سًجِل .. شَارِك .. انتخِب .. ماذا بعد؟!
جهاد المنسي
30-09-2012 03:46 AM
اليوم تنتهي مهلة التمديد التي حددتها الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، للتسجيل والحصول على البطاقات الانتخابية، ووفق معايير القياس فإن عدد المسجلين للانتخابات يمكن أن يصل إلى حدود مليون وما يقرب من 900 ألف ناخب مسجل من أصل 3 ملايين و150 ألف ناخب يحق لهم الاقتراع بعد إسقاط أعداد العاملين في الأجهزة الأمنية والمغتربين.
الأمل كان يحدونا بان يصل عدد المسجلين إلى 2,5 مليون ناخب كحد ممكن، بمعنى أن يسجل ما نسبته 75 % من عدد الناخبين، فيما وصلت نسبة التسجيل وفق الأرقام الأخيرة إلى مشارف الـ60 % أو اقل بقليل، وهو رقم ربما ينظر إليه البعض بأنه مناسب إذا ما أخذنا قصر مدة عمل الهيئة المستقلة، وينظر إليه البعض الآخر بأنه رقم متواضع قياسا لعدد الناخبين الذي يفوق الـ3 ملايين.
الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات يمكنها حسب قانونها تمديد التسجيل من جديد على أمل زيادة أعداد المسجلين للانتخاب، وبالتالي الحصول على سجل انتخابات نظيف إلى حد بعيد، وكذا أعداد مسجلين أكبر، بيد أن عامل ضغط الوقت يمكن أن يقف عائقا أمام حصول ذلك.
الهيئة لا تستبعد إمكانية حصول خلل هنا أو هناك، ولكنها في الوقت عينه تؤكد أن أي خلل سيكون بلا تأثير ملموس، وحالات التسجيل الجماعي التي كانت تتم سابقا لم تكن موجودة حاليا، فيما تحاول الهيئة منع حجز البطاقات الانتخابية من قبل راغبين بالترشيح، وهي ظاهرة بدأت تظهر بوضوح خلال الفترة الماضية، وبدأ اللغط حولها يزداد رويدا رويدا.
القصة ليست في أعداد المسجلين أو في الأرقام المتوقعة ولا في تمديد الفترة مرة أخرى من عدمها، وإنما في الانتخابات بشكل عام، فالظاهر رغم كل حملات الترغيب التي قامت بها الهيئة، وما رافقها من "فزعة" من قبل مؤسسات حكومية وأئمة مساجد، للمساعدة وحث المواطن على التسجيل إلا أن الحافز للانتخابات ما يزال غير موجود عند عدد كبير من المواطنين، سواء عند أولئك الذين سجلوا أو الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التسجيل أصلا، وهنا تكمن المشكلة.
القصة ليست في موضوع المقاطعة بحد ذاتها بقدر ما تتعلق برغبة المواطن بالذهاب إلى صندوق الاقتراع، ولهذا كان لا بد أولا من إقناع المواطنين بالإصلاح وجديته، وأن الأردن بالفعل يريد أن يخرج من مرحلة لأخرى، وهذا يتطلب عدم التشكيك بولاءات الناس أو مواقفهم، واستيعاب الجميع تحت سماء الوطن، وفتح مجال أرحب لحرية التعبير، ودمقرطة كل قوانيننا، وقبل كل هذا وذاك، تقديم رجال دولة يتحدثون عن الديمقراطية بقناعة، وعن الإصلاح بحب وتفهم، دون أن يشعروك أنهم "قرفانون" من الإصلاح، وكارهون للديمقراطية.
نعم علينا أن نتعامل باعتبار أن الدولة ليست في معركة "كسر عظم" مع أحد، ولا يجب أن تكون، ولذلك فإن الهم الأول لنا جميعا بعيدا عن مواقف هذا الطرف أو ذاك من قانون الانتخاب هو الوصول لمجلس نيابي جديد يعبر عن إرادة الأردنيين، ويمثلهم وينقل همومهم، مجلس نواب مختلف عن سابقيه في الجوهر والمضمون وقادر على استعادة هيبة مؤسسة مجلس النواب المفقودة، وإعادة الاعتبار للسلطة التشريعية باعتبارها ركنا أساسا من أركان الدستور.
لذلك، وبعيدا عن رؤية من يمتلك موقفا حول قانون الانتخاب، ومن أعلن مقاطعته للانتخابات المقبلة، فإن قرار السير تجاه إجراء انتخابات، وإعلان موعدها، وقبل ذلك حل مجلس النواب يجب أن تقوم وفق زاوية أساسية هي قياس مصلحة الدولة العليا، وإن كانت تلك الانتخابات كفيلة بنقلنا من مربع إلى آخر، مربع جديد يضمن تأمين العبور إلى بداية طريق الإصلاح الشامل والحقيقي في كل مناحي الحياة.
إن كانت الانتخابات المقبلة لن تعبر بنا إلى طريق الإصلاح الحقيقي، فإنه سيكون علينا استقبال برلمان منسوخ عن الحالي وعن الذي سبقه، وسنجد أنفسنا نعيد اجترار ما قلناه سابقا على مر عام ونصف مضت، ووقتها يمكن أن لا يسمعنا أحد، على رأي فيروز "ما تندهي ما في حدا".
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد