سادتنا الشيوخ .. وبعدين!!
أ.د عمر الحضرمي
21-09-2012 05:56 PM
لقد ترددت كثيراً قبل أن أكتب في موضوع "الإخوان المسلمون" و"جبهة العمل الإسلامي" ليس لخشية من شيء، بل لأني إلى الآن، وأنا أسطر هذه الكلمات، أكاد لا أصدق ما أقرأ وما أسمع! فآثرت التريّث ليثبت الظن ويصبح يقيناً.
منذ فترة طويلة بعثت برسالتين إعلاميتين لسادتنا الشيوخ الأكارم، ورجوتهم فيهما أن يعيدوا قراءة الفاتحة، وأن يراجعوا تفسير "الصراط المستقيم". وطالبتهم بأن يخشوا الله، لا أن يخشوا الناس، وسألتهم بالله عزّت قدرته وعظمته وسلطانه، أن لا يخرجوا عن جادة الصواب بتصرفاتهم وأفكارهم.
والآن وأنا أتنقل في مطالعاتي ومراجعاتي وقراءاتي بين طرف وطرف، أجد نفسي أمام شيء عُجاب، فالشعار الذي رفع في الشوارع، إنْ أنت أخضعته للتحليل والتفسير والتقييم، تجد نفسك أمام حالة من التوجس وعدم الاطمئنان لما يرفع من مطالب وعبارات، فيها ما فيها من محاولة استغلال حالة التصالح الديني القائم بين الله والأردنيين، وتوظيف تلك المحاولة لتحقيق مكاسب أقل ما يقال عنها أنها خادمة لأجندات خارجيّة، ظهر أخيراً أن أمريكا ليست الدولة الثانية فيها، بل الأولى، وبالضرورة، فإن ذلك يدخل المصلحة الإسرائيلية في السياق شئنا أم أبينا.
وتكبر كرة الثلج "الإخوانيّة" فيرتفع سقف مطالبهم بارتفاع الدعم الآتي إليهم من السفراء الأجانب ومن الجمعية الدولية التابعين لها، حتى وصل الأمر بأكثر من رجل من قياداتهم أنهم راحوا يملأون الهواء والماء والسماء والفضاء بالتحريض ضد البلد وضد استقراره، ولم تمنعهم من ذلك حالات التدهور التي عاشتها بعض الدول في الجوار القريب أو الجوار البعيد. كما لم يروّعهم أن هذا البلد يعيش على مكوّن التصالح مع الذات ومع الآخرين، وقبل ذلك فإننا نعيش حالة سلم أهلي، فيه القيادة ساكنة في وجدان الناس لأنها "طول عمرها" خادمة لهم، وهم مقيمون في عقلها وقلبها لأنهم نذروا أنفسهم منذ اليوم الأوّل ليكونوا نعم الأهل. كما توافق الطرفان على أن سلامة الأول من سلامة الثاني والعكس صحيح. ولعل هذا هو السبب الأساس في هذا الاستقرار والأمن الذي نعيشه في الأردن.
لقد فاض الكيل، وعدنا، نحن المواطنين العاديين، نشعر أن هناك تهديداً ما يحيط بالدولة وبالبلد وبالناس، وأن هذه التهديدات، للأسف، آتية من بعض مكوّناتنا التي كانت محط الرعاية من قِبل القيادة، في الوقت الذي عانت مثيلاتها الويلين من الآخرين.
في آخر ما استجد بدأنا نقرأ تسريبات من هنا وهناك، وكلها تُصَنّف بأنها "خطيرة"، ويجب التعامل معها بكل جدّية وحزم وحسم، خاصة ما تعلّق بأمر التدخل المباشر لتنظيمات خارجيّة في تنظيم الأخوان المسلمين في الأردن، وهذا يتنافى تماماً ويتعارض كليّة مع القوانين والأنظمة وقبل ذلك الدستور، الذي يمنع منعاً تامّاً أية علاقة سياسية غير منضبطة بين أية مجموعة أردنية، وخاصة الأحزاب، وبين الجهات الأجنبية، والأخطر من ذلك قيام علاقات مالية أو فكرية، هي في المحصلة ستصيب البلد بالضرر.
لقد تجاوز سادتنا الشيوخ كل الخطوط، وبدأوا يتحدثون بلهجة تعرّضية انقلابيّة، وبصورة مباشرة وعلنيّة. والأخطر من ذلك أنهم بدأوا ينصّبون من أنفسهم أوصياء على الشعب والقيادة والبلد، وراحوا يؤلبون الناس، ليس على الاحتجاج المشروع، ولكن على ممارسة الفوضى حتى لو كان ذلك يصنّف بأنه سعي لتحويل البلد إلى مسارات مرفوضة، بل وأنه يعتبر، إلى حد كبير، فساداً في الأرض.
سادتنا الشيوخ،
كما قلت لكم أكثر من مرّة أننا نُشهد الله ونُشهد حملة عرشه وملائكته وجميع رسله وكل خلقه، أننا نرجوا رحمته ونخشى عذابه وننأى عن عصيانه، ونحن مثلكم نؤدي صلواتنا ونصوم ونزكي ونحجُ إنْ استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وقبل ذلك فإننا نَشْهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، إذن لماذا تريدوننا أن نعيش قطعاناً عندكم؟ لماذا تريدون أنْ تصادروا عقولنا؟ اتركوا لنا فسحة من الأمل في أنْ نمارس حياتنا العادّية بكل أمان، وساعدونا، وأظن أن هذا واجبكم، على تصريف أمورنا بما يرضي الله، وبما يرضي ضمائرنا. وأرجو أن تفهموا يا سادتنا الشيوخ أن كثيراً من الرسائل قد وجهت إليكم، ليس بقصد إشعاركم أننا فهمنا ما يجري ولكن لنقول لكم، وأنتم من أهلنا، أننا لا نرضى، وأنتم بالتأكيد، لا ترضون، أن تضيع البلد أو أن تتدهور الأحوال، وهذا على ما يبدو هدف أنتم مدركوه، بوعي أو بدون وعي، وكلنا نرجّح الثانية، أو على الأقل نرجو أن تكون الثانية. وحتى ذلك الحين نقول لكم... سادتنا الشيوخ... وبعدين!!