من العودة لدستور 52 إلى العودة للميثاق
د.مهند مبيضين
20-09-2012 05:10 AM
لطالما كان لدى النخبة مجالٌ للتذرع بشيء من العودة للماضي للخروج من تحدي الراهن، والحل يجب ألا يكون بالاستماع لمطالب هذه النخب، بل بتجاوزها إلى ابعد ما ترمي إليه والتقدم عليها والإصرار على التغيير دونما التفات لوصاياها؛ فهي كانت مسؤولة عن جزء من حالة الـتأخر التي وصلنا إليها، لا بل فإن قلة منهم يكاد يندر وجودها، ممن اتخذت موقفا سياسيا واضحا فاستقالت أو انتحت جانبا نتيجة عدم المضي إلى ما هو ممكن من الإصلاح، وتلك التي تستحق الاحترام، تظل أيضا نادرة.
المطلوب اليوم تحييد النخب التي جُربت، لأنهم حتى حين تبنوا أفكارا إصلاحية لم يفلحوا في تطبيقها أو الدفاع عنها، أو اتخاذ موقف واضح تجاه ما نالهم من إحباط، وصراع قوى تكالبت ضدهم كما يقولون، وكانت النتيجة أنهم تحولوا إلى منظرين لإصلاح البلد، أو منتقدين لها في المنابر.
والحياد إن لم يكن خيارهم، فلا بدّ أن يطلب ذلك منهم من الشارع الذي وثق بهم في زمن الصمت وسلمهم مقادير الوطن، وآمن بإمكانية تحقيقهم لانجاز ما، وحين جاءت صحوة الناس وأيقظها، صوت الربيع العربي، قفزت الأصوات المجربة مسبقا لتهدي الأردن والأردنيين للصلاح والإصلاح، بالدعوة للعودة لحلول الماضي، لكي ننظف ما جاء بعده، وما شارك هؤلاء في رسم معالم تأخره.
في الأردن، الشعب سينال في النهاية ما يستحقه، وما يريده أولا، نخبا نظيفة ووطنية لا مغرقة في الليبرالية التي لا ينتمي لها هؤلاء إلا من حيث شهوة البحث عن إطار ولو كان موهوما، وهو لا يريد نخبا محافظة مغلقة أو متحجرة، لا تنظر للقوى الشبابية وفكرة المعارضة إلا أنهم باحثون عن تقليد للنماذج العربية التي ثارت في مصر وتونس وغيرهما، وبالتالي نريد قيادات تقدر الشباب ومطالبهم وتفهمهم من الواقع لا من الخارج، ونخبا تقر بالفساد وتحاربه ورجال دولة منفتحون على فضاء التغيير الممكن ولا يتهمون الناس بوطنيتهم لمجرد اختلافهم معهم.
اليوم يرتفع الصوت بالمطالبة للعودة للميثاق الوطني، وهي دعوة عجز، وإفلاس وسوء تقدير، فجل الشباب الموجود اليوم في الحراك الشعبي، وفي الجامعات والعامل في الفضاء الالكتروني الاجتماعي لا صلة له بالميثاق أو زمنه، ومساهمته واضحة وهي المطالبة بالعدالة الاجتماعية ورفع الصوت ضد الفساد وضد دعاة الإصلاح من أبواب السفارات الغربية.
كان للنخب التي تدعو اليوم للعودة للميثاق، شرف التجريب في التخطيط لمستقبلنا منذ نحو عقد أو أقل، وقد فشلوا، وهم اليوم دون قصد ينالون منا، ومن وعينا ومن حصيلة ما أردنا له أن يتحقق دون وصايتهم وأبويتهم المقيتة، كان لهم شرف التجريب، وجاء ريعه لهم ولأبنائهم ومحاسبيهم وزمرهم، ولم ينجحوا وإنما استمرت أخطاؤهم كوليد مجهول يبحث عن دار مأوى وأم مفترضة.
مفارقات كثيرة تلك التي تلفنا، من قبل النخب التي تشتهي الحضور هنا كلما أرادت ذلك، ولو حدث ذلك، فهو بغيٌ؛ فهم يرون أن هناك أمكانية للمغامرة من جديد بمصير الدولة والنظام السياسي، عن طريق العودة للوراء، وهي عودة لا تغتفر.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور