من هو صاحب القرار في صندوق استثمار الضمان؟
زياد الدباس
07-10-2012 01:28 PM
قبل الاجابة على عنوان المقال لابد من الاشارة الى الحقائق الهامة التالية
الحقيقة الاولى الهدف الرئيسي من تاسيس صناديق التقاعد هو تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمشتركين لمجابهة تحديات الحياة ومتطلباتها المستقبلية ومنحهم الشعور بالأمن والاستقرار والطمأنينة وحيث ان المصدر الرئيسي لإيرادات هذه الصناديق هي اشتراكات المؤمنين يضاف اليها العائد من استثمار هذه الإيرادات بالأدوات والفرص الاستثمارية المختلفة فان أموال هذه الصناديق ليست أموال للحكومة كما يعتقد البعض بل هي ملك لمئات الآلاف من المشتركين في الضمان سواء من القطاع العام او القطاع الخاص ومن حق المشتركين بصورة خاصة والمحلليين والمراقبين بصورة عامة الاطلاع دورياعلى تفاصيل اداء وموجودات هذه الصناديق في ظل توفر جهات استثمارية دولية محايدة تتولى تقييم اداء استثمارات صناديق التقاعد للتأكد من مهنية واحترافية المشرفين على إدارة استثماراتها اضافة الى التاكد من جودة أصولها المختلفة ومقارنة أدائها بأداء الصناديق المماثلة في أنحاء العالم وجودة الإفصاح والشفافية في هذا الموضوع يساهم في تعزيز الثقة في إدارة الصناديق بينما يؤدي غياب الإفصاح والشفافية الى خلق بيئة خصبة للإشاعات والتي لاحظنا انتشارها خلال الفترة الماضية وتزامنت مع تغييرات رؤساء الوحدة الاستثمارية
الحقيقة الثانية استثمارات أموال صندوق الضمان بطبيعتها طويلة الأجل لتغطية الالتزامات المستقبلية التي تنمو من سنة الى اخرى بسبب الارتفاع المتواصل في عدد المشتركين كما ان النمو المتواصل في التضخم يفرض على صناديق الضمان استثمار أموالها للحفاظ على قوتها الشرائية وبالتالي فان قرارات استثمار أموال الضمان يجب ان لا تخضع لأية عوامل سياسية او اجتماعية ولا تدخل في مضاربات ترفع مستوى مخاطر استثماراتها وتتبع المعايير الدولية في إدارة أموالها وفي مقدمة هذه المعايير اعتبارات العائد والمخاطر عند اتخاذ اي قرار استثماري للحفاظ على أموال المشتركين اضافة الى الكفاءة في توزيع الاموال المستثمرة على الأدوات الاستثمارية المختلفة لتنويع العوائد وتنويع المخاطر ومشاركتها او مساهمتها في اي مشروع اقتصادي او استثماري يجب ان يكون مستند الى أسس تجارية بحتة ولا يفترض ان تكون المشاركة قد تمت باوامر حكومية لتحقيق هدف سياسي او اجتماعي لا ياخذ في الاعتبار مصلحة أموال المشتركين بل يجب ان يخضع القرار لعدة معايير يأتي في مقدمتها دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقترحة والعائد المتوقع تحقيقه ومخاطر الاستثمار في هذا المشروع وبناء عليه يتم اتخاذ القرار الاستثماري المناسب
الحقيقة الثالثة جميع المدراء الذين تعاقبوا على إدارة صندوق الضمان الاجتماعي حسب معلوماتي ورأيي الشخصي يتمتعون بكفاءات وخبرات مالية واستثمارية متميزة ابتداء من السيد مفلح عقل مرورا بالشريف فارس شرف ثم الدكتور ياسر العدوان وأخيرا الدكتور هنري عزام والمشهود له بالكفاءة المصرفية والمالية على مستوى المنطقة وتركز نسبة هامة من استثمارات صندوق الضمان في سوق عمان المالي والذي يحمل معه مخاطر عديدة وهي المخاطر التي تعاني منها معظم الاسواق العالمية وحيث لاحظنا حجم الخسائر التي تعرضت أموال الصندوق منذ بداية تاثيرات الأزمة المالية العالمية على اسواق المنطقة وتأثيرها السلبي القوي على سوق عمان المالي هذا التركز لا اعتقد انه يتفق وقناعات المدراء الذين تعاقبوا على إدارة الصندوق وهنا لابد من الاشارة الى المقالات التي نشرتها عامي٢٠٠٨ و ٢٠٠٩ ولقائي في صيف عام ٢٠٠٩ مع الشريف فارس شرف عندما كان رئيسا للوحدة وحيث اشرت في هذا اللقاء الى مخاطر تركز الاستثمارات في الأسهم اضافة الى الحصة الكبيرة التي يملكها الصندوق من اسهم البنك العربي ومخاطر انخفاض قيمة اسهم البنك وحيث تشير المعلومات الى ان خسائر الصندوق من تراجع اسهم البنك العربي منذ بداية التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية تجاوزت المليار ونصف مليار دينار بعد التراجع الكبير في سعر اسهم البنك واقترحت في تلك الفترة بيع حصة من اسهم البنك وشراء اسهم بعض البنوك الخليجية لتنويع العوائد والمخاطر والتي كانت تتداول بأقل من قيمتها العادلة واقل من سعر اسهم البنك العربي وتعكس اقتصاديات قوية واستنتجت في تلك الفترة ان هنالك اهداف غير استثمارية تخدم الاقتصاد الاردني وراء تملك الصندوق حصة هامة من راس مال البنك وللحديث بقية في مقالي القادم.
* مستشار في بنك أبوظبي الوطني