ماذا لو كان الفيلم عن المحرقة؟!
جهاد المنسي
23-09-2012 03:17 AM
يستهدف غربيون مدفوعون بالتعصب الأعمى، وبشكل مقصود بين الفينة والأخرى تصوير أو رسم أو إنتاج افلام تسيء للإسلام، وتحديدا لسيدنا محمد عليه السلام.
تلك الأفلام تصور بشكل رديء، ودون عقلية احترافية، ويشارك فيها أشخاص غير معروفين فنيا، ويخرجها هواة، كما أن بعض الرسومات تنشرها صحف مغمورة غير معروفة في بلدانها، إلا أن قيام هؤلاء بإنتاج فلم أو نشر رسم كرتوني، يجعلهم تحت الضوء، وضحايا لحرية التعبير.
ما ينشره أولئك ليس له علاقة بحرية تعبير، ولا بحرية نشر، وإنما له علاقة بحجم كراهية يكنونه للآخر، ومحاولات دؤوبة لتصوير الآخر بشكل عدواني.
ربما يبدوهذا الكلام متأخرا للحديث عن فيلم رديء عن حياة النبي محمد عليه السلام، استنفر جموع المسلمين في بقاع الأرض، ودفع البعض لاقتحام قنصليات، والاعتصام أمام سفارات أميركا في المنطقة.
وعلى الرغم من أن بعض الأدوات الإعلامية العربية عملت طوال الفترة الماضية على تصوير ما حصل باعتباره عملا فرديا، ليس له علاقة بدولة بعينها، وأن الغرب يمتلك من حرية التعبير مالم نصل إليه نحن، وان أفلاما هوليودية نالت من سيدنا عيسى عليه السلام أكثر من مرة، وكأنها تقول إنهم ايضا يتحدثون عن المسيح عيسى بذات الشكل، إلا إن كل ذلك لم يجدِ نفعا وبقي الغضب مما حصل سيد الموقف، ولم تنفع حملات الترقيع في ثني البعض عن الوصول الى سفارات وتكسير مقرات، رغم ان هذا الشكل لا يرضي أحدا، ومرتكبوه يخدمون من صور الفيلم ومن أنتجه دون أن يدروا ما يفعلون.
القصة ليست في موضوع، وما تبعه من تحركات ومظاهرات، وإنما في معرفة قدرتنا نحن العرب والمسلمين على الوقوف في وجه مثل تلك الأشكال المستفزة؛ فالقدرة لا تكون من خلال تسيير المظاهرات، والاعتصام أمام ابواب السفارات، وإنما في قدرة العرب والمسلمين في التأثير بالرأي العام الغربي، واقناعه بوسطية الإسلام، وتسامحه.
قصة الفيلم المسيء لن تكون النهاية، وإنما ستتلوها أفلام ووجهات نظر، ورسوم كرتونية، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما سيخرج علينا من سيقول إن الموضوع ذو صلة بحرية الرأي والفكر والتعبير.
والغريب أن من يقول بحرية الرأي والفكر والمعتقد فيما يتعلق بشأن يخص المسلمين، سيقيم الدنيا ولن يقعدها إن تم تصوير فيلم مثلا عن المحرقة، وسيعتبر من صوّر ومثل وشارك ونشر معاديا للسامية ويُعتقل بتلك التهمة، وتلصق به أفعال ما أنزل الله بها من سلطان.
هنا مربط الفرس، إذ استطاع الفعل الصهيوني أن يقنع العالم أن كل من ينكر المحرقة معادِ للسامية ويجب محاسبته، وربما يجري مطاردته في الغرب، فيما لم نستطع، نحن العرب والمسلمين، الا القيام بمظاهرات، تبعها خروج غاضبين في ليبيا بالاعتداء على السفير الأميركي وقتله، وهم بذلك ينفعون مروجي الفيلم دون ان يضروهم.
الدول العربية والاسلامية عليها التفكير بأشكال أخرى غير الاستنكار والشجب لمواجهة من يقوم بفعل من شأنه التطاول على الأديان، فالحديث عن المحرقة مثلا لا يمس نبيا او دينا، ومع ذلك يجري محاسبة من ينكرها، ويرفض جوجل ويوتيوب نشر ذلك على صفحاته، بينما يتم نشر أفلام تسيء للدين الإسلامي، وإن أراد يوتيوب مجاملة المسلمين يقوم بمنع الوصل إلى الأفلام المسيئة في الدول الإسلامية فقط.
الدول العربية والإسلامية تتحمل مسؤولية ما يجري وعليها التعامل مع الغرب بالشكل الذي يفكر فيه، والوصول الى الأمم المتحدة وكل الجهات ذات العلاقة لوقف حالات الاستفزاز التي تجري أحيانا من خلال تشريعات تصب في هذا الاتجاه.
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد