الأردن على موعد مع الخامس من تشرين أول
اسعد العزوني
04-10-2012 02:44 PM
كم سيكون الأمر مفرحا، لو كنّا على موعد مع النصر، أو على موعد مع الإعلان عن أمر يرفع سمعة الوطن ونسمو به، ولو كنّا كذلك لفرحنا كثيرا وربما دبكنا ورقصنا، وأقمنا الأفراح في الليالي الملاح ولكن!
نحن على موعد مع مغامرة ربما تذهب بهذا الوطن، وتعصف به وتجعلنا أشلاء يضرب المثل بنا، ويقال فينا إن الكِيِس من إتعظ بغيره، ولا أظن أن الكياسة ستقترب منا ولو على بعد مليون سنة ضوئية، لأن الكيس هو الذي يهيئ-" لخصه"-بيته الماء عندما يرى النار تشتعل في- " خص" –بيت غيره. وما أروع الحكمة عندما تظهر في وقتها، إنها كالبدر عندما يدلهم الليل ويحل الظلام الدامس"وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر"؟!
أقول هذا الكلام المغصوص، لأننا بانتظار ما سيحل بنا يوم الجمعة، الخامس من تشرين الأول 2012، والذي يرغب "الاخوان المسلمون" فيه تنظيم مسيرة تضم 50 ألفا من كوادرهم وأنصارهم، ولعمري أن ذلك مسموح به حسب الدستور المعمول به في المملكة. وقد يقول قائل: وأين المشكلة؟
الجواب على هذا السؤال الساذج سيكون فلسفيا فرضيا معقدا، وهو أن الدولة ستقوم هي الأخرى بحشد كبير للرد على "الاخوان" وهنا نكون قد قمنا بتخزين البنزين بجانب النار المشتعلة، لأنني هنا أفترض يقينا عدم وجود النوايا الحسنة.
لذلك أقدم الحل وأعرف مسبقا أن أحدا لن يأخذ به، لأنه انبثق من عقل فردي غير موجه ولا يبغي من جهده سوى رضا الله وحده.
ويكمن الحل بأن يسمح لجماعة "الاخوان المسلمين" بتنظيم مسيرتهم وأن تقوم الدولة بحماية المسيرة حتى آخر فعالية فيها، لأننا أبناء وطن واحد، وسيكون اختلافنا تماما كمن يقول أن له الحق بثقب السفينة وتحديدا كمرة القيادة لأنه حر في عمله.
ولعمري لو أن الأمور سارت على هذا النحو، ورجع " الاخوان" الى بيوتهم سالمين معززين مكرمين، وعادت القوات الأمنية –وحبذا لو كانت بدون سلاح ظاهر على الأقل- الى مواقعها سليمة معافاة من كل أذى، فان صورة الأردن ستصبح أنصع بياضا في المجتمع الدولي، وسيتمتع الأردن بنقاط أخرى كثيرة لتعامله السلمي مع الحراك الاخواني، وسيسجل التاريخ لصانع القرار أنه امتلك الحكمة الكاملة بمنعه حمام الدم أن يحدث. كما أنه سيذهل سفارات العالم قاطبة والتي هي منشغلة هذه الأيام بتوقعات ما سوف يحدث يوم الجمعة المقبل.
التعامل السلمي مع مسيرة "الاخوان" سيحافظ على اللحمة الوطنية وسيغذيها وستصبح مقاومة للجراثيم مهما كانت قوتها أو اتقان صنعها، فأبناء تنظيم "الاخوان" هم امتداد وأخوة لأبناء القوات والأجهزة الأمنية الأردنية.
المطلوب في هذه المرحلة ومن الجميع اتقان القراءة السليمة لمجريات الأمور في المنطقة ومنها الأردن بطبيعة الحال، والتي تقول إن الاسلام السياسي قادم ولن يقف عائق في وجهه، وهذا يعني أن على صانع القرار في الأردن أن يفاجئ العالم ويعلن تكليف قيادي من "الاخوان" بتشكيل الحكومة، فإن نجح، بقي يمارس مهامه بتوفيق من الله، وبقي السلم في الأردن مصانا، وان فشل ذهب بضغط من الشعب، وبقي الأردن أيضا مصانا.
هناك ظواهر غير مستحبة تحدث في الأردن هذه الأيام، ومنها أن البعض يحاول الاصطياد في الماء العكر، وكنت أتمنى أن يكون هؤلاء من الأقوياء القادرين على وضعية رجل الدولة، فالله سبحانه وتعالى يقول من فوق سبع سماوات "وإن استأجرت فاستأجر القوي الأمين" وأغلب ظني أن من يفشل في تمثيل بلده في الخارج تحت أسوأ الظروف لا يجوز أن يعتمد عليه؟!
التجييش الحاصل هذه الأيام في الشارع الأردني مرفوض، وتنظيم مسيرة ثانية تحت اسم "الموالاة" لتقابل مسيرة "الاخوان" وبدون وجود أمني، أمر مرفوض أيضا، لأن ذلك يعني اعطاء الإذن الصريح وفسح المجال للبعض لممارسة مهامهم التفجيرية.
ما نشهده حاليا في الأردن، هو صراع ديكة أمام الحكم الأمريكي ليتوج الفائز على أشلاء الأردنيين.. فهل من حكيم؟