري دينار.
صحيح ان الحكومات انفقت اكثر من مليار دولار على مشاريع محاربة الفقر لكن النتائج النهائية لمسوحات وزارة التخطيط كشفت عن ارتفاع جيوب الفقر من 20 جيبا الى 30 جيبا، في حين ان معدلات البطالة مازالت تروح مكانها بين نسبب تتراوح بين 12-14 بالمائة، وقد تكون هذه نسب مريحة الى حد ما، لكن المقلق ان تباطؤ الاقتصاد في العامين الاخيرين سيضع القطاعين العام والخاص امام تحد كبير في خلق فرص عمل لاكثر من 88 الف خريج سنوي من الجامعات والكليات والمعاهد في المملكة.
لطالما تحدثت الحكومة باسهاب عن عمليات ضبط الانفاق، والنتيجة الحتمية التي صار اليها الاقتصاد الوطني ان انفاق الدولة ارتفع من 2.2مليار دينار سنة 2001 الى اكثر من 9 مليارات دينار مع موازنات المؤسسات المستقلة، رغم ان النمو الاقتصادي بقيت معدلاته بحدود تتراوح بين الـ5-6 بالمائة، اي ان انفاق الدولة تضاعف باكثر من ضعفي دخل الدولة المتاتي من النمو.
الحديث لم ينقطع ابدا عن هيكلة القطاع العام وترشيده، والنتيجة التي نشاهدها اليوم هو ان عدد المؤسسات المستقلة التي كان يبلغ عددها 32 مؤسسة سنة 2003 تدر وفرا على الخزينة يتجاوز ال126 مليون دينار، بات اليوم عددها 63 مؤسسة بانفاق ملياري دينار، وعجز يقترب من المليار هو الاخر.
حتى الصادرات الوطنية التي كان الاردن يعول عليها الكثير في تعزيز موقعه في الاقتصاد العالمي باتت هي الاخرى عرضة للهزات بسبب تداعيات الوضعين المحلي والاقليمي المضطربين، وبتنا في الشهرين الاخيرين نشاهد تراجعا نسبيا فيها، مصحوبة بنمو كبير في المستوردات الامر الذي زاد من العجز التجاري بشكل هائل تجاوز ال30 بالمائة في النصف الاول.
وهذا الامر ينطبق على احتياطات المملكة من العملات الصعبة التي انخفضت 37 بالمائة منذ بداية العام واكثر من 60 بالمائة مما كانت عليه عام 2009، وقد وصل الامر الى مستوى محرج في الاونة الاخيرة لولا قدوم المساعدات والمنح الى الخزينة في الايام الاخيرة التي مضت وساهمت بتعزيز الاستقرار النقدي في المركزي.
حتى على مستوى السياسات الداخلية وانعكاستها على الامن المعيشي للمواطنين، شهدت المملكة حالات من العنف غير مسبوقة خاصة في الجمعات، اضافة الى ذلك لم يعد هناك اعتبار لمؤسسات العمل الفردي والمشاريع الصغيرة كما كان في السابق، والاغرب من ذلك كله ان القطاع الخاص اليوم يعاني صعوبات كبيرة في انشطته ومشاريعه ولا يوجد من يبحث قضاياه في الوقت الذي تظهر فيه الاعتصامات المطالبة بحقوق مالية بحتة، وسواء اكانت منطقية ام غير ذلك فان مجتمع رجال الاعمال يشعرون بالعزلة ولم يعودوا يعتبرون انفسهم شركاء في التنمية.
هناك مقاييس اقتصادية كبيرة يمكن الاخذ بها حتى نعرف اين اوصلتنا السياسات الاقتصادية المختلفة، لكن الاهم من ذلك هو اخذ العبر من اخطاء الماضي، وبناء سياسات جديدة تكون اكثر قربا من هم المواطن وتدرس احتياجاته وتبني وتخطط لاقتصاد وطني ضمن امكاناته بعيدا عن الفهلوة الاقتصادية التي اودت بنا الى ما نحن به الان.
Salamah.darawi@gmail.com
الرأي