السلمية: التسليم للأغلبية
د. اسامة تليلان
02-10-2012 01:39 PM
أسامة تليلان
لا يمكن لعملية التسجيل للانتخابات ان تكون قضية جانبية في مسار عملية الاصلاح السياسي في البلاد، فقانون الانتخاب شكل المفصل الاكثر اهمية والاكثر جدلا في هذه العملية، وتبلور حوله استقطاب حاد وعمودي بين رافض للقانون دون ان يقدم بديل عادل له وبين راض بالقانون دون ان يفسر قبوله في سياق تعزيز العملية الديمقراطية، المهم ان التفاعل مقاطعة وقبول مع القانون تحول في لحظة الى استفتاء عام حول حزمة الاصلاحات السياسية التي تقدمت بها الحكومة.
ديمقراطيا وبدون الاغراق في التفاصيل المتعلقة بعملية التسجيل فان تجاوز نسبة الخمسين بالمئة ممن يحق لهم التصويت يعني ان حزمة الاصلاح الحالية وقانون الانتخاب قد حازت على قبول اغلبية من يحق لهم التصويت في الانتخابات.
قد لا نتفق مع بعض المفاصل الحيوية في مسار عملية الاصلاح السياسي والحزمة التي قدمت الى الان، وفي مقدمتها قانون الانتخاب الذي لن يفضي بالصيغة المطروحة ولا بالصيغة التي تقترحها جبهة العمل الاسلامي الى خلق حياة سياسية جديدة تعددية وتنافسية يمكن ان تغير المدخل الى تأسيس السلطة التشريعية وان تعيد الحيوية الى العنلية السياسية، لكن قبول هذه النسبة بهذا القانون تقتضي حسب الاعراف الديمقراطية الاعتراف بصوت الاغلبية والتحضير لجولة ديمقراطية جديدة من العمل من اجل كسب اصوات القاعدة العامة وخلق اليات جديدة للتعامل معها من اجل كسب اصواتها.
وبالنظر الى نسب التسجيل في المحافظات مثل الكرك والطفيلة وغيرها من المحافظات الاخرى نجد ان لا جديد ذا معنى في المشهد قد تغير فما زالت المحافظات تستحوذ على النسبة الاعلى من المسجلين واكثر من المدن الكبيرة وفي مقدمتها العاصمة، وهذه النسبة طبيعية من وجهة نظر بعض الدراسات التي وجدت ان الاطراف في دول مثل اليابان تستحوذ على نسب تسجيل مرتفعة عن المدن الرئيسة. فالامتناع عن التسجيل في المدن الكبرى لا يعبر عن امتناع سياسي محض وانما الى جانب ذلك تستحوذ عوامل اخرى على نسبة كبيرة من هذا الامتناع وكذلك الاقبال على التسجيل في الاطراف ليس اقبالا سياسيا محض وانما هناك عوامل اخرى تتحكم في هذه التوجهات.
بالمقابل وفي ظل هذه النسبة من التسجيل المرتفعة في المحافظات، فان على الحراك الشعبي ان يعيد قراءة موقفه في المحافظات التي انطلق منها، وفي ما اذا كان يعبر عن المزاج والتوجهات العامة للناس التي تحمل العديد من الحراكات اسمها، وان يعيد ترتيب اولوياته بحيث يتوجه بخطابة الاصلاحي الى قاعدته بحيث يولد لديها القناعات بطروحاته، الحراك جزء مهم في العملية الاصلاحية التي من المفترض ان تتصدى للقيام بها مؤسسات المجتمع المدني التي تغيب عن التأثير في توجهات الناس في الاطراف.
ربما فاجأ عدد المسجلين الكثير من الحسابات التي ربما ما كانت في افضل الاحوال ترى ان هذا الرقم سيتجاوز حاجز المليون، سلمية التنافس السياسي ليست شعارا يطلق في فضاء محتدم وانما قبول بمنطق الاغلبية وباليات وادوات التنافس السياسي السلمي وهذا هو التعبير الدقيق عن سلمية المعارضة والحراك، فالسلمية ديمقراطيا تعني التسليم للاغلبية.
ـ الرأي