اعتذار عن مقالتي الاخيرة : المسيرات اخر الاسلحة والبحث عن الشرعية بالدم والفوضى

اليوم حققنا هدفا صهيونيا



د.بكر خازر المجالي



علينا ان نعترف بأثر الاعلام على الرأي العام والحالة النفسية والمزاجية للمواطن، وما يمكن ان تفعله الرسالة الاعلامية من تجييش للمشاعر وتأليب وزيادة في الاحتقان ، فقد لبثنا بضعة اسابيع ونحن (نتفطط ) في منامنا ونتصور اسوأ السيناريوهات ليوم الجمعة 5/10، واخذنا نرى تلك الجمعة متجاهلين تماما انها جمعة صلاة على انها جمعة الدم الاحمر وبداية الانتفاضة والصدام لقادم الايام باستنساخ التجربة المصرية او الليبية او التونسية ، وعشنا الهلع بعينه ونحن ندعو لضبط النفس ومنع الاحتكاك في الوقت الذي برز في كل نفس اردنية رغبة جامحة بافتداء الوطن بكل الوسائل والاساليب .

جمعة جديدة باسم جديد ( جمعة انقاذ الوطن ) رغم انني ارى وطني سليما ولا اعرف مما نحتاج ان ننقذه –والحقيقة التي برزت اليوم اننا بحاجة الى انقاذ الوطن من اهل جمعة الانقاذ هؤلاء ، وان يلهمهم الله الرشاد للعودة الى التشاركية الحقيقية فهم اخواننا – في الوقت الذي لا اجد منا من شعر بجمعة الاقصى فكان هناك كف كلّي عن التفكير في القدس والاقصى واصبحت اوليتنا التفكير فيما يجري في صحن البلد عمان ،فحققنا بمسيرة جمعة انقاذ الوطن هدفا صهيونيا طالما اراد الصهيوني ان نلتهي ونتلهى بترهات انفسنا ومسيراتنا وحشودنا بينا هو يمارس التهويد والاستلاب والسيطرة بعيدا عن العيون العربية التي انكفأت الى الداخل واستبدلت الاقصى بمساجد الجمعة ..

كتبت مقالتي عن المسيرات اخر الاسلحة والبحث عن الشرعية بالدم والفوضى ، وهالنا التجييش لخمسين الف أو ستين أو تسعين أو يزيدون .. وخشينا من ارعن او حاقد او محتقن ان يفجر الوضع .. ولكن صدمتنا كانت بمثل صدمتنا يوم دخول الامريكان الى بغداد بكل سهولة ويسر بعد ان اعتقدنا ان الملحمة الكبيرة قد بدأت ، وصدمتنا يوم جمعة انقاذ الوطن لم تطل بعد ان تبينا اننا امام حشد لم يستطع بعد اقناع الاخرين بمآربهم وادرك الجميع ان الوطن هو الاغلى والاحق بأن نقف معه لا أن نقف مع اشخاص عرفنا عنهم فغارة الفاه وقطابة الجبين والتزبيد والتلويح ، ولم تعد المسيرات اخر الاسلحة بل ان السلاح الفعال هو الحوار، والاسهام في البناء هو تعظيم للقوة ، وان الانتخابات والبرلمان هو الذي يرسم طريق الاصلاح ،فالشارع والساحة والزاوية لا يمكنها ان تفرض قانون أو ان تُحدث تغيير .

نعم عشنا حالة رهيبة ونحن ندعو للاجهزة الامنية بالنجاح في مهمتها وندعو سلامة افرادها ،وفعلا كنا كمن صام وصام وصام ليفطر في النهاية على بصلة ، وهكذا كان افطارنا بعد ظهر الجمعة ..

نفيق على حالة جديدة تقتضي المراجعة الكاملة لنمط السلوك وانماط الاستجابة ، والتقييم الصحيح لواقع الاحزاب وقدرتها على التأثير ومقدرتها ان ترتقي الى مستوى تسلم السلطة التنفيذية ، وان تكون لدينا دراسات اجتماعية ونفسية واستقصائية لحالة يوم الجمعة 5/10 لرصد الاتجاهات وتحليل الواقع المفاجىء والوصول الى نتائج تفيدنا في التغير في نمط التفكير ومستوى الالتزام بالفكر والمنهج ، تحليل لهذه الجمعة التي تكفلت هي بمهمة انقاذ الوطن من شرور الاخر وقدمت هدية غالية الثمن وفريدة لنا نحن جميعا الذين كنا صائمين نتضور جوعا وخائفين ونحن ندعو بسلامة الوطن فافطرنا على معنى الامن العميق وتماسك المجتمع الاردني وكشف استثنائي لحقيقة الدعاة والمحرضين وجهابذة الخطب ، وافطر اؤلئك فعلا على اقل من بصلة ..

اعتذار عن مقالتي السابقة التي توقعت فيها شلال دم ومحيط من الفوضى لكن ظني قد خاب تماما .. وليته دائما يخيب في مثل هذه المواقف .........