انطباعات مغترب عائد من الوطن .. خالد مصطفى قناة
mohammad
06-10-2012 01:49 PM
عاد أحدهم من البلاد بعد الحروب الطاحنة التي شنت على أرض الوطن العربي وشعوبه مخلـّفة مآسي كثيرة لا يمكن للمرؤ حصرها وتعدادها ، حيث انعدمت ثقة الانسان بأخيه الانسان وتغيرت كافة مفاهيم الكرم والشهامة والأخلاقيات العربية الموروثة ، فالأنانية وحب الذات ومقولة أللهم نفسي أصبحت مألوفة في كثير من التصرفات والمواقف ، تركب التاكسي على العداد ، وعندما تنتهي الرحلة ، تكون الأجرة مثلا دينارين ، وتنقد السائق ورقة الخمسة أو العشرة دنانير ، منتظرا منه أن يعيد لك الباقي من القيمة ، الا أنه سرعان ما يختطف الورقة النقدية من يدك ويشكرك ويغادرالمكان هاربا عالسريع ، وخاصة ما يحدث هذا في القاهرة ( مصر ) أم الدنيا ، ويحدث أيضا في عمان وبيروت ودمشق وتونس وطرابلس ليبيا ومعظم عواصم الوطن العربي .
يقول العائدون من أرض الوطن ، تذهب الى البقال لتشتري حاجتك من الفواكه والخضار ، حيث الأسعار مثبتة بوضوح على كل صنف ، تأخذ بضاعة لا تزيد قيمتها الاجمالية عن 25 جنيه مصري حسب التسعيرة المثبتة على أصناف الفواكه والخضار ، فيطلب البقال مبلغا خياليا 150 جنيها بدون أن يمرر البضاعة على الميزان ليحسب سعر كل صنف حسب وزنه وثمنه ، فتسأل البقال ، وكيف توصلت لهذا السعر ؟! فيقول لك حسب تقديري ، وعندما تترك له بضاعته وتغادر المحل ، يبدأ التاجر بالتشبث والتوسل والرجاء بالبقاء مع سيل الاعتذارات ، يتنازل ويطلب منك دفع 50 جنيها فقط ثمنا للبضاعة التي تساوي نصف سعرها المطلوب دفعه ، ويردد كلمات التكريم والتبجيل ، حاضر يا بيه ، تحت أمرك يا بيه ، ألله يخليك يابيه ...الخ. تلك الأسطوانة المشروخة .
المغتربون العرب في الشمال الأمريكي ، اعتادوا على النظام ، فعندما تدفع ورقة المائة دولار لأي تاجر كثمن لبضاعة قيمتها لنفرض 95 دولار و79 سنتا، يأخذ التاجر منك ورقة المائة دولار ، ويعيد اليك باقي المبلغ بالدولار والسنتات المتبقية لك ، لذا فهم يستهجنون هذه التصرفات العبيطة .
نحن نفهم حالة الفقر وتأزيم الأوضاع في الوطن العربي ، حيث تنتعش السرقة والبلطجة عينك عينك وعالمكشوف بلا رقيب ولا حسيب في ظل الفلتان الأمني وغياب الرادع الأخلاقي وتفشي البلطجة ، أما في ظل حكومة وطنية يسود فيها القانون وروح العدل والأخلاقيات والأمن ، فلا يمكن للتاجر أو لسائق التاكسي وحتى المزيّن ، أن يسمح لهما باستغلال وابتزاز الزبائن وخاصة الزوار العرب من غير المصريين من قبل أصحاب الذمم الواهية ، تذكروا أيام المرحوم عبد الناصر ، وزمن الملكية أيضا ، حيث سيادة القانون والعدل والأمن ، مقارنة بروح الفوضى والبلطجة المتفشية هذه الأيام.
يقول زميلنا أبو المجد ، العائد للتو من العراق وبلاد عربية أخرى ، أن المصريون يحبون بلدهم مصر حبا يقرب من درجة العبادة ، لكنهم يتعاملون بفروق شاسعة مع بقية العرب غير المصريين ، لأنهم يجدونهم فريسة سهلة المنال ، حيث أن المواطن المصري مبتلي مثلهم ، فلا يمكن لهم استغلاله بسهولة كما يستغلون الغرباء ، فهمست في أذنه قائلا ، ألا تعتقد أنهم أي (المصريون) يعاملونك كما كنتم تعاملونهم في العراق وليبيا ودول الخليج أيام زمان ؟! وكما قالت الأسطورة الحكيمة ، عامل الناس بالحسنى ، فانهم يتعاملون معك بنفس الوتيرة ، أما الاساءات ، فلن تنسى ، وستعود على أصحابها ، وان اختلفت الوجوه والأماكن والأزمنة ، ودمتم.
باخلاص
خالد مصطفى قناة
فانكوفر / كنــــدا