أذكر عندما كنت طفلة صغيرة على مقاعد الدرس كانت معلمتي تمارس علينا شتى الوسائل لإدارة الصف وضبطه مرة بالترغيب وآخرى بالترهيب وكان الطلاب المشاكسون الأكثر حظا بالحصول على حلوى إذا صمتوا أو علامة (إكسترا) للمشاركة الفاعلة أو الجلوس بالكرسي الأمامي، والأكثر تضرراً بالصف كان الأطفال المجتهدين فلأنهم مجتهدين وصامتين بنفس الوقت لا ينطبق عليهم نظام المكافآت الممنوحة من المعلمة ويؤخذون بالمسلّمات فهم لا يعترضون معظم الوقت وعقلهم أكبر من أن يستوعب مشاكسات الطلاب الآخرين..!!
يبدو أن تلك الممارسات التي كنت اعتبرها ظلماً وإجحافا بحقي وانا طفلة صغيرة لا تدرك معنى الحقوق والواجبات ما هي إلا مثال مصغر لانتهاك أكبر تمارسه علينا مع الأسف حكومتنا الرشيدة ولكن على نطاق أوسع...!!! بالأمس أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة وافقت على منح كل موظف في دائرة الأراضي والمساحة مبلغ 150 دينار مكافأة تصرف مع نهاية كل شهر اعتباراً من بداية العام المقبل وذلك تنفيذاً لتعهداتها التي قطعتها للجنة المطالبة بحقوق موظفي الدائرة البالغ عددهم 1600 موظف بعد إضراب استمر نحو أسبوعين طالبوا فيه بتحقيق العديد من الشروط والمكاسب لهم وبهذا التصرف كانت حكومتنا قد فتحت الباب على مصراعيه للمضربين والمشاكسين بالقيام بإضرابات أكثر أو الاستمرار بها.
أعتقد أن الحكومة بموافقتها على صرف المكافأة الشهرية بعد الإضراب لمرة واحدة فقط يعني موافقتها الدائمة ورضوخها الدائم لتنفيذ كافة مطالب الإضرابات وموافقتها أيضا على وقف سير العمل وإنجاز المعاملات والمساهمة في شل حركة الاقتصاد الوطني وزيادة العجز..!!علما بأن هذا الإضراب قد كلّف خزينة الدولة ملايين من الخسائر وعطّل حياة المواطنين والمؤلم بالأمر أن المكافأة الممنوحة زادت من حجم الخسائر الناتجة عن الإضراب ..!! ان الحكومة التي استجابت لمثل هذه الضغوط الوظيفية لن تتمكن باعتقادي من الاستمرار بحل مشاكل الاضرابات بنفس الطريقة. والحديث هنا لا يقتصر على الأراضي والمساحة بل يشمل جميع الإضرابات من مؤسسات الدول الحيوية فقد سبقهم عمال الضمان الاجتماعي والبوتاس والأطباء وعمال الوطن في صويلح والممرضون يلوحون أيضا بإضراب جديد...!! واخشى انه يوما ما ستقوم الحكومة بإضراب على العمل وتطالب الشعب بمطالب..!!!
بالنسبة لي أن 150 دينار مكافأة لن تحقق العدالة بين الموظفين بكافة القطاعات ولن تسد أي ثغر مفتوح؛ لذا أطالب الحكومة بالعدول عن القرار فوراً وأطالب كل من يضرب أن يعود الى عمله ويكون أداة إيجابية للمساعدة في سد العجز.
وإذا كان لابد من المكافأة فلتكن للجميع ابتداء من عامل النظافة وانتهاء بموظفي الدوائر الحكومية وموظفي شركات القطاع الخاص وكل من يحمل رقم وطني كما تفعله باقي دول العالم المتحضرة وإذا كان لابد للحرمان فليكن للجميع..!! فلا فرق بين عربي أو اعجمي إلا بالتقوى... ولا فرق بين مجتهد أو مشاكس، بين موظف أو مواطن إلا بالعمل والبناء...!!!
rulanassraween@hotmail.com