أطفال لا يسمعون .. وأثرياء لا يدفعون
ماهر ابو طير
18-11-2007 02:00 AM
ليست هي المرة الاولى ، التي يتم فيها الحديث ، عن حاجة الاف الاطفال في الاردن ، الى قواقع الكترونية ، لحل مشكلة عدم السمع ، فقد اثير هذا الموضوع مرارا وتكرارا.من المؤسف ، ان يعاني الاف الاطفال ، والحالات في ازدياد ، من مشاكل في السمع ، ويشخص الاطباء ، حالات هؤلاء الاطفال ، عبر الاشارة الى حاجتهم ، لتركيب قواقع الكترونية ، من اجل السمع ، والقوقعة ، جهاز صغير جدا ، يتم تركيبه في الاذن بعد عملية جراحية ، ويخضع الطفل بعد ذلك لتدريبات ، من اجل اكتساب اللغة ، وكلما تم تنفيذ العملية في سن مبكرة ، كانت العملية اكثر نجاحا.
حاليا ، تبلغ كلفة القوقعة الواحدة من عشرة الاف دينار الى خمسة عشر الف دينار ، وفقا لنوعيتها ، وفي الغرب ، يجرون العملية عبر تركيب قوقعتين للطفل ، في كل اذن قوقعة واحدة ، وبات ممكنا اليوم تركيب قوقعة واحدة ، غير ان الافضل هو تركيب قوقعتين اثنتين.
بمعنى ادق ، كلفة انقاذ الطفل في هذه الحالة ، تبدأ من عشرين الف دينار الى ثلاثين الف دينار ، والمشكلة التي يواجهها الاطفال في الاردن ، هي عدم وجود تغطية مالية لهكذا حالات ، وعدم وجود تغطية مالية لكلفة شراء القواقع الالكترونية ، وببساطة نشهد تزايد حالات الاطفال الذين لا يسمعون ، فيما ننفق مالنا نحن على حفر الانفاق وبناء الجسور ، ولست اعرف ما فائدة الانفاق والجسور ، وهناك في شعبنا من يعاني اشد المعاناة ، ويمكن انقاذه.
اقترحت ، مرات ومرات ، ان يتم ايجاد صندوق للقوقعة الالكترونية ، تتبرع فيه الجهات الرسمية ، والقطاع الخاص ، ويتم اطلاقه رسميا ، بموازنة كبيرة ، مع مركز لتدريب الاطفال ، وهو مشروع ، لم ينفذ لا ..اردنيا ، ولا عربيا ، على الرغم من سهولة تنفيذه ، اذا توفر القرار ، ومن يشتغل على هكذا مشروع.
كنا نفهم ، ان هناك حالات معقدة لاطفال ، وامراضا نادرة لا يمكن حلها ، او التعامل معها ، لكننا لا نفهم ، كيف يتم ترك الاف الاطفال ، لا يسمعون ، على الرغم من امكانية انقاذهم ، واي ضمير عام هو هذا الذي نتحدث عنه ، وهو ضمير نائم وغافل ، عن الاف الاطفال ، بل أي مروءة واي شعارات يتم طرحها ، وحولنا الاف الاطفال الذين يتألمون ليل نهار ، ونتخلى عنهم ، بكل انانية ونتركهم مدمرين ، على الرغم ان وضعهم سببه ، حالة البخل وعدم الاهتمام.
اطلاق مؤسسة او مبادرة وطنية كبرى او صندوق لحالات القوقعة الالكترونية ، هو امر هام جدا ، بدلا من انفاق عشرات الملايين سنويا ، على قضايا قابلة للتأجيل ، فحفر نفق او بناء جسر في عمان ، يمكن تأجيله ، وكرامة الطفل اهم الف مرة من هكذا مشاريع ، صماء ، لا قيمة لها ما دام الانسان يعاني ، وحل مشكلته ليس صعبا.
من يهمه الامر ، عليه ان يجد حلا لهذا الملف ، ومن يهمه الامر ، عليه ان يقول كلمة لصالح هذه المبادرة ، التي لا تريد الا قرارا ، وارادة ، وتبرعا وحثا للقطاع الخاص على التبرع ، واطلاق هذا المشروع فيه انقاذ الاف الاطفال ، الذين لا يسمعون ، حتى لا نكتشف ذات لحظة ان عددهم قد زاد ، وعندها تصبح المشكلة كبيرة جدا ومهينة لنا جميعا.
بدون الانسان ، تصبح كل الشعارات حبرا على ورق ، فمن سيصدق هذه الشعارات ، اذا كان ابن المواطن ، او ابن جاره مريضا ، ولا يتم انقاذه.