ينشغل الأردنيون بتشكيلة حكومة النسور أياماً، ولن يلحظ أحدهم أن نسبة المصابين بالسمنة والاكتئاب في تزايد، سواء انزاحت التشكيلة يميناً أو يساراً.
"سمنة" لا صلة لها بتسمية الرئيس، فهي مرتبطة بالإقبال المتزايد على الوجبات الجاهزة والخبز – بأنواعه- لدى غالبية المواطنين، الذين يُعرضون حياتهم للخطر بسبب نوعية غذائهم، في وقت تتراجع فيها الخدمات الصحية والإنفاق عليها من قبل الحكومات المتعاقبة.
على أن "زيادة الوزن" لا تحول دون توزير أحدهم، طالما أن الترشيحات تتطلب تزكية جهات تفرض أوزاناً ومعايير مختلفة.
واكتئاب تُمليه ظروف عملهم وأجورهم المنخفضة سواءً في القطاع العام أو الخاص - الذي يمتلك مطاعم وشركات اتصالات وألبسة وغيرها- ويرفض انتساب موظفيه إلى نقابات، ويفرض عقود عمَل تمتهن إنسانيتهم.
وماذا عن أولئك المنخرطين في نقابات واتحادات عمالية؟ إنهم يتهربون – كذلك- من معالجة عوارض الاكتئاب والقلق الناتجة عن تردي ظروفهم المعيشة، كما أيقن بعضهم أن لا وجاهة لاحتجاجه، لعدم ثقته بحكومات تعد بزيادة شحيحة، ولا تفي بعهودها.
"وفاء" في الاتجاه المعاكس تقرره شروط المساعدات الدولية، التي تلزم الدول المستدينة رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، وزيادة الضرائب، وتقليص عدد العاملين في مؤسسات الدولة.
أوضاع اقتصادية تعيدنا إلى السيَر الذاتية لرؤوساء ووزراء سابقين، حيث يُنظر إلى شهادتهم الجامعية المتوسطة والعليا في الاقتصاد والإدارة بعين الاهتمام، ويُركز الإعلام على عناوين أطروحاتهم، لكن سرعان ما تغيب هذه المعلومات حال خروجهم من السلطة، والإعلان عن زيادة المديونية والبحث عن قروض ومنح جديدة.
"خروج" و"دخول" لا يتوقفان، ويثبتان مقولة الأديب الأورغواني إدوارد غاليانو حين شبّه السلطة بالكمان: "أخْذ باليسرى وعزف باليمنى".
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم