اليوم يوم الانتخابات التي انتظرناها طويلا، لكنني سأذهب بعيدا عن صناديق الاقتراع الى صناديق المال العام. ولعلني من الاردنيين الذين استفزهم خبر نشرته اكثر من وسيلة اعلام اردنية عن قرار او تنسيب لأمين عمان رفعه الى مجلس الوزراء يقضي بإعطاء اعضاء مجلس الامانة راتبا او مكافآة شهرية مقدارها (1500) دينار اردني لا غير. وهذا الكرم يأتي لرفع المكافآة الاجمالية التي كانت تصل الى (400) دينار شهريا، اي بزيادة على هذه المكافآة (1100) دينار شهريا، لكل عضو من اعضاء مجلس الامانة الذين يصل عددهم الى (68) عضوا.الحكومة هي التي ستقبل او ترفض هذا التنسيب، لكن هذا لا ينفي اننا امام مشكلة وهي عقلية المسؤول الذي لا يتوقف عند الارقام التي تُمنح للطبقة الاولى من المسؤولين، ونحن في دولة تشتكي فيها الحكومة من عجز الموازنة، ويعاني الناس فيه من ارتفاع الاسعار المتتالية، كما اننا مقبلون على تحرير اسعار المشتقات النفطية بكل ما سيفرضه هذا على الناس من اعباء، ومع ذلك لا يتردد مسؤول في التنسيب برفع رواتب اعضاء مجلس الامانة من (400)- (1500) دينار شهريا.

ونتذكر جميعا ان اعضاء مجلس الامانة ليسوا موظفين، بل ليسوا متفرغين فلكل منهم وظيفته واعماله الخاصة من تجارة او هندسة او محاماة، ومع ذلك يتم اقتراح اعطائهم (1500) دينار هو راتب يمنح للنائب والعين وللوزير، فبأي حق يتم السعي لمنح هذه المكافآة الكبيرة لعضو مجلس امانة غير متفرغ، وهي مكافآة تعادل على الاقل رواتب (7) موظفين جامعيين في وزارات الدولة؟

والمفارقة ان هذه المكافآة الكبيرة ستمنح للعشرات اي (66) عضوا، بينما الامين له راتبه المعلوم، اما نائب الامين وهو شخص غير متفرغ فقد سبق للامين ان اعلن في مقابلة تلفزيونية قبل شهور عن رفع مكافآته من (1500) دينار الى (4000) دينار؛ اي ان زيادة شهرية تم منحها لنائب الامين مقدارها (2500) دينار. ولا ندري ما هي الزيادة التي ستعطى لهذا الموقع في التنسيبات الجديدة، اي ان مجلس الامانة بكامله وهو (68) عضوا سيتقاضى راتبا وزاريا كأنه (3) حكومات من حيث تكلفة الرواتب الشهرية، واذكر ان كل اعضاء المجلس غير متفرغين ولا موظفين.

ليست هنالك مشكلة في رفع رواتب القطاع العام، لكن الاصل ان تكون الحالة عامة، فبعد انصاف الموظف والمتقاعد والجندي وعامل المياومة، وكل ابناء القطاع العام ورفع روابتهم يكون مناسبا رفع مكافآت اعضاء مجلس الامانة او غيرهم من الكبار بهذه النسب غير المنطقية!

اما ونحن نمارس الترشيد على الناس يخرج بعض اجزاء الجهاز الحكومي بقرارات فيها من الاسراف والبذخ فهذا يعني ان هؤلاء المسؤولين إما لا يعيشون في الاردن، او ان عليهم ان يدركوا ان هذا الكرم في غير مكانه، تماما مثلما كان كرم احد مجالس النواب والحكومة دون وجه حق بإعطاء النواب والاعيان راتبا تقاعديا بمجرد دخول المجلس، واعطاءهم حق الجمع بين الراتب والمتقاعد بينما يحرم من هذا الامر صغار الموظفين، وسجل مجلس النواب سابقة بإعطاء تقاعد على مكافآة لأن رواتب النواب ليست رواتب بالمعنى القانوني.

اما السادة اعضاء مجلس الامانة الذين جاءوا بالانتخاب فكان عليهم ان يتذكروا شعاراتهم، وأن الأولى أن تُسخر الاموال لزيادة الخدمات، او للتقليل من الديون التي تم اقتراضها مؤخرا، كما ان (10) من اعضاء مجلس الامانة هم من كبار موظفي الدولة، فكيف يأخذهم احدهم مكافآة من الامانة اكبر حتى من راتبه، وهو ليس متفرغا لها.

من واجب الحكومة ان ترفض هذا الاقتراح وان توقف اي توجهات لا تخلو من الاسراف ولا تراعي ظروف البلاد والعباد.

sameeh.almaitah@alghad.jo