الملاحظ من اجتماع قمة الدول الإسلامية في مكة المكرمة بشهر آب الماضي، التي شارك بها قادة 56 دولة تمثل أكثر من 1.5 مليار نسمة، أن هناك تساؤلات كثيرة حول جدوى هذه الاجتماعات وأهميتها.
إن القرارات تدعو الشعوب للتضامن لتوحيد الأمة الإسلامية ولم شملها، في مرحلة فارقة في تاريخ العالم الإسلامي.
وتؤكد تلك القرارات في المجال الاقتصادي، أنها تتضمن تأكيد أهمية الاستخدام الأمثل للموارد البشرية، والطبيعية، والاقتصادية، بدول العالم الإسلامي، والاستفادة منها في تعزيز التعاون بين دوله، والرغبة في زيادة حجم التجارة بين تلك الدول الإسلامية، ودراسة إنشاء مناطق للتجارة الحرة بينها، وتوجيه الدعوة للبنك الإسلامي للتنمية، لتأسيس صندوق خاص لمكافحة الفقر.
إننا ندرك أن الدول الإسلامية تمتلك ثروات طبيعية وبشرية ضخمة، ولكن لا تحسن استغلالها، في تشكيل أقوى تكتل اقتصادي دولي، يواجه تكتلات دولية، تجمع بين شعوب متفرقة في الدين واللغة والتاريخ، ويسهم هذا التكتل في إيجاد حلول لمشكلاتها فيما بين هذه الدول وبعضها البعض.
إن نسبة سكان الدول الإسلامية هو 23% من سكان العالم، ويقدر حجم تجارتها مع العالم نحو 4 تريليونات دولار بنسبة 12% من إجمالي الصادرات و10% من الواردات. بينما حجم التجارة البينية بين الدول الإسلامية، يقدر بنحو 523 مليار دولار وبنسبة 16,8% من إجمالي تجارتها مع العالم.
إن التنسيق بين هذه الدول يتطلب قرارات حاسمة وفعالة، وإن استغلالها لمواردها الحقيقية، والدعوة للتكامل الاقتصادي، ومحاربة الفقر والفساد بين أعضاء تلك الدول وإقامة مشاريع مشتركة، سوف لن تبقي فقيرا واحدا بين تلك الدول وتصبح أقوى تجمع عالمي لما له من روابط تاريخية وعرقية ودينية. إن المتابعة الحثيثة لتلك القرارات التي صدرت عن قادتها وعدم تركها نائمة في الأدراج، إنما تعكس الخير كله على الأمة ويحمل القوي (الضعيف) ويقوم كل فرد بواجبه وتشكيل لجان للمتابعة وإعطاء الاقتراحات البناءة، ونبذ النزاعات بين أعضاء تلك الدول، والتطلع فقط للمصالح المشتركة، التي تعكس الخير على كل فرد من الأفراد، وتطوير كل مرافق الحياة في كل قطر من الأقطار.
فإن تم ذلك التوحيد، والابتعاد عن رغبة الأعداء في تقسيم بلداننا وشرذمتها من مبدأ فرق تسد، فلن يكون هناك سيطرة علينا من دول أخرى وتصبح قراراتنا نابعة من ذاتنا، ويكون لنا قول الفصل، ولا نتلقى الأوامر من هنا وهناك وسيشار لنا.. بالبنان ويعترف العالم بقوتنا وقدرتنا الموجودة والكامنة ويجب ألا ننظر لتحليل بعض المجلات الأمريكية التي تصنف جزءا من بلداننا بأنها دول فاشلة، وهي لتي لا تستطيع القيام بالوظائف الأساسية المنوطة بها، مثل توفير الأمن، وتقديم الخدمات العامة، وإدارة آليات السوق، والإدارة الكفء، وتزداد خطورة هذه الدول مع ازدياد حدة الأزمات لأنها غير مهيأة لمواجهة المستجدات والمخاطر الداخلية والخارجية، وهذه الأزمات هي التي تبرز عوامل الفشل الكامنة في الدولة.
ويعتبرون أن بعض هذه الدول يصعب عليها إنشاء نظام ديمقراطي مدني نقي، حيث تسيطر الأجهزة الأمنية على الحكم، ولا يوجد حل للمشاكل إلا بالحل الأمني، ولا يوجد بها احترام لحقوق الإنسان، كما أن معيار الخدمات العامة كمياه الشرب والكهرباء وجمع القمامة والنفايات التي تسبب الأمراض للسكان فإنه معيار أساسي يجب تطبيقه حتى لا تصبح الدولة فاشلة.
إن سبب الانحسار الاقتصادي هو عدم قدرة الدولة على الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي.
كما أن أحد أسباب اعتبار الدولة فاشلة هو عدم التوازن في التنمية بين مناطقها وأحيائها وعدم المساواة بين أفرادها.
لذا حتى يكون لنا تكامل اقتصادي لنصبح دول قوية متقدمة يجب علينا الابتعاد عن أسباب اعتبارنا دول فاشلة والعمل على تجنب كل الأسباب التي تحول دون تطورينا وتقدمنا.