إصرار على الخصومة من الشعب
جمال شواهين
01-10-2012 04:53 AM
تنطبق قصة «يا رايح كثر ملايح» على رئيس الوزراء فايز الطراونة، ومثلها عندما يقال «ضربة مقفي».
إذ يصر على أن يستمر بالخصومة مع الشعب حتى آخر لحظة له رئيساً للوزراء، وهو يعلم تماماً أن قراره المجمد برفع أسعار المحروقات كان سيجر الويل على البلد والناس، ومع ذلك ينبري مرة أخرى لما هو أخطر وأكبر من أسعار المحروقات، موسعاً الدائرة لتشمل كل الخدمات المدعومة، بحيث تطال حياة المواطن في صلبها وتجعله بلا خيارات سوى الانتحار، أو التصادم الشديد مع الدولة.
لم أسمع قط من أي متابع ذي صلة عن حصافة وعمق بالسياسة عند فايز الطراونة، أو قدرة على التفكير الاستراتيجي بالحكم والإدارة وتوجيه الاقتصاد، وأكثر ما يقال عنه أنه رجل محترم ودمث وخلوق، أما لما يخص العمل السياسي فإنه مجرد تقديري برضا نظام الحكم والإصغاء الجيد والتنفيذي الحرفي. وكل ذلك لا يعني سياسياً محترفاً وإنما شخصية حكومية ورسمية ملتزمة جداً، لذا يطلق عليه وصف محافظ، علماً أن فئة المحافظين تملك تصورات وتوجهات وبرامج، وهي مفقودة عند الرئيس الطراونة تماماً.
وهو يدرك تمام الإدراك أن أيامه معدودة ينحرف لاجتماع مع طاقم من الحكومة يبشر الناس برفع الدعم، ولو أنه بحنكة لما فعل ولا صرح، وإذا كانت هناك خطوات من هذا القبيل كان بإمكانه تركها لغيره، وبعد الانتخابات لتكون المسؤولية الحكومة المنتظرة إلى جانب مجلس نواب غير الحالي.
سيخرج الطراونة من دائرة الحكم التنفيذي، والأكثر احمالاً أنه لن يعود مجدداً، إذ استنزف نفسه تماماً.
وعلى أساس ذلك لم يعد مهتماً بحجم الخصومة التي سيخلفها بين الناس والنظام. وهو إذ تعمدها بقانون المطبوعات والنشر، ثم بسلسلة التعيينات المثيرة للقلق، ومحاولة رفع أسعار المحروقات، وقانون الانتخابات فإنه يريد الوداع بضربة مقفي لا تذر ولا تبقي.
في الوقت الذي تستعد فيه المعارضة لزيادة منسوب جهدها السياسي بالمسيرات يعلن الطراونة مشروع رفع الدعم؛ ما يعني أنه يدفع الناس دفعاً للخروج إلى الشارع، فأي حصافة سياسية هذه، وأي عمق وبعد نظر؟!
السبيل