الأردنيون حسموا خياراتهم بالمشاركة الايجابية
عمر كلاب
26-09-2012 06:01 AM
سارع نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد الى اقفال باب المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، عشية تصريحات ادلى بها رئيس الوزراء الاسبق فيصل الفايز، كشف فيها الفايز عن اقتراح باضافة صوت ثان للناخب على مستوى المحافظة ليرتفع بذلك عدد الاصوات للناخب الواحد الى ثلاثة اصوات «صوت للدائرة الانتخابية وصوت لمقعد المحافظة وصوت للقائمة الوطنية» وهو ما كانت جماعة الاخوان المسلمين قد طالبت به سابقا.
الاقتراح كان قد تقدم به الفايز للجماعة خلال وساطة شاركه فيها نائب رئيس الوزراء الاسبق جواد العناني وقوبلت الوساطة بارتياح سياسي وشعبي، بوصفها - رغم فردية وشخصية مبادرتها - فرصة لتخفيف الاحتقان السياسي المصاحب للعملية الانتخابية، التي بدأت بتحقيق مكاسب شعبية ظهرت على ارقام المسجلين للانتخابات المقبلة.
اقفال باب المشاركة مقرونا باشتراطات حزبية حسب تصريحات بني ارشيد، لا تغيب عنه الحصافة السياسية فقط، بل يظهر اختلالات جوهرية تعاني منها الجماعة على مستوى التفكير السياسي وعلى مستوى فهم اللحظة السياسية الراهنة، فقد اعادت الجماعة اشتراطاتها بتعديل الدستور وتعديل قانون الانتخابات مما يشير الى ان موقف الجماعة بالمشاركة ليس موقفا مرتبطا بالتطور السياسي واحداث التغيير الداخلي بل موقف مربوط بحسابات سياسية للجماعة ذاتها، فقد سبق ان اعلن امين عام جبهة العمل الاسلامي «الذراع السياسي للجماعة» حمزة منصور تجاوز الجماعة لطلب اعادة فتح بوابة التعديلات الدستورية في المواد «34،35 ، 36» لما بعد الانتخابات البرلمانية مقابل الغاء الصوت الواحد حسب تعبير الجماعة والحزب، واكد ذلك اكثر من قيادي اسلامي مثل نبيل الكوفحي واحمد الزرقان.
وعندما سؤل منصور عن شكل إلغاء الصوت الواحد قال اضافة صوت ثالث للناخب وهو نفس القانون الذي تقدمت به حكومة عون الخصاونة القريبة من جماعة الاخوان المسلمين، واعتبرت الجماعة القفز عن اقتراح الاصوات الثلاثة لحكومة الخصاونة تراجعا من الدولة عن الاصلاح.
رفض الجماعة المشاركة، رغم تحقيق مطالبها يعني ببساطة انها لا ترغب بالمشاركة الا بعد حسم ملفات اقليمية ابرزها الملف السوري الذي شهد تطورات جذرية مؤخرا بتجذير المعارضة الداخلية وارتفاع صوتها وقوتها امام طبول الحرب التي نادت بعسكرة الثورة وتسليحها وتنادي بالتدخل الاجنبي في سوريا.
وهو الوقت الذي اضعف نهج الجماعة في الاردن ودفعها الى التراجع عن مطالبها السابقة باضافة صوت للناخب والعودة الى المطالبة بتعديلات دستورية، مما يتطلب تمديد عمر المجلس النيابي الحالي الذي تصفه الجماعة والحزب بانه غير ممثل للشعب الاردني.
الكثبان المطالبية المتحركة للجماعة تكشف عن مأزق داخلي فقد ارتفعت مؤخرا اصوات داخل الجماعة والحزب تطالب بمراجعة موقف المقاطعة والتراجع عنه والدخول في العملية السياسية، التي اطلق الملك العنان لها دون سقوف او محاذير فكل القوانين بما فيها الدستور او ابو القوانين مطروحة للتعديل والمراجعة في البرلمان المقبل بل ان عرضا توافقيا من حزب التيارالوطني ثاني اكبر الاحزاب الاردنية رفضته القيادات السياسية في حزب جبهة العمل يدعو الى التوقيع قبل الانتخابات على مذكرة تضمن تعديل قانون الانتخاب الحالي يتم طرحها في اول دورة عادية للبرلمان المقبل.
اقفال باب المشاركة السياسية والدعوة الى مسيرة حاشدة يجري التحضير لها اوائل الشهر المقبل على قدم وساق، تؤشر بان الجماعة تسعى الى تأزيم الحالة السياسية والوصول الى نقطة صدام مجتمعي تكون رافعة التأجيل الانتخابي ومولدة لحالة داخلية مشابهة لما يجري في الاقليم المحيط والمجاور قوامه انسداد الافق والدخول في دائرة القلق الوطني التي يصاحبها غياب الامن.
تصريحات بني ارشيد المناقضة لتصريحات قيادات اسلامية سابقة، تشي بأن الجماعة تعاني من ازمة داخلية جراء ضبط مواقيتها على ساعة الاقليم وليس على التوقيت المحلي والوطني، تجد طريقها في التعبير من خلال التراجع عن المطالب ورفع سقفها كلما تحقق المطلب الاول اضافة الى ارهاب كل صوت يدعو الى الحوار الوطني الشامل والدخول الى الاصلاح من تحت قبة البرلمان لا من الشارع، وهي تعلم جيدا ان الاصلاح عملية تراكمية تعتمد البناء الدستوري والقانون من خلال المؤسسات الدستورية وليس من خلال الشارع او الضغط بالخارج.
فالشارع وحراكه لهما هدف واحد هو الوصول الى الحوار المنتج والايجابي والذي يحقق المطالب التوافقية للشارع الاردني بكل ألوانه وليست المطالب الحزبية الضيقة مهما كان اتساعها.
ولعل هذا التناقض هو الذي افقد الجماعة دسمها الشارعي وجعلها تطالب حتى المرضى بالمشاركة في مسيرتها المقبلة، بعد ان استجاب الشارع لصوت الحكمة في اجراء الاصلاح المنشود عبر بوابة التمثيل الشعبي في البرلمان فاقبل المواطن على التسجيل للمشاركة دون التفات الى اصوات التعطيل الوطني الذي سئم من ثنائية الحكومة - الاخوان ويسعى الى تعميق البناء الوطني بالوصول الى البرلمان القادم من رحم الناس والحكومة الحاصلة او الممثلة للائتلافات البرلمانية.
ارهاب الجماعة للاصوات المنادية بالمشاركة الايجابية والتغيير عبر البرلمان المقبل لن يحقق اهدافه، بعد ان استشعر المواطن ان افاق التغيير مفتوحة وان كلمة السر لها هي الانتخابات البرلمانية القادمة.
الدستور