خلال ساعات سيكلف رئيس حكومة جديد بإدارة دفة البلاد والعباد في المرحلة المقبلة، وذلك بعد صدور إرادة ملكية بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، سبقها "حل" لمجلس النواب السادس عشر، مع انتظار قيام الهيئة المستقلة للانتخابات بتحديد موعد الانتخابات.
أكثر ما يواجه الرئيس المقبل حالة الاستعصاء السياسي التي تمر بها البلاد، ومشكلة المديونية وعجز الموازنة اللذين وصلا إلى مستويات غير مسبوقة باتت تنذر بخطر قريب، إضافة إلى الموضوع الاجتماعي المقلق أيضا.
المشكلة الاقتصادية المضاعفة دفعت البعض للمطالبة بتغليب التعامل مع المشكلة الاقتصادية على حساب المشكلة السياسية، ورغم وجاهة وأهمية ذلك، إلا أن أولئك يغفلون بأن عقدة المنشار في الحالة الأردنية هي الموضوع السياسي، وبالتالي فإن حلها سيفتح على حل قضايا أخرى (اقتصادية واجتماعية).
فكما هو معلوم فإن وجود مسيرات في الشوارع (وهو فعل سياسي) لن يجلب استثمارا، ولن يجلب راحة اقتصادية وبحبوحة، كما أن ذلك سيبقي الحالة الاجتماعية مدار بحث ما لم يتم حل مشكلة الاستعصاء السياسي والدخول في البلاد إلى مرحلة مقبلة من الإصلاح عنوانها مشاركة الجميع في صنع القرار واتخاذه أيضا.
بدون ذلك فإننا سنبقى ندور حول أنفسنا بدون أن نجد حلا، وستبقى مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية معلقة، وستبقى البلاد وكأنها على مرجل مشتعل، وسيبقى كل منتَج مقبل سواء مجلس نواب أو حكومة، موضعا لعلامات سؤال واستفهام، باعتبار أن بعض شرائح المجتمع غابت عن المشاركة في ذلك (العرس).
تلك ليست دعوة لكي تنحني الدولة أمام مطالب جهة واحدة أو حزب أو تنظيم أو حركة، كما أنها ليست دعوة لكي نجلب الناس للحوار بالسلاسل، ولكنها دعوة لكي ننقي الأجواء بعيدا عن سياسة التجييش والتحشيد التي لا تفيد أحدا، ولا تغني أو تسمن من جوع، ودعوة لكي نفتح حوارا بقلب مفتوح بدون شروط مسبقة وبدون تدخلات من جهات خلفية.
من المؤكد أننا سنذهب لانتخابات خلال فترة أربعة أشهر، ولكن ذلك لا يمنع الرئيس المقبل من فتح حوار مع الأطراف (كل الأطراف) التي أعلنت عدم مشاركتها في الانتخابات، للوصول لتوافق معقول يضمن مشاركة العدد الأكبر من الفئات المجتمعية والأحزاب، والحراكات.
يدور في الذهن سيناريو يمكن أن يحمله الرئيس المقبل لكل الجهات لضمان وجودها تحت قبة البرلمان وليس خارجه، مفاده فتح حوار معها، وتعديل قانون الانتخاب الحالي بحيث يتم إضافة صوت ثالث للمحافظة، بمعنى زيادة العدد إلى 12 أو 15 مقعدا، إذا تم التعامل مع دوائر البدو باعتبارها محافظات مستقلة، يصبح من حق الناخب 3 أصوات، واحد للدائرة العادية وثان للقائمة الوطنية التي قوامها 27، وثالث للمحافظة قوامه 12 أو 15.
قد يقول قائل كيف سيتم تعديل قانون الانتخاب إذا تمت الموافقة على هذا الطرح في ظل حل البرلمان، الجواب بسيط، إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوع وتعديل القانون بإضافة المادة المتوافق عليها فقط، أو إعادة مجلس النواب المنحل وتركه ليعدل القانون المتوافق عليه.
باعتقادي أن سيناريو مثل ذلك يمكن أن يجد قبولا من قبل البعض، وخاصة إذا تم ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة، وضمان ترك المجال للمجلس المقبل وإجراء تعديلات أخرى على قانون الانتخاب وتعديلات أخرى على بعض القوانين الإصلاحية الأخرى.
الرئيس المقبل (اعتقد أنه يمتلك رؤية في هذا الاتجاه، وأعتقد انه دخل في حوار مع أطراف مؤثرة) ليس عليه فقط إدارة دفة السلطة التنفيذية بشكل مؤقت، وإنما عليه ترك بصمة لمصلحة الأردن، ولمصلحة عملية الإصلاح المستقبلية.
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد