الاردن يعيش هذه الايام ازمة اقتصادية خانقة سببها الاول هو تخلي الدول الخليجية عن دعم موازنته ماليا, وثانيها هو ارتفاع اسعار النفط والغذاء عالميا, مما دفعه الى طلب الاستدانة من الجهات الدولية المانحة, وهو بذلك يصارع وحيدا في مواجهة ظروف معقدة تمر بها المنطقة ولها تداعياتها عليه.
الاردن يستورد 96% من المشتقات النفطية و 87% من الغذاء ولديه مؤسسات اقتصادية تعاني ولديه بطالة, ولديه تحديات سياسية غيرها, كا ان لديه اطول حدود برية مع اسرائيل ولهذا فان استقراره هو امن واستقرار لدول الخليج كلها وخاصة المملكة العربية السعودية التي وقفت الى جانبنا طيلة السنوات الماضية لكنها تركتنا هذا العام دون ان تقدم لنا اي شيء, وهذا ما ارهق موازنتنا التي بالكاد فيها رواتب واجور للعاملين بالقطاع الحكومي.
المملكة العربية السعودية بمواقفها السياسية والاقتصادية كانت الى جانبنا, فقد بادرت قبل سنوات الى دعم طلب ترشحنا لعضوية مجلس التعاون الخليجي, واستبشر الاردنيون الخير والعطاء من خادم الحرمين الشريفين والاسرة المالكة التي تحظي بثقة ابناء الاردن ولها مكانة مرموقة في العالمين العربي والاسلامي, وكنا نأمل منها ان تلبي هذا العام رفد موازنتنا بالمال حتى نبتعد بالحد الادنى عن البنك الدولي ومؤسساته المالية وحتى من الوفاء بمتطلبات الداخل, ذلك ان تقرير وزارة المالية الاردنية الذي نشر مؤخرا اشار الى أن حجم المساعدات العربية والاجنبية التي وصلت خزينة الدولة بلغت (25) مليون, فيما بلغ حجم المساعدات لنفس الفترة من العام الماضي اكثر من (1.25) مليار دولار, جاءت من المملكة السعودية, ولهذا اضطر الاردن الى الذهاب الى الجهات الدولية طالبا العون والمساعدة.
الاشقاء العرب في المملكة العربية السعودية قدموا لنا مشكورين مساعدات خلال العام الماضي وعليهم ان لا يتركونا وحيدين في هذه الازمة التي تدفع بعض الاطراف الى استغلالها, ضمن دولة بلا موارد استراتيجية, ونواجه موجات ارتفاع لمواد الغذاء عالميا, كما ان لدينا مؤسسات سيادية تحافظ على امن واستقرار الاردن, وهذا بدوره ينعكس ايجابيا على امن واستقرار دول الخليج العربي, فما نطالب به هو ان لا تتركوا الاردن وحده في هذه المرحلة السياسية الخطيرة من تاريخ المنطقة كلها.
نحن في الاردن ننظر الى الاشقاء العرب على انهم السند الحقيقي لنا في الملمات, ونتطلع دوما الى التكامل العربي الذي هو اساس قوتنا, ودائما نتوافق مع الاشقاء في المملكة العربية السعودية حول مختلف القضايا العربية الاقليمية, ونقف الى جانبهم بكل امكاناتنا, ,لهذا بادرنا الى الانخراط فعليا في العمل مع مجلس التعاون الخليجي ايمانا منا بان الاردن هو جزء من امته العربية, وانه قوي بامته, وان إدامة أمنه واستقراره هو إدامة لأمن واستقرار الخليج العربي كله, ونحن اليوم نعيش ظروفا اقتصادية صعبة لا تخفى على اشقائنا, فالمأمول منهم دوما ان يكونوا الى جانبنا وان يعملوا على اسعافنا, وان لا يتركونا في هذه الازمة التي خنقت قطاعات الدولة كلها.
موازنة الدولة الاردنية كلها لا تتجاوز موازنة محافظة صغيرة في بلد عربي كبير, فالمليارات الستة التي نصفها يأتي عبر الضرائب والنصف الاخر يتم توفيره من خلال القروض والمساعدات العربية والغربية بالكاد يكفي لسداد رواتب الموظفين, ولدينا مؤسسات مالية تتمتع بقوانين حديثة, ولدينا اقتصاد ضعيف, وما نتطلع اليه هو سد عجز الموازنة لهذا العام.
الديار