ناج من الموت يتذكر جمال عبدالناصر
جهاد المحيسن
23-09-2012 03:16 AM
كاتب هذه السطور نجا من موت محقق بأعجوبة قبل ثلاثة وأربعين عاما نتيجة لقصف طائرات العدو الصهيوني لمواقع للجيش المصري في بلدة المزار جنوب مدينة الكرك، ولكن كيف؟
نشر أحد الأصدقاء على صفحته في الفيس بوك صورا لمواقع الجيش المصري في الكرك، وتلك الصور التي نشرت أعادت إلى ذهني حكاية حرب الاستنزاف عامي 1969-1970، التي دفع المصريون والأردنيون والسوريون أرواحهم ثمنا لها، كان أبي رحمة الله عليه يقطن بلدة المزار في الكرك، وكان بيتنا في تلك الفترة يقع إلى جانب قاعدة عسكرية مصرية، وكانت أمي وأخوتي الذين يكبرونني سنا يتحدثون عن مقاومة الجيش المصري لطائرات العدو وكيف كان أخوتي يتدربون مع الجيش المصري وهم صبية صغار.
المهم في القصة أن إحدى الغارات التي استهدفت القاعدة المصرية استدعت هروب أهلي إلى أحد الملاجئ لتلافي موت محقق، وفي غمرة هذه الفوضى والهروب من الموت نسوا الطفل الرضيع الذي لا يتجاوز عمره أشهرا في البيت، ولم يتذكرني سوى أبي رحمه الله، والذي عاد إلى البيت والتقطني وأعادني معه إلى الملجأ، وبقيت أمي وأبي رحمة الله عليهما يحدثونني عن تلك القصة وبقيت حاضرة وبقوة في ذهني كلما ذكر عبدالناصر وذكرت مصر والجيش المصري.
وقد كثر في الآونة تناول الحقبة الناصرية بكثير من الإدانة والاتهام والتشويه، ومن يقوم بذلك لا يعرف التاريخ ويضع رأسه في التراب كالنعامة، وعودة الهجوم على تلك الحقبة تجدد مع وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، وكان قد سبقها هجوم من أنصار التيار الليبرالي الذي كان يحكم في عهد حسني مبارك.
لذلك ثمة قاسم مشترك يجمع بين الطرفين؛ الحكم السابق والحالي، يتمثل بالتودد للمشروع الصهيوني والأميركي في المنطقة، ويتفقان على إدانة كل المرحلة الناصرية وتحميلها الكثير من الأخطاء التي لا تتحمل تلك الحقبة أوزارها.
والدافع للعودة للكتابة عن هذا الموضوع سببان؛ الأول: الأحداث الدائرة في سيناء، حيث أعلنت الحكومة أنها نسقت عملية التمشيط الأمنية في سيناء مع إسرائيل، وأن الحملة لا تنتهك معاهدة السلام بين البلدين، التصريحات المصرية تلك تأتي كرد على المخاوف الأميركية والإسرائيلية بشأن العملية التي شهدت نشر أكبر عدد من القوات والأسلحة الثقيلة في المنطقة منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد في1979.
السبب الثاني ما كتبه أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق في مذكراته عن حرب الاستنزاف، على الحدود الأردنية وقطاع غزة، وهي بؤر العنف التي تشكل تحدياً لشارون بعد تعيينه قائداً لمنطقة الجنوب العسكرية، في نهاية عام 1969.
كتب شارون "وخلال السنوات الثلاث لحرب الاستنزاف، انشغل جنودنا بإصلاح الأضرار وتحصين المواقع التي دمرتها المدفعية، وكلفتنا الكمائن والغزوات ضد دورياتنا أرواحاً غالية جداً، وعندما تم وقف إطلاق النار في آب 1970 كانت خسائرنا على امتداد القناة قد بلغت 1366 إصابة منها 367 إصابة مميتة".
Jihad.almheisen@alghad.jo
الغد