القلق النبيل الذي ينتاب كل الأردنيين المخلصين من تبعات مسيرة اليوم التي ينظمها الأخوان المسلمين بدون هدف واضح، هو عنصر إيجابي لا بد من التركيز عليه في خضم هذه الأزمة، والتي في واقع الأمر أظهرت كثيرا من الحقائق والتوجهات التي تستحق الإشارة إليها.
القلق يعني وجود مسؤولية عالية لدى الشعب الأردني في عدم السماح بالإنزلاق نحو التطرف والعنف في مسار الإصلاح. هذه الأيام ليست مثل 24 آذار حيث كانت رومانسية لثورات المصرية والتونسية تملأ الأجزاء. العاقل يتعظ بتجارب غيره وما شهدناه في سوريا وليبيا والبحرين، مع صعوبة المقارنة في كثير من الجوانب يثبت بأننا يجب أن نفكر مليون مرة قبل أن نسمح بالانزلاق إلى المواجهة وفتح ممر نحو هاوية ليس لها قرار.
قرار إلغاء مسيرة الموالاة هو قرار حكيم وصحيح. في هذه الحالة سوف تنتفي فرص الصدام بين المسيرتين. يبقى المطلوب هو السيطرة على تدفق الحشود في مسيرة الاخوان والتي قد تتضمن مجموعة من اصحاب الانفعالات العالية في حال افتراض حسن النية ومجموعة من اصحاب الأهداف الخبيثة في حال افتراض سوء النية ولا بد من السيطرة الأمنية الكاملة على هذه السلوكيات وأن يعرف الجميع بأنه في حال تم تنفيذ اعتقال فوري في لحظة مناسبة قبل تفاقم المشاكل، فإن هذا سيكون قرارا أمنيا له اسبابه.
رفض الكثير من الحراكات الشعبية والقوى اليسارية المشاركة مع الاخوان في المسيرة يعكس ايضا عدم ثقة بأهدافها الحقيقية وكذلك حسا عاليا بالمسؤولية من قبل هذه الحراكات وهو يتطلب في المقابل استجابة سريعة من قبل الدولة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وفتح حوار موضوعي ومباشر ما بين الدولة والحراكات الشعبية في الأيام القادمة والتي نريد فيها أن نركز على مسار سياسي هادف بدلا من التراشق بالاتهامات.
الموضوع الذي بدأ بأزمة ربما يتحول إلى فرصة لاستعادة الطريق السليم نحو الإصلاح. لقد تعززت القناعة بضرورة الالتزام بالعمل السلمي ورفض التحشيد والتطرف من اي جانب، وظهرت العديد من المواقف على حقيقتها مما يسهل من طريقة التعامل معها في المستقبل واصبحنا نعرف ما هي الأطراف التي تتحلى بالمسؤولية وتلك التي تفتقد إليها. كان اسبوعا مفيدا كشف الكثير والآن تقع مسؤولية مضاعفة على رجال الأمن العام في ضمان مرور المسيرة بسلام وبدون احتكاكات وتوفير الحماية لكافة المشاركين في مسيرة الأخوان حتى يعودوا إلى بيوتهم!
لدينا الثقة بأن هذا اليوم سيمر بسلام لأننا نثق بحكمة رجال الأمن العام والغالبية العظمى من كوادر الأخوان المسلمين بالرغم من غياب المسؤولية لدى نسبة كبيرة من قياداتهم، ولكن المهم هو ما بعد الغد وبداية التحول نحو مرحلة جديدة تتمثل في حل مجلس النواب وتشكيل الحكومة الجديدة والتحضير للانتخابات والتي يجب أن تتم وفق أعلى درجات الحرص على التوافق الوطني وتفكيك كافة الألغام التي تعيقها ومنها الاعتقالات السياسية.
batirw@yahoo.com
الدستور