دعونا نتحدث على شاشتنا ..
بسام بدارين
19-11-2007 02:00 AM
إستمعنا قبل أيام لزميلة عزيزة في التفزيون الأردني تحاول بصعوبة تحديد مواصفات بعض {الوجوه الشابة} من الأردنيين الذين يمكن تسجيل تعليقاتهم على الإنتخابات العامة بعد ان سئم الجميع الوجوه المتكررة على شاشتنا اليتيمة.الزميلة سألتني ما إذا كنت أرشح إعلاميين وأصحاب رأي أخر او حتى معارضين{ليس كثيرا} من باب التلوين والتغيير وحتى إقناع المشاهد الأردني مذكرة بان المتحدث ينبغي ان يكون {منطقيا} وليس عدائيا فالتلفزيون في النهاية يمثل الدولة.
وهذه المبادرة لطيفة وتستحق الدعم لكن أدهشتني الزميلة نفسها وهي تصف احد الأصدقاء بانه {معارض بيحنن} بمعنى انه من النوع الذي يمكن إستضافته في التلفزيون الأردني على أساس أنه راشد وعاقل ومتوازن وماأعرفه ولمسته هو عدم وجود معارضين في الأردن على الإطلاق فأعتى خصوم الحكومات والمؤسسات التنفيذية في البلد يلوذون بالقصر والملك في اللحظات الحرجةاو عندما يشعرون بغياب الإنصاف وذلك من تقاليدنا.
إلى حد كبير نعرف تقاليدنا ونفهمها لكن تقاليد التلفزيون الأردني في إستضافة الناس والمعلقين لا نفهمها حتى الأن فالزميلة المشار إليها وهي تطرح تساؤلاتها حول {أسماء جديدة} كان في ذهنها حصريا القدرة الفعلية على إستضافة بعض المعنيين وكانت تدقق بالموضوع لإنها تعرف ما يجري خلف الكواليس.
قبل سنوات تحدث زميل عمل في التلفزيون علنا في ندوة عن أسماء كان يستطيع إستضافتها وأخرى لا يستطيع وأذكر ان صحفيا لامعا كتب له ان ينتج برنامجا حدثنا على مأدبة عشاء عن {قوائم سوداء} ممنوع إستضافتها بأي حال مودعة في أدراج المدراء العامين ولا يمكن تجاهلها وقبل ايام فقط علمت بان الصديق جميل النمري خبير الإنتخابات الأول في الوسط الإعلامي غادر التلفزيون نحو القطاع الخاص لإنه {إختلف}مع الإدارة الحالية على آليات العمل والإستضافة.
قبل كل هؤلاء وفي الماضي القريب تدخل مسئولون وموظفون في الحكومة وغيرها بمنتجين ومخرجين وطلبوا منهم إستضافة فلان أو علان واليوم تغوص فرق التلفزيون قبل ساعات من عرس الإنتخابات الديمقراطي في طرح تساؤلات حول من نستضيف ومن نغير ومن نستطيع ان نستضيف .
والمفارقة ان عددا كبيرا من أذكياء المعلقين - وانا شخصيا لست منهم - يظهرون على كل الشاشات الخاصة والعربية والمجاروة ويتحدثون حتى بالشأن الأردني ومنتهى العلمية والموضوعية والوطنية دون ان تخصص لهم ولو دقيقة واحدة على شاشة تلفزيون وطنهم ,ورغم أن الأمر لا ينطوي على خسارة كبيرة من ناحية معدل المشاهدة حسب الأرقام والمعطيات إلى ان هذه المفارقة تؤشر على حجم المشكلة التي تتعلق بالأسماء التي تستضيفها برامجنا.
نستمع كثيرا لزملائنا المبدعين في التلفزيون وهم كثر للحق وهم يتحدثون عن تدخلات {غير مهنية} في عملهم تعيق كفاءة البرامج والأداء وهي تدخلات تبدأ من المدير العام وجماعته في المؤسسة أحيانا وتنتهي بالمدراء الأصغر وتمر كالعادة ببعض المسئولين والموظفين الذين يعتقدون بان مستقبل الأردن برقابهم فقط دون غيرهم... زملائنا يتحدثون عن فنيين وعمال مقاسم يتدخلون أحيانا في إختيار الأسماء او حجب الأسماء الأخرى ومن الواضح ان الزملاء لبا يستطيعون إستضافة أي خيار يقررونه على الهواء مباشرة قبل الحصول على موافقات متعددة.
بإختصار وبدون فلسفة ما أريد ان أقوله ان هذا السلوك غير مهني وغير ديمقراطي ولم يعد نافعا إذا كنا نتحدث عن المستقبل فإيجاد متحدث لبق او معلق مقنع للناس يحتوي المشهد ويتفاعل معه بلغة سليمة ومهنية مهمة مستحيلة إذا كان المطلوب نصف رأي أو ربع جرأة او خمس {حقيقة}.. نحن دولة لا تحفي شيئا كما قال الراحل الكبير الحسين بن طلال ومسيرة ملكنا عبدلله الثاني مكللة بالمواقف النبيلة والشريفة والواثقة ونخبتنا واعية ووطنية عموما وزملائنا في التلفزيون مبدعون حقيقيون ولديهم ما يقولونه فدعونا نتكلم في تلفزيوننا عن قضايانا.