ملاحظات برسم القائمة الوطنية
بسام حدادين
29-09-2012 06:58 AM
إضافة نظام التمثيل النسبي والقوائم الوطنية على قانون الانتخاب نقلة نوعية، ستحدث فرقا ليس فقط في أسس وقواعد التنافس، بل ستعطي الانتخابات أيضا نكهة سياسية افتقدتها الانتخابات السابقة. صحيح أن مقاعد القائمة الوطنية 27 مقعدا فقط من أصل 150 هي إجمالي مقاعد مجلس النواب، لكننا سنكون أمام تجربة مثيرة نتشوق لمتابعة فصولها ومظاهرها.
كان يمكن أن ندخل تجربة القوائم الوطنية النسبية ونحن أكثر استعدادا وجاهزية، لنجني ثمارا أطيب. كان ذلك ممكنا لو أن المشرع والإدارة السياسية (الحكومة) كانا مستعدين للانفتاح على الأفكار والمقترحات التي تلائم واقعنا، ودرجة نضج تجربتنا الديمقراطية والإفادة من تجارب الآخرين. وسنكتشف عند ولوج التجربة كم كان خطأ اعتماد نظام الترتيب المغلق لأسماء المرشحين (القائمة المغلقة)، وتأثير هذا الخيار على إعداد القوائم (زيادة) وصغر حجمها، وربما نجد انفسنا أمام قائمة واحدة أو اثنتين وربما ثلاث على الأكثر، يلامس عددها الـ27 مرشحا، وستكون هذه القوائم المكتملة العدد من لون سياسي واحد، ومن اليمين ويمين الوسط تحديدا، لأن هذا اليمين المحافظ يستعد للعودة إلى الحكم من بوابة الديمقراطية، باعتبارها الأكثر اتساعا والمتاحة لفرض الأمر الواقع. وقد بدأنا نشهد ظاهرة "بيرليسكوني" الإيطالي، اليميني الفاسد صاحب إمبراطورية المال والإعلام، تتجسد في الشارع السياسي بإنفاق البعض المال السخي وتقديم الرشى منذ الآن من جيوبه الخاصة، ويمول حزبه بنفقات هائلة، ولم نسمع من الحكومة تدقيقا في هذا الإنفاق المخالف لقانون الأحزاب.
لو كان اختيارنا وقع على نظام القائمة النسبية المفتوحة الترتيب لأسماء الفائزين، لأعطينا القوى الاجتماعية والسياسية الصاعدة صاحبة المصلحة في الإصلاح مساحة رحبة للتعاون والائتلاف، ما يوفر فرصة أفضل لتعددية التمثيل البرلماني. وسيتضاعف حينئذ عدد القوائم المكتملة، لأن المؤتلفين، أفرادا أو جماعات سياسية، لن يختلفوا على ترتيب أسماء المرشحين في القائمة.موقف المشرع الأردني والإدارة السياسية، حرم القوائم أيضا من الاستفادة من الأصوات الزائدة عن التمثيل النسبي، والتي لا تكفي للحصول على مقعد إضافي. وقد تصل عند بعض القوائم إلى عشرين أو ثلاثين ألف صوت. وكان يمكن إعطاء القوائم حق التجيير بالاتفاق المسبق والمسجل رسميا عند الهيئة المستقلة للانتخاب، أو بالنص في قانون الانتخاب على طريقة لاحتساب المقاعد وتوزيعها على القوائم تقلص هدر الأصوات إلى الحدود الدنيا. للأسف، لا يسعف قانون الهيئة المستقلة إضافة أي حكم قانوني جديد، وهي ملزمة بالتقيد بما جاء في القانون. كذلك، فإن موقف المشرع والإدارة السياسية، أخرج لنا قانون انتخاب يخلو من التفاصيل الضرورية لتسترشد بها الهيئة المستقلة.
والأخطر أن الإدارة السياسية تعتقد أن الهيئة المستقلة هي المعنية بوضع هذه التفاصيل الضرورية من خلال التعليمات التنفيذية، حتى لو أدى ذلك إلى إدخال أحكام قانونية جديدة، مثل وضع حد أدنى للقائمة الوطنية، ومنع الترشح الفردي على القائمة الوطنية، أو اعتماد نظام بعينه لتوزيع المقاعد على القوائم المتنافسة. أكرر مرة أخرى وأحذر من الانزلاق إلى إصدار أي تعليمات تنفيذية من الهيئة المستقلة تدخل أحكاما قانونية لم يرد عليها نص واضح في القانون؛ فالتعليمات تنظم القواعد القانونية ولا تنشئها. ندخل تجربة القوائم الوطنية وتجربة الهيئة المستقلة للانتخاب لأول مرة، وأنا على قناعة تامة بأننا سنتعلم من التجربة ونراكم الخبرات. المهم أننا بدأنا.
bassam.haddahdin@alghad.jo
الغد