يعد الحديث عن شخصية المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير زيد بن شاكر حديث عن أحد رجالات الرعيل الأول الذين كان لهم دور مشهود له في بناء الوطن وازدهاره إلى جانب المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في فترات دقيقة مرت على الأردن.
ولد الشريف زيد بن شاكر في الرابع من أيلول عام 1934 في مدينة عمان وحصل على شهادة الدراسة الثانوية من كلية فكتوريا بالإسكندرية عام 1951 بعدها تابع تلقي علومه العسكرية في كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية عام 1955 وكما والتحق بكلية القيادة والأركان بأمريكا عام 1964.
وقد ورث الأمير زيد بن شاكر عن والده الكثير من الصفات الحسنة التي كانت لصيقة بشخصه فقد كان اجتماعياً يحب الاختلاط بالآخرين مخلصاً وصادقاً في تعامله فقد حظي بمحبة الناس لخصاله ومميزاته السمحة النبيلة كريم النفس عالي الهمة سياسياً فذّاً وإدارياً مميزاً، سخي العطاء وليس من الغريب أن يتمتع بهذه الصفات وغيرها الكثير من المناقب الحسنة، فوالده الفارس الهاشمي الأمير شاكر بن زيد لعب دوراً مهماً في تحقيق طموحات الأمة العربية ونيل حقوقها والوصول إلى الاستقلال والتحرر فهو بطلٌ من أبطال الثورة العربية الكبرى ثورة العرب التي قادها الفارس العربي الشريف الحسين بن علي الفارس المحرر الذي رفض الظلم وأبى الانقياد فهو الذي قاد الثورة التي أخرجت الناس من غياهب الظلم والجهل والتخبط إلى نور الاستقلال وكان الأمير شاكر بن زيد أحد قادة الجيوش العربية وأبلى فيها البلاء الحسن شهد له بذلك كل العرب والأحرار، وكان دائماً يتلقى الأوامر من الشريف الحسين بن علي وينفذها بحذافيرها.
بعد ذلك رافق الأمير شاكر بن زيد الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين فهو رفيق الدرب في السراء والضراء فارس يمتاز بالعدل والكرم والشجاعة، لعب دوراً فاعلاً في توطيد دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال ترؤسه لمنصب رئيس لجنة شؤون العشائر العليا من خلال دمجهم في بوتقة النظام السياسي للإمارة الفتية، فقد كان صاحب رسالة آمن بها وناضل من أجلها فدائماً كان يتولى قيادة المهام الكبرى والمحافظة على الأمن والاستقرار لذا يعتبر الأمير شاكر بن زيد الساعد الأيمن الوفي المخلص للملك المؤسس، فقد تولى الأمور الخاصة للعشائر والقبائل الأردنية من حيث الغزو والمنازعات والخلافات العشائرية داخل الإمارة.
حيث كان الأمير شاكر بن زيد على معرفة واسعة واطلاع على العادات والتقاليد والأعراف البدوية وكان صاحب نظرة ثاقبة عند الفصل في القضايا والنزاعات بعيداً عن الانحياز يصدر أحكامه بنزاهة وعدالة. وكان من خلال عمله يسعى دوماً لتأسيس الشرعية للنظام السياسي الجديد، وذلك من أجل تقريب وجهات النظر بين العشائر الأردنية وخلق الاستقرار السياسي والمحافظة على النظام ليسود القانون وليكون مرجعاً في حل القضايا والمنازعات المختلفة وكان دائماً يسعى لتنفيذ توجيهات الأمير عبد الله بن الحسين من أجل تحقيق التكامل بين البنى الاجتماعية المختلفة وتأسيس شرعية سياسية تجمع الناس جميعا مع اختلاف الفئات والمنابت. هذا باختصار الدور الذي لعبه الأمير شاكر بن زيد في تاريخ الأردن وجاء بعده ابنه زيد بن شاكر ليكمل ما بدأه والده للمحافظة على مصلحة الأردن والأردنيين. فقد شغل منصب المرافق الخاص لجلالة الملك الحسين بن طلال يرحمه الله في الفترة ما بين (1955– 1957) وعين مساعداً للملحق العسكري الأردني في بريطانيا من (1957 – 1958) وكان قائداً للواء مدرع وفرقة مدرعة من عام (1964 – 1970).
وفي الأول من آب من عام 1970 اسند إلى سيادته منصب مساعد رئيس الأركان لشؤون العمليات وظل في منصبه هذا حتى تاريخ 5/3/1972 حيث تم تعيينه رئيساً لأركان القوات المسلحة الأردنية وبقي في القوات المسلحة حتى عام 1988 حيث صدرت الإرادة الملكية السامية بتكليف سيادة الشريف آنذاك زيد بن شاكر بتشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات النيابية وبقي في هذا المنصب حتى عام 1990 حيث تم تعينه رئيساً للديوان الملكي العامر بعدها بحوالي خمس سنوات صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيل حكومته الثانية.
وتقديراً لجهود سموه ونشاطه في خدمة أمته وبلاده فقد حصل على العديد من الأوسمة من أبرزها وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى ووسام النهضة من الدرجة الأولى ووسام النهضة المرصع.
وكان الأمير زيد بن شاكر على علاقة طيبة بجلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال فقد كان مقرباً منه وتربطهما علاقة طيبة. وقد تحدث عن ذلك نصوح المجالي قائلاً: "كان رفيق درب الحسين طيب الله ثراه، رافقه في سنوات الأردن الصعبة، عسكرياً محترفاً، ورجل دولة، كما كان ركن أمان ليس فقط لرفاقه في الجيش بل للكثيرين خارجه ممن كان أبو شاكر ملاذا لهم إذا ضاقت الدنيا، أو طالت عنعنات التنافس في وظائف الدولة على حقوق الرجال، ولم يكن بابك أبا شاكر يغلق لا في مكتبك ولا بيتك على الناس وأنت القريب عندها من سيد البلاد".
وفي سؤال وجه للأمير زيد بن شاكر في حياته عن القضية التي تشغل تفكيره فقد تحدث قائلاً: هناك أشياء كثيرة تشغلنا بطبيعة الحال وهناك أشياء لا بد أن نعملها داخل بلدنا وهناك آلام ومعاناة على المستوى العربي ونأمل إن شاء الله ونحاول أن نتعامل مع هذه المشاكل وهذه الصعوبات بشكل منطقي وعقلا ني ونحن نتجه لوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب. و قد انعم جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال على الشريف زيد بن شاكر بلقب (الأمير) ليصبح من تاريخ 16 رمضان 1416 هـ الموافق 5 شباط 1996 الأمير زيد بن شاكر.
وقد لعب الأمير زيد بن شاكر دوراً كبيراً في الدفاع عن تاريخ الأردن والمحافظة عليه والعمل لما فيه صالح المواطنين ورفع الحرج عنهم وذلك من خلال المناصب التي تقلب فيها، وكان له وقع طيب في قلوب الأردنيين لما كان يتمتع به من كريم الأخلاق وطيب الصفات، وكان على صلة طيبة بجميع الناس محبوباً لديهم على اختلاف فئاتهم وأصولهم.
وقد انتقل سمو الأمير زيد بن شاكر إلى الرفيق الأعلى في الثلاثين من شهر آب عام 2002، وقد صادفت الأيام الماضية الذكرى العاشرة لوفاته. رحم الله فقيد الأردن الكبير سمو الأمير زيد بن شاكر بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته.