ما إن تفتح عينيك صباحا، أو تسمع الأخبار أو تقرأها أو تشاهد الناس، حتى يبدأ مسلسل التوقعات الذي لا ينتهي. وتلك التوقعات دوما مربوطة بالأمنيات التي دوما لا تتحقق؛ فتأتي الرياح فيها بما لا تشتهي السفن. وهذا ينطبق على الأحوال السياسية والاقتصادية، وقد لا أبالغ بالقول أيضا على شكل العلاقات العاطفية في أحيان كثيرة.
تزداد وتيرة التوقعات عند ناسنا بحسب الظرف السياسي والاقتصادي الذي يحكم المزاج العام الذي أصبح في تقلب شديد، ومعكر نتيجة للإحباط العام الذي وصل إليه الناس من جدوى الحديث في الشأن العام؛ إذ إن هذا الحديث أصبح لا يقدم ولا يؤخر. وهذا بدوره أدى إلى تنامي ظواهر جديدة تحتاج إلى رصد وتحليل ومتابعة من قبل الباحثين في علم الاجتماع وعلم النفس. لكن ثمة بارقة أمل دوما تلوح في الأفق، ويتم تداولها بكل تثاقل وملل "بتوقع".
وأمام دسامة الأحداث وتواليها السريع، يتم التداول وبقوة، على سبيل المثال، أن مصادر سياسية رفيعة مطلعة توقعت حل مجلس النواب السادس عشر ورحيل حكومة فايز الطراونة نهاية الشهر الحالي، أو في الأيام الأولى من الشهر المقبل على أبعد تقدير. وبحسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، فإن "التوجه داخل الدوائر الضيقة في صنع القرار استقر على ذلك" بعد عودة الملك عبدالله الثاني من زيارته للولايات المتحدة الأميركية.
والسبب في تلك التوقعات التي جاءت من مصادر سياسية أشار اليها الخبر المنشور في "الغد"، صدور الإرادة الملكية التي قضت بفض الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة السادس عشر، نتيجة فشل مجلس النواب في عقد جلسة لأكثر من مرتين لمناقشة قانون المالكين والمستأجرين، والنويا المبيتة للنواب لإطالة عمر مجلسهم غير المأسوف على رحيله.
وما نزال نتحدث عن دائرة التوقعات التي ترى أنه سوف تتضمن الإرادة الملكية بحل مجلس النواب إرادة أخرى تقضي بتحديد موعد الانتخابات المقبلة؛ إذ ينص الدستور على ضرورة إجراء الانتخابات خلال أربعة أشهر من حل مجلس النواب. وهذه التوقعات من السياسيين المطلعين على طبيعة التفكير الذي يدور في دوائر صنع القرار الضيقة، ولكن بماذا يفكر الناس العاديون؟
ليس هنالك فرق كبير في التوقعات، ولكن ثمة توقعات أخرى تدور في خلد المواطن العادي تتعلق بمستقبل الإصلاح السياسي، وإلى أين وصل ملف مكافحة الفساد، وهل هنالك حلول لمشكلة الغلاء التي تطرح نفسها وبقوة، والإشاعات التي يتم تداولها عبر كثيرين عن النية لرفع الدعم عن كثير من السلع الأساسية التي تشكل العصب الرئيس لحياة المواطن الذي يغرق في رمال الجوع والفقر المتحركة التي تسحبه شيئا فشيئا إلى الهاوية؟
وضمن تلك السياقات الغارقة في التوقعات، لا أتوقع أن يحدث تغيير جذري على تساؤلات المواطن العادي، وستبقى أسئلته التي لم تتم الإجابة عنها عالقة، ويبقى غارقا في التوقعات حتى إشعار آخر!
(الغد)
jihad.almheisen@alghad.jo