الحلبي يبدي رأياً حول "الزحف المقدس" ..
29-09-2012 10:35 PM
عمون - (بترا ) - قال الشيخ علي بن حسن الحلبي ان المصلحة الكبرى للمواطن تنادي بصوت القلب ، بحزم مخاطبةً الضمائر قدِّموا مصلحة الوطن والمواطن وما أعظمها من مسؤولية على أمانيِّ الحزب ، والذات ، والنفس .
واضاف الشيخ الحلبي في بيان صادر عنه السبت ، وتلقت وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) نسخة منه ، قدِّموا المصلحة المحقَّقة ، القائمة الموجودة ، على ما تحسبونه مصلحة أكبر توهُّما مما لعله قد يُدخل الناس أجمعين في نفق مظلم وظالم .
وفيما يلي نص البيان :
جَمَعَني توفيقُ الله –سبحانه وتعالى-عصرَ أمس (الجمعة) –وبغير درايةٍ سابقةٍ مني-وللمرة الأولى في حياتي-بالأستاذ حمزة منصور (الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي)-الوجه الآخر لجماعة الإخوان المسلمين- ، فتصافحنا ، وتعانقنا ، وعرّفتُه –حينَها –بنفسي ، فكان جوابه -مبتسماً- :(معروف..معروف).
وقد كان سببُ اللقاء احتفالَ عقد زواجٍ لبعض أصدقائنا المشترَكين –في عمان العاصمة-،وجاء موضعُ جلوسي –لاقتضاء ظروف المناسبة – بجانب مجلسه-تماماً –وفقه الله- ؛ فاهتبلتُ فرصة ما قبل ابتداء الحفل بأن دنوتُ منه ، وهمستُ في أذنه -قائلاً-بما فحواه-: (يا أستاذ حمزة..كلنا في مركب واحد ، إذا غرقنا غرقنا –جميعاً- ، وإذا نجونا نجونا -جميعاً- ، والبلد –كما لا يخفى-لا يتحمّل ، وله ظرفه الخاص ، ووضعه الخاص ، وبلدنا ليس مصر ، ولا تونس، ولا...فأرجو التأني والتعقّل ، فإذا انفلتت الفتنة فلا مردّ لها ، وسيكون بلاؤها عظيماً-جداً-).
ثم قلتُ له:(أنا أعلم أن حضرتك لن تستطيع اتخاذ قرار في هذا الأمر إلا من خلال الحركة والتنظيم ، و..و..ولكنها أمانة أرفعها من عنقي ، وأضعها في عنقك).
وبعد انتهاء الحفل –وعند لحظة الانصراف ، والوداع-تكرّر الكلامُ -نفسُه- مع الأستاذ حمزة-بمعيّة بعض الأفاضل-ومن عدة زوايا-.
ولم يكن جواب الأستاذ حمزة –سدده الله–في كلا المقامين-بدءاً وانتهاءً- إلا في إطار تركيزه على أن (مسيرتهم سلمية)، وأن (مطالبهم إصلاحية)، وأنهم جرّبوا –من قبل-غيَر هذا الأسلوب-كثيراً-دون جدوى!
وأقول -بعد-للذكرى ، وللعظة- {لقوم يتفكّرون}:
رحم الله شيخَ الإسلام ابنَ تيميّة -القائلَ-:(والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء -فيها-عن دفع السفهاء) ؛ فلسنا نأمن -ألبتةَ-اندساسَ –ولا أقول: وجودَ- سفهاءَ -من هنا ، أو هناك ،أو هنالك –وذلك في محيط ظروف نفسية وسياسية متأزّمة -جداً-جداً-،وسطَ ترقُّب خبيث (متصاعد) من الجهة الغربية لنهر الأردن ! وتربّص عنيد (ممانع!) من الجهة الشمالية لحدود الأردن ؛ يريد كلا الطرفين –مِن وراء ذلك- زلزلة أمن بلدنا الأردن الطيب المبارك ، البلد الذي يُعجبني -جداً- لقبُ مَن لقّبه بـ (بلد المهاجرين والأنصار)-عبرَ موجات هجرة -متتالية- لكثير من الأشقّاء العرب –والمسلمين- في كثير من بلدانهم-استقبلهم –فيها أهالي هذا البلد المعطاء-كباراً وصغاراً-أعظمَ استقبال-؛ متقاسمين معهم –بكل حب وفخر- اللقمةَ من العيش ، والأبيضَ من القرش ، والبساطَ من الفَرْش!
نعم ؛ لا نشك –كما لا يشك كل ذي لُبّ- : أن الفساد –وبصور متنوعة- موجود ، بل هو -فواأسفاه-منتشرٌ ومُستشرٍ ، وفي مواقعَ شتى –خاصة ، وعامّة-وفي مستويات متعددة- ؛ بحيث أضحى هذا الأمر –ولعوامل عدة-معترَفاً بوجوده –وبواقع ما له من دافع- ، مع الحرص-ولو في درجات متفاوتة- على إزالته ، وكشف سوآته –وقد حصل ذلك -فعلاً- مع عدد ليس بالقليل-ولو نسبياً- ممن (كان)يُشار إليهم بالبنان- ، والأمل معقودٌ –أكثر وأكثر-أن تزداد المتابعة لهؤلاء الظلَمة، ويزداد الحرص على نبش تاريخهم المظلم ؛ حتى يطمئن (الناس) -أوفرَ-إلى جدّية الجهات المسؤولة –زادها الله من فضله-وفي مقدّمتها وليُّ أمر البلاد الملكُ عبد الله-زاده الله توفيقاً- في دفع بلاء الفساد ، ورفع لواء الإصلاح –وليس -فقط-من الناحية السياسية ،أو الاقتصادية-؛ بل -أيضاً-من جهة العقيدة ، والعبادة، والأخلاق-وهو الأمرُالذي لم نسمع (!) له –في سائر البلدان-ليس في بلدنا-حَسْبُ- حِسّاً ولا رِكزاً-على مَدى شهور ما سُمِّي بـ (الحَراكات الشعبية)-وفي ظلال ما عُرف بـ (الربيع العربي)-!
ولكنّ المقرَّر عند أصحاب العقول –ولا أقول: أرباب العلوم!-أنّ مِن شرط (دفع بلاء الفساد): أن لا يَعْقُبَهُ فسادٌ أكبر منه ! وأنّ مِن شرط (رفع لواء الإصلاح) : أنّ لا يترتب عليه فسادٌ -أيضاً- ؛ إذ (القاعدة العامة)-كما يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة-، أنه : (إذا تعارضت المصالحُ والمفاسد ، والحسناتُ والسيئات -أو تزاحمت-؛ فإنه يجبُ ترجيح الراجح منها -فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، وتعارضت المصالح والمفاسد؛ فإن الأمر والنهي -وإن كان متضمِّناً لتحصيل مصلحة ، ودفع مفسدة-؛ فيُنظر في المعارض له: فإن كان الذي يفوتُ من المصالح ، أو يحصلُ من المفاسد = أكثر : لم يكن مأموراً به؛ بل يكون محرماً -إذا كانت مفسدتُه أكثرَ من مصلحته-..).
وفي الأمس القريب –منذ أيام معدودة-نقلت وكالاتُ الأنباء عن (الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب)-أثناء مؤتمر سياسي كبير -في تونُس-، أن : (الثورات العربية فاقمت معدِّلات الجريمة ، ومخاطر الإرهاب)-وذلك على الرغم من وجود بوادرَ إيجابية -أيضاً-!
ورضي الله عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -القائل-:(السعيد من وعظ بغيره)؛ فلئن نجا بلدُنا العظيم -هذا-الذي لا نزال نتفيّأ ظلال أمنه ، ونتنعّم بتراب أرضه ، ونهنأ برزق خيره –على ما فيه من نقص وتقصير-كغيره-مِن قتلٍ أصاب غيرَنا ، ومِن فتنٍ هتكت أستارَ سوانا : فلا يضمن (!) أحدٌ –عند أدنى أدنى صِدام –لا قدّر الله-أن نَلْحَقَ بغيرنا -فتناً- ، وأن نفقدَ مقوّمات وجودنا-دماراً-وهو الشأنُ الذي لا يقبل به عاقلٌ-لا وجوداً ، ولا تصوُّراً-!
وما نحن فيه -اليومَ-مما أُطلِق عليه لقبُ : (مسيرة الزحف المقدس!)، أو: (مسيرة إنقاذ عمان!)- يتنزّل -تماماً-على تلكم المعاني الشرعية ، والعقلية -المنضبطة-، والتي -بإدراكها-تتحقّق أرفعُ معاني الأمن ، والأمان ، والإيمان ، وبالغفلة عنها –أو إغفالها-(قد) يحدثُ العكسُ، فينفرط العِقد ، وينفلت الزِّمام –وحينها لن ينفع الندم! ولن تُجدي التأوّهات-ولا مفرِّج إلا الله-عز وجلّ-..
فالمصلحة الكبرى للوطن -اليومَ-تنادي بصوت العقل –بقوة- محفّزةً الوجدانَ-:
اتقوا الله في هذا البلد..اتقوا الله في أمن الناس..اتقوا الله في أقواتهم ..اتقوا الله في إثارة النعرات بينهم..اتقوا الله في أن لا تُشمِتوا بنا أعداءنا –وما أكثرهم!-..اتقوا الله في مستقبل أُسَركم ، وأبنائكم ..
المصلحة الكبرى للمواطن -اليومَ-تنادي بصوت القلب –بحزم-مخاطبةً الضمائرَ-:
قدِّموا مصلحة الوطن والمواطن –وما أعظمها من مسؤولية- على أمانيِّ الحزب ، والذات ، والنفس-وتطلّعات كلٍّ-!
قدِّموا المصلحة المحقَّقة –القائمة الموجودة-على ما تحسبونه مصلحة أكبر -توهُّماً-مما -لعله-قد يُدخل الناس -أجمعين-في نفق مظلم –وظالم!-!
إن التحدّي لا يولّد إلا التحدّي –مهما ادُّعي -أثناءه-بالسلم ، والهدوء،والمنطق-!
وإن المواجهة –تحت أي عنوان كانت-لها عواقبها ، وعقباتها!
وإن الصبر –مهما تجمَّل به أهله وأصحابه-: فله حدوده ، وله دوافعه و..موانعه ..وقد يكون لشياطين الإنس-أكثر من شياطين الجن!-دورٌ فاعل -شديد-جداً-في إيقافه وتوقيفه ، وعكس اتجاهه!
إنّ صوت الدين يناديكم..وصوت الوطن يناديكم..وصوت العقل يناديكم..وصوت المستقبل يناديكم..
كونوا سببَ أمن وأمان..ولا تكونوا باب محنة وامتحان..
كونوا مفاتيح خير ، مغاليق شر..
وإنَّني إذ أكتب –ها هنا –محذِّراً-بكل شفقة ، وحرص-؛ إنما أكتب من واقع المسؤولية الشرعية -أولاً-، ومن باب المواطَنة الصالحة –فيما أرجو-ثانياً-؛ معبِّراً-فيما كتبتُ- عما يجول في خواطر ، وقلوب- وعقول- أكثر الناس –ممن جالستُ ، وسمعتُ-وكثيرٌ ما هم-؛ لا أكتب من منطلقات جهوية ، أو فئوية –شعبية أو حكومية-؛ فلم أَعْرِف -يوماً-ولله الحمد-عبوديةً لغير الله –جل في علاه ، وعظم في عالي سماه-من حزب يُسيّرني ، أو وظيفة تُغيّرني-..
ورحم الله مؤرخَ الإسلام الإمامَ شمس الدين الذهبي-من جلّة علماء القرن الثامن-القائل –تعليقاً على حوادثَ مؤسفةٍ وقعت بعد زوال دولة (إسلامية) ، وحلول دولة (إسلامية)أخرى-مكانها-في زمنِ عِزِّ الإسلام والأمة المحمديّة-لا زمنِ الوَهَن الوتبَعيّة!-تأصيلاً شاملاً ،وتأطيراً عاماً-ما نصُّه-: ( فالدولة الظالمة -مع الأمن وحقن الدماء-، ولا دولةٌ عادلةٌ تُنتهك دونها المحارم؛ وأنّى لها العدل؟!)!
ولسنا -والله- نريدُ ظلماً وفساداً –ولو قلّ- ، ولسنا –من باب أَوْلى-نبتغي إفساداً ودماءً –ولو شحّت-!
وكم -وكم-ننتظر –بشغَف وشوق-لا يعلم مداهما إلا العليم الخبير-يومَ يكون (الزحف المقدس!) –بالحق –بنياناً مرصوصاً-لاسترداد قدسنا الحبيب ، ويومَ يكون (الإنقاذ)-بالأمل-عزماً وتصميماً- للأقصى السليب!
فهل مِن متأمِّلٍ -بالحقِّ-إلى الحقِّ- يستجيب؟!
...حتى لا نكونَ ممَّن قال الله –تبارك اسمه- فيهم :{ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ}!
{ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}،{معذرةً إلى ربكم ولعلَّهم يتقون}..