الهيئة المستقلة * د. معن المقابلة
06-10-2012 10:35 PM
لقد جاء إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات ، لإيصال رسالة لجميع القوى السياسية بأن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة وشفافة ، على اعتبار أن الهيئة المستقلة ستكون مستقلة كما اسمها وبعيدة عن أية ضغوطات من أية جهة كانت .
وهي محاولة للتخلص من الإرث السيئ الذي تركته الانتخابات النيابية والبلدية عام 2007 حيث كان التزوير فجا ومشينا ، وتجرأ صاحب قرار التزوير في تلك المرحلة على إقحام القوات المسلحة في عملية التزوير ، بحيث مست شرف الجندية ، ومس هذه المؤسسة التي تحظى باحترام كبير لدى الأردنيين جميعا .
ولكن ، هل فعلا أن الهيئة المستقلة للانتخابات ستكون المخلص والبلسم الشافي والسبيل إلى انتخابات حرة ونزيهة ؟ وهل يعني أن القائمين على الانتخابات السابقة ، وزارة الداخلية وكوادرها من محافظين ومتصرفين ورؤساء لجان كانوا معنيين بتزوير الانتخابات ؟ لا ظن ذلك ، ولكن أصبحوا متورطين عندما سكتوا على التزوير. فقرار التزوير كما أصبح يعرف الأردنيون كان من أعلى سلطة أمنية – مدير المخابرات العامة – والذي صرح بذلك لبعض جلسائه أكثر من مرة ، عندما كان لا يزال يجلس خلف مكتبه يأمر وينهي .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا . هل الهيئة المستقلة للانتخابات ستكون بعيدة عن التوجيه أو القرار الأمني ؟ وهل سيكون لرئيسها والذي يحظى باحترام وسمعة طيبة في الداخل والخارج ، من القوة والقدرة على رفض أية إملاءات قد تأتيه من الجهات الأمنية أو من أية جهة أخرى ؟ وإيهامه بأن التزوير لمصلحة البلد حتى لا تصل قوى متطرفة لسدة الحكم ، كما كان يحدث بدول الربيع العربي قبل أن يأتي ربيعها!!!.
إن شخصية السيد عبد الإله الخطيب لها وزنها المحلي والدولي ، ولا أظن انه سيغامر ويضحي بهذه السمعة , وأرجو أن يعززها بأن يكون له القدرة والشجاعة على اتخاذ خطوتين أساسيتين : الخطوة الأولى قبل الانتخابات والأخرى أثنائها . أما الخطوة الأولى لعب دور أساسي في إشراك الجميع في الانتخابات القادمة ، وعلى رأسها الحركة الإسلامية ، بحيث يكون وسيط موضوعي بشخصيته الاعتبارية لا ممثلا للحكومة . فالذهاب إلى الانتخابات بدون قوى المعارضة الحقيقية في المجتمع ، يعني الذهاب بالدولة إلى المجهول ، وأرجو أن يلتقط قول الملك عن الحركة الإسلامية بأنهم كانوا شركاء في بناء الدولة ، وأظن أنهم لا زالوا وسيبقون . كما ان الحركة الاسلامية والحِراكات الشعبية حسمت خياراتها وأعلنت بشكل قاطع عدم المشاركة بالانتخابات في ظل قانون الانتخابات الحالي ودون تعديلات حقيقية على الدستور. ان من عدم الحكمة السياسية - وخاصة في الدولة الأردنية التي تعاملت تاريخيا مع قوى المعارضة وخاصة الحركة الاسلامية بكثير من الحكمة والمسؤولية العالية – اقصاء هذه ألقوى ، فعدم وجودهم في مجلس النواب القادم سيجعل الشارع هو خيارهم الوحيد ، واعتقد ان لهم خبرة عالية في تحشيد الشارع كما حدث في جمعة 5\10 ، ثم انهم سيتعاملون مع قوى المعارضة الآخرى بكثير من التشاركية لتعزيز الثقة فيما بينهم. وهذا بالضرورة سيؤدي الى تحالف قوى المعارضة المقاطعة للانتخابات وسنرى جُمعات مشابهة او اكثر تحشيدا من جمعة5 \10.
أما الخطوة الشجاعة الأخرى المنتظرة من رئيس الهيئة وهي عدم التردد من الانسحاب والاستقالة من خلال مؤتمر صحفي ليُعلم الأردنيين جميعا أن الدولة غير جادة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة ،إذا ما تم التلاعب بها ، وبالتالي فهي غير معنية بالإصلاح .