المسيرات آخر الاسلحة والبحث عن الشرعية بالفوضى والدم
03-10-2012 02:41 PM
عمون - ينتاب المرء شعور ان البلد فوضى ،وان الحرية لم تعد حرية مسؤولة تلتزم بالقوانين والانظمة ،ولا اعتبار لمصالح الناس، بل أن هناك استباحة مبرمجة لهذه المصالح حتى بالاعتداء على صلاتهم واستغلالها لغايات مغايرة لدين التسامح والخير ، واحتلال شوارع الناس وازعاج المارة واحداث قلق دائم لدى الناس الطبيعيين والعقلانيين والمحترمين ..
هناك ضرر تحدثه المسيرات باعتبار انه لا يوجد مكان مخصص لها يراعي حرمة وخصوصية الاخرين ، بل اضحى الامر مرهون بقرار يتخذه هؤلاء كيفما اتفق ، وينظمون المكان الذي يريدون ويقترحون التأجيل والتقديم ،ويوجهون الدعوات ويمارسون التحريض ويعدون العدة للاشتباك والبحث عن الدم والفتنة دون اي وازع كان طالما ان الامر متروك ومستباح للجميع وما على الاجهزة الامنية سوى ان تبقى في حالة استنفار وان يبقى المواطن رهين القلق وان يزداد الاحتقان في كل يوم .. والمشهد لم يختلف عن اواخر عام 1969 والثلث الاول والثاني من عام 1970 حين كانت الاستباحة المسلحة للطرقات وبناء الحواجز والمتاريس حيث يشاء اولئك الذين شاؤا ،ويعتقلون ويأخذون الاتوات والخاوات ،ويعقدون المحاكم الى ان انفجر الوضع وشهدنا ذلك الايلول الذهبي .
لم نعد نستطيع تحليل الواقع الذي يجري ،فهل الامور تسير نحو الفوضى او هي فوضى حقيقية ؟
وهل هناك قوى تقرر ما تريد بالطريقة التي تريد والكيفية التي ترغب؟
هل تعددت القوى والسلطات في الاردن دون اعتبار لقانون او دستور؟
هل تعددت الوصاية على الدستور والقانون واصبحت فتاوي التجريم ووصم هذا بالكبيرة وذلك بالعار حسب الاهواء والامزجة وما تجيش به الصدور من الحقد الاسود وتحتقن بالرغبة للثأر من الماضي ؟
وهل يمكن القول ان القانون الاردني والامن الاردني هم قد وصلوا الى حالة تتعامل فقط مع الامر حين يقع فقط دون اجراءات استباقية ودون درء للشر ( مع يقيني ان الاتصالات الخلفية تجري لثني اصحاب المسيرات عن فعلتهم ) لكن ما يشعر فيه المرء يزيد الاحتقان الذي بلغ حدا لا يمكن ان يطاق ،واصبح المواطن يتابع وسائل الاعلام التي تسهم في رسم خارطة طريق الشر وتبرع في التأليب والتحريض؟ .
ولكن ايا كانت الاسباب والمبررات فهل يمكننا ان نصل الى تحليل ان الاصرار على مسيرة ما هو تعويض عن فشل ما؟
ومحاولة لاثبات الذات التي لا تعرف ان تتعايش الا مع الرفض والمقاطعة والا افلست كل اوراقها ؟
هل يمكن ان نعتقد ان المصالحة مع الذات عند اؤلئك النفر اصبحت مستحيلة ؟واصبح التصالح في داخلهم مستحيلا أيضا ، فكان ان توجه اؤلئك الى الشارع يبحثون فيه عن وحدة موقف مزعوم ويحثون عن تغطية لواقع الشر الداخلي والتأزم المعقد وتحويل الانتباه عن فشل يتلوه فشل وأيضا تقديم فاتورة للقيادات الاعلى الخارجية لتقنع اؤلئك الخارجيين بأنهم موجودين وفاعلين وهذه صورتنا كمثل صورة حشد بدر ( ضد من؟؟ ) وصورة الزحف المقدس لتخليص مسجد الملك الشهيد المؤسس في العبدلي (من امر ما ) او مسجد الفتح في المحطة ) والمرء يحتار ويتخبط وهو يبحث عن سبب ومبرر لوجهة الزحف وأي بدر تكون عند سوق البخارية وسوق السكر وسبيل الحوريات ..
وهل يمكن ان نقول اننا اصبحنا نخالف علنا قانون الاحزاب الذي يمنع اي اتصال لاي حزب مع اية جهة خارجية ،ونرى بكل اجتراء اتصال حزب معين مع جهات خارجية وتشاور مستمر وتلقي اوامر عليا منه تقضي بأن يستقيل فلان فورا من مجلس او منصب ما ؟أو ان تشارك أو ان تقاطع ؟؟ فهل يمكن القول ان الجهة العليا الخارجية تسعى لاستنساخ ديمقراطية الدم لتعميمها هنا وهناك وتدعو لمسيرات استفزازية وعلى جماعتها التي اصبحنا نشعر انها لم تعد منا - بل منهم - تنفيذ الطلب في مستواه الاعلى لاثبات انهم ( قدها وقدود ) ..؟؟
ولكن نتساءل ايضا هل ما يجري او سيجري هو اخر الاسلحة بعد ان اقترب التسجيل للانتخابات من مليونين فخسروا رهان فشل التسجيل ، فسقطت هذه الورقة من ايديهم ولا مجال لعودتهم الى الساحة الانتخابية لان اثرهم في زيادة عدد الناخبين لن تكون ذات قيمة ؟؟
بل وانكشف حجمهم ووزنهم وبالتالي فان اثارة الفوضى وحشد اعداد كبيرة للاستعراض بهم هو محاولة لتحقيق اكثر من هدف :
هدف التعويض عن الخسائر المتلاحقة في مقياس الشعبية والحضور بين شرائح المجتمع .
هدف تفكيك العلاقات المتينة في المجتمع الاردنية التي هي ثوابت راسخة في تقاليده وقوامها وحدة الشعب ومحبة القيادة.
هدف تخريب العملية الانتخابية بعد ان وصلت الى مرحلة النجاح المطلوب في كل اجراءاتها ..
هدف اثارة الفتنة التي من خلالها يمكن اصطياد اهداف اخرى بضرب المجتمع الاردني بعضه ببعض وتوفير البيئة النتنة لاعمال نتنة مفترضة ..
هدف اظهار هشاشة الامن في الدولة وخلق حالة التشكيك والاضطراب ..
هدف المراهنة بأن يظهر ارعن او متهور او ممن فاض الكيل عنده و فاض الاحتقان لديه ويخرج عن طوره بل يخترق هذا الطور الذي (التزَّ عليه ) ويستخدم سلاحا ناريا ويقتل او يجرح وبالتالي تتهيأ حالة الفوضى وايجاد مبررات التطاول على الدولة والمساس بهيبتها .
هدف اثبات الذات امام الاسياد في الخارج وامام القاعدة الشعبية التي بدأت منذ زمن باكتشاف خديعة اربابهم الاعلين ؟؟؟..
امام مشهد الساحة الاردنية بكل مكوناتها نجد حالة فريدة بصورة معكوسة ، فنجد الديمقراطية والتسامح والاحترام لدى الاجهزة الامنية مقابل رغبات التحرش والتحريض والقتل عند من يجب ان تكون الديمقراطية عنوان عملهم .. ونجد الالتزام في الواجب واتقان المهمات المطلوبة مقابل التعطيل والتخريب والاعتصام والتظاهر لدى من هم في الاصل ومن المفترض
نجد ضبط التفس النابع من الثقة ان الامور تحت السيطرة حتى الان مقابل محاولات خلق الفوضى وجر الاجهزة الامنية الى ما لا تحمد عقباه ..
ولكن نبقى نتساءل : لمصلحة من استمرار العبث بالامن والاستقرار الداخلي ؟
ولمصلحة من ترتفع شعارات استفزازية واتهامية بلا سند قانوني بل ادعاءات وتحرشات وتلاعب بمشاعر المواطن ؟؟
وأخيرا ( والكلام مثل أوله ) هل يشعر المواطن الاردني بان هناك تقصير في تعزيز هيبة الدولة وسيادتها وأنه يشعر بأنه الحلقة الاضعف في دولة لا يشك بانها هي الاقوى في نظامها وقيادتها وامنها وجيشها .. ؟؟
نحتاج الى اعلام في هذا الاتجاه ليدرك كل اردني غيور من جلدة الوطن ولحافه وقيصومه وشيحه انه وحده هو الذي يحمل السوط ........