لا أتكلم الخيال انه الواقع ولغة الأرقام، فعدد المرشحين النهائي حسب ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة ناصر جودة 885 سوف ينجحون جميعا لملء المقاعد المخصصة لمجلس النواب الحالي والبالغة 110 مقعدا. اشعر بكم أيها القراء الأعزاء ، حيث تثور أسئلة عديدة في أذهانكم ، مع قناعتي بأنكم متفقون على إصابتي بالهذيان والخروج عن المألوف، فمنكم من يقول ان الكاتب أصابه مرض ووجع في رأسه ، فشتان بين الرقم هذا وهذا، ومنكم من يرجع هذا الهذيان الى جو المرح والفرح ومنكم من يرجعه لخطأ في الأمور الحسابية، لكني في ذات الوقت أؤكد لكم جديتي وصرامتي في هذه المعادلة.
لا أريد أن أطيل عليكم لاني ارغب بالتوضيح وسوف اترك الحكم في النهاية لقناعاتكم اذا كنت فعلاً دخلت باب الهذيان هذا. والسؤال المحوري الذي ارغب بطرحه والاستفسار عنه حتى نكون قريبين من الفهم المشترك لهذه المعادلة، فيما إذا التقيتم بأكثر من مرشح في الدائرة الواحدة وسمعتم منهم عن فرص نجاحهم.
فأنا شخصيا التقيت كافة مرشحي الدائرة الرابعة في محافظة اربد وعددهم ستة عشر مرشحا،من بينهم ثلاثة فتيات، ولم تتولد عندي القناعة بان أحدا سوف يفشل، بل اني اجزم ان كافة هؤلاء المرشحين سوف يكون حليفهم النجاح، فكلما التقيت مرشحا شرح لي وبالتفصيل العدد الهائل ممن يؤازره والقليل من لا يؤازره ، من معه ومن عليه -على حد تعبيراتهم- وفي كل هذه اللقاءات كنت ابدع في مهارة الاستماع كنت أتلقى لا ارسل..اسمع اسمع لا انطق لكني لا اضحك..وفي النهاية يقنعني هذا المرشح انه الأقوى وان جميع العشائر والقوى والأشخاص ويفند ذلك بالأسماء يؤيدنه دون سواه، وهكذا مع كل مرشح حتى اكتمل عددهم في دائرتي، فكلهم أقنعوني انهم ناجحون، ليس لمهارة الإقناع بل بالأسماء والأرقام المحددة .
المشكلة ان ما ذكر على مسامعي من مؤازري لكافة المرشحين او من أطلقوا عليهم المرشحين" من معهم " هم أنفسهم ذكروا على السنت باقي المرشحين الآخرين!!!.
والان بدأت أتكلم ! لكن مع نفسي، واصدققكم انتم الأعزاء من تقرؤون..واتساءل عن سبب هذا النفاق الاجتماعي والذي لا أطلق عليه نفاقا سياسيا لاننا لم نصل الى حد النضج والمكر السياسي الموجود في الدول المتقدمة، وانه برأيي جزء من اللعبة السياسية أوافق عليه اذا كانت غاياته نبيلة في إنجاح مرشح مقنع بكفاءته وامكاناته ونزاهته حتى يمثلني. لكن عندما أؤييد كافة المرشحين بشكل مباشر او غير مباشر من خلال إيصال رسائل تأييد عديدة لكافة المرشحين وبطرق مختلفة سواء بحضور كافة المقرات مثلاً ، او من خلال زيارات خاصة وبأساليب اخرى. فان ذلك خداع للنفس اولا ثم للمرشحين.
خداع النفس : كون المرء منا يجب ان يكون صادق وامين امام الخالق عز وجل وحازم في شخصيته وفي قراره لان هذه المرشح هو نحن ومن سيمثلنا في البرلمان ويتحدث بلساننا، فعندما نرسل من لا كفاءة له فقد اضعت على دائرتي" منطقتي" وعلى وطني صوتا قويا أمينا مؤثرا. كذلك خداعا للمرشح نفسه: لانه بمثل هذا السلوك الاجتماعي الجماعي فننا نوهم هذا المرشح ونجعله يستمر في المسرحية التي يعتقد انه بطلها وهو أهلا لها وما هو بذلك، ويفاجئ بعد خسارته المادية كضريبة أولية لترشيحه واستمراره بانه اوهن عناصر المسرحية ويصاب بخسارة معنوية وربما جسدية لا تقاس.
لا اريد ان أطيل بل ارغب بالإشارة الى انه ربما يكون يوما ما منا من يطرح نفسه دون دراية تحت وطأة وظلم هذا النفاق الاجتماعي ونكون من ضمن هؤلاء المرشحون الناجحون الراسبون، ونكون أحوج ما امكن للصوت الصادق النابع من الضمير الحي الامين الذي يوقضنا وينصرنا على انفسنا اذا لم نكن اهلا لهذه المنافسة الديمقراطية الشريفة،وبالتالي لا يغرر بنا وبغيرنا .
الكاتب إعلامي وأكاديمي مختص في الشؤون السياسية
yousefaboalsheeh@hotmail.com
0795539615