لايمكن توقع أعداد الأردنيين المدمنين على تناول القشطة, وهي مستخرج من الحليب للترفيه ليس أكثر, ولا هي ضرورات تناولها, وهل هي أساسية كالخبز أوالبندورة التي باتت ترفاً لانجرؤ على التفكير فيه, أو كالشاي وهو مادة للتغميس عند كثير من الأسر الأردنية, يتم على أساسه الاستغناء عن مواد ضرورية أخرى, أو كأجنحة الدجاج التي يتم بها خداع الأطفال بإيهامهم أنهم يتناولون زفراً, وعليه فإن القرار الجريئ لحكومتنا الرشيدة بتخفيض الضرائب على "السيده قشطه" ليتنعم بها بعض علية , مستحضرين إلى جانبها على موائد الصباح العسل والعصير الطازج, هو خروج على النص, خصوصاً في الأيام الصعبة التي يمر بها اقتصاد الوطن, نتيجة النهب المنظم لثرواته, وبيع أصوله بأبخس الأثمان, وحتى هذه الأموال لم تعد إلى مالكيها الأصليين وهم المواطنون.
اعتاد الأردنيون التمتع بالقشطة أيام الربيع, حين يتم تصنيع الحليب وتحويله إلى مواد قابلة للخزن, كأن يكون جبنة أو لبنة أو جميداً, في تلك الأيام المعدودة من السنه, كان الأطفال أكثر من غيرهم يستحقون القليل من المنتج الرائع, وهو منتج كان استخراجه إجبارياً, بحكم ألطرق البدائية في التصنيع, ما عدا ذلك فإن القشطة لم تكن من مكونات المائدة الأردنية, حتى عند أصحاب شلايا الأغنام, ولم يكن واحد من التجار يفكر باستيرادها بأشكال متنوعة, وصفها على أرفف البقالات والسوبرماركت, قبل انتقالها للتخزين في خزائن المطابخ, خشية فقدانها من السوق لسبب من الأسباب, وفي يقيني أن أبناء هذا الوطن, في أيام الخير, لم يفكروا يوماً بالقشطه كمنتج غذائي ضروري لحياتهم, أو نمو أجساد أطفالهم.
القشطة اليوم سيدة الموقف, بعد أن خفضت الحكومة الرسوم المفروضة عليها, فاكتشفنا أن تجارها استوردوا منها كميات بلغت رسومها أرقاماً فلكية, فكيف بأسعارها, واكتشفنا نحن عباد الله الطيبين كم خسرنا لعدم اعتبارنا القشطة بديلاً حقيقياً عن الحمص والفلافل, وهذه هي المواد التي كان يجب أن تحظى بالعطف الحكومي, الذي نالته السيده قشطه, والمؤكد أن "الكافيهات" التي تبيع كأس العصير بخمسة دنانير أو أكثر, ستستفيد من هذا الدعم, بإضافة "أوبشن" القشطه إلى ما تقدمه لزبائنها الكرام, القادرين على الدفع دون تدقبق الفواتير.
ننام ونصحو على وقع التهديدات المتكررة برفع الدعم عن المواد الأساسية, يحسب الموظف سلفاً راتبه الشهري, وتتم دراسات مستفيضة حول ما يجب الاستغناء عنه, وحول الأشياء التي يجب على الأطفال فقدانها, وتقنين مصاريف الماء والكهرباء ووقود التدفئه, لكن واحداً منا لم يكن يخطر بباله أن يشتري القشطه, أو يفكر بحجم الضريبة المفروضة عليها, الحكومة وحدها وبعبقرية تحسب للعقول الاقتصادية فيها, انشغلت بالقشطة وأرباح التجار الذين يستوردونها, وتعكر أمزجة المعتادين على عدم خلو موائدهم منها, وكنا نظنها تنشغل بتوفير مستلزمات الحياة الدنيا لمواطنيها, بأقل الأضرار ولا نقول التكاليف.
ولله في خلقه شؤون .