معرضُ نون للكتاب المستعمل: شغفٌ عمّانيٌّ بالقراءة
08-10-2012 02:52 AM
عمون - سلوى حماد وريم بازيان-عمان
تصوير : الاء الشنطي
إنّه "السر في ذلك الحرف الذي تسلل إلى كلمة الكتاب ليجعل منها مفردة بديعة "انكتاب"، حيث تكون التشاركية والتعاون والتفاعلية في العمل، فنقرأ ونلتقي ونتحاور ونعرض..."، هكذا بيّن لنا وصفي القدومي، المنسّق في "انكتاب" سبب اختيار اسم (نون) للمعرض الذي زاره المئات من الناس. "معرض نون للكتاب المستعمل" أقامته مجموعة "انكتاب" في شارع الثقافة بالشميساني مساء الإثنين الأول من شهر تشرين أول الحالي، بدعمٍ من مديرية الثقافة في أمانة عمان الكبرى، وبرعاية جملون، وبالتعاون مع فريق إنسان، ومتطوعي إربد، ونادي الكتاب Book.96 . وشارك في الحدث 60 متطوعاً للبيع والتنظيم، كما استمرّ العمل في المعرض لمدة شهرين، بحسب القدومي.
المعرض انبثقت فكرته من رواد "انكتاب" الذين بحثوا عن وسيلة يحصل فيها الناس على الكتب بأسعار رخيصة، فأقاموا معرض انكتاب الأول في الحادي والثلاثين من أيار الماضي في دوار باريس، وحقّق نجاحاً وإقبالاً مميزاً، حيث بيع أكثر من 2700 كتاب، بحسب المنسقة في المعرض شادن عبد الرحمن. في هذا المعرض جمعوا أكثر من اثني عشر ألف كتاب في مختلف المجالات، وهدفوا من خلال هذا العمل المجتمعي الشبابي تمكين أصحاب الدخل المحدود من اقتناء الكتب، كما أرادوا تقديم الكتب المستعملة بطريقة أنيقة وبعناوين قوية، خاصة أنّ معظم جمهور "انكتاب" من الشباب.
اشتمل المعرض عدة زوايا للكتب، ككتب الأدب وكتب الفكر والفلسفة، وكتب السياسة، والكتب الدينية، كما ضمّ زاوية للمجلات وزاوية للكتب باللغة الإنجليزية، وأخرى للأطفال وواحدة للكتب الجامعية التي احتشد حولها طلاب الجامعات من التخصصات المختلفة. وبالإضافة إلى الكتب كانت زاوية لاكسسوارات الكتب يدوية الصنع، بعضها تقوم بعمله حنين عبيدات، التي أخبرتنا أنها تستغل عادة معارض الكتب لتعرض منتجاتها الفنية التي تستعمل كفواصل وعلامات للكتب، كما عبّرت عن سعادتها بالإقبال الكبير من زوار المعرض على منتجاتها.
في زاوية أخرى من زوايا المعرض أعلنت مجموعة "خطوة" عن انطلاقها وعرّفت الزوار بفكرة المجموعة التي انبثقت عن "انكتاب"، وتقوم على عقد جلسات لمناقشة الكتب، ستكون الأولى في العشرين من تشرين الحالي، يناقشون فيها (عائد إلى حيفا) لغسان كنفاني، كما ستمكّن "خطوة" الأعضاء الجدد من تقديم الاستفسارات ونيل المشورة بخصوص الكتب التي سيبدأون رحلة القراءة معها، حيث تراعى توجهاتهم وأعمارهم، ذلك بحسب محمد أبو صليّح، المسؤول في انكتاب.
وعبّر الكثير من الزوار عن ابتهاجهم بهذه الآلاف التي زارت المعرض، وأرادت اقتناء الكتب، في دليل صريح على أنّ الشعب الأردني يحب القراءة حين تتاح له الظروف المناسبة، كما قالت إحدى الزائرات (السيدة فدوى) التي جاءت مع ابنتها، إنها سعيدة جداً بأن غالبية الموجودين على أرض الحدث من الشباب، ويقبلون على شراء الكتب منهم، مما ذكّرها بوقت سابق من عمرها حين كانت أمّها تحذرها من أن (تخرّب الكتب عقلك) فهي الآن مغتبطة بكل هذا الخراب الذي سببته الكتب، حسب تعبيرها. وقد رأينا عدداً من العائلات التي أحضرت معها أطفالها لتجد لهم كتباُ مناسبة لتعويدهم على القراءة، حيث ازدحمت زاوية الأطفال بالأمهات، وأخبرتنا إحداهنّ أنها تبدأ بإحضار الكتب لأبنائها من السنة الأولى في عمرهم. ووجّه الحضور الشكر للقائمين على هذه الفكرة "المميزة والنبيلة" . فيما انتقد عدد آخر من الحضور الازدحام الشديد وضعف التنظيم فيما يخص التكالب على الكتب مما حرم عدداً كبيراً من الناس الحصول على أي كتاب، كما قال ذلك (محمد) الذي خرج صفر اليدين من الكتب، واقترح (مصعب) أن يكون التنظيم على شكل صفوف تدخل من جهة، وتخرج من الجهة المقابلة لتدور على كل زوايا المعرض بانتظام.
كما شهد المعرض تجمعات ثقافية مختلفة لشباب من مختلف الانتماءات الفكرية والثقافية، حيث وجدنا العديد من المجموعات التي تناقش مواضيع مختلفة تخص الثقافة ووضعها المحلي، حتى وصف بأنه أشبه ب(سوق عكاظ عمّاني).
وعلى هامش المعرض وجدت زاوية لتوقيع الكتب، وقع فيها كل من: حسن الحلبي "لأنّك ميتة يا زوجتي العزيزة"، والدكتور أيمن العتوم "يا صاحبي السجن" و "نبوءات الجائعين"، وربيع ربيع "الذاكرة لا تعشق"، وعلا عليوات "قبل السفر".
وازدحم الناس في وقت توقيع الدكتور أيمن العتوم روايته وديوانه، وامتدت طوابير طويلة مما دفع القائمين بتمديد فترة توقيع كتب العتوم ريثما يحضر المزيد من النسخ من كتابيه. وأخبرنا عدد من المتجمهرين أمام طاولة العتوم بأنّ سمعة الرواية "يا صاحبي السجن" التي تتحدث عن فترة سجن المؤلف، قد جذبتهم جداً لشرائها.
الدكتور العتوم الذي كان موزّعاً بين توقيع كتابيه، وبين تلقي السلامات والتحايا من طلابه الذين جاؤوا يحصلون على توقيعه، أبدى في حديث لنون سكوير فرحته بهذا التجمع الكبير للشباب المقبل على القراءة، وقال إنّه "لو كنا في دولة تحترم نفسها لجاء رئيس الوزراء يقبّل رؤوس القائمين على المعرض"، وصرّح بأنّه قدّم هذه النسخ من كتابيه لزوار المعرض على حسابه الشخصي، إذ بيعت الكتب بأقل من أسعارها الأصلية، وذلك من أجل المشاركة في هذا الحدث الثقافي الجميل، كما قال "حواري مع الإنسانية، وليس مع دين أو فئة معينة،
وأقبل الآخر ليوصل إلي فكرته وأوصل إليه فكرتي"، وعبّر عن سعادته بأنّ معظم جمهوره من الشباب، وأنّه يجدهم الآن في هذا الحدث للاحتفال بالقراءة.
عن مجلة نون سكوير