عمون - الكل يقول للكل: نفتقد (البروفيسور الخجول)..
للذي يذكره قلبي .. إلى (ادوارد سعيد) اكتب, وكلي فخر..
عندما يأتي الثلاثاء القادم, سيكون الشهر (المبلول) قد استعد للرحيل, ستاتي رائحة الشتاء, ولربما اول قطرات السماء.. سيكون (ايلول) قد بدأ يومه الـ 25, و(الـ 25) من الشهر يوم ليس كباقي الأيام, لكل من يؤمن بالتميز, لكل من يقاتل كي يثبت الذات, واثبات الذات, مسالة يتقنها أصحاب الارادات القوية (لا الضعيفة)..
عندما يأتي ايلول من كل عام, اهرب من الدنيا, اختبئ داخل نفسي, لان (نفسي وحدها) تفهم حزني على غياب (زهر اللوز) عن هذه الارض..
(في ايلول).. اهمس:
(قلبي أنت, يا صاحبي وصاحب الفكر النير.. لماذا جعلتني احبك إلى هذا الحد, واتعلق بفكرك الى هذا الحد.. شكراً لك لأنك في قلبي, وشكراً لكل الكلمات الجميلات التي كتبتها وما زالت في الذاكرة, شكراً لعالم السياسة لأنه عرفني عليك)..
(ادوارد) لم يمت.. ومن قال غير ذلك فهو واهم وواهم.. يا أصدقائي (المبدعون) لا يموتون, هم يتظاهرون بذلك.. فالذي يؤسس فكر النقد العلمي الحديث (لا يموت), والذي يدافع عن حرية الشعوب والمضطهدين, لا يموت.. والذي آمن بفكر (التعايش بين الاديان) لا يموت.. والذي دافع عن حق الحالمين بالقمة والحرية (لا يموت).. والذي طالب بان يقف العالم ضد الاحتلال والاستبداد (صدقوني لا يموت).. والذي يذكره الملايين في شتى المعمورة وهم يدرسون مؤلفاته (بالمطلق, لا يموت) ..
الموت هنا (يا اصدقائي) يأخذ شكل البقاء الثابت.. الموت هنا يأخذ شكل الغياب الجسدي فقط, ولا معنى للجسد حين تكون روح الكلمات تدق القلوب..
(غياب الجسد وبقاء الفكر).. معادلة ليست صعبة عندما نفكر بها جيدا, معادلة يفهمها (أولو الألباب)..
25 ايلول.. انه يوم كباقي الايام عند اللامكترثين لعلم الحياة.. يوم ليس كباقي الايام عند المؤمنين بالتغيير والحداثة والرقي الفكري..
انه يوم رحيل المفكر العربي - الاميركي (ادوارد سعيد) عن دنيا اتعبته من طفولتة, دنيا جعلته لاجئا بعدما كان برجوازيا مقدسيا, لتتكون في ذهنيتة القناعة التالية :
(حياد الإنسان يقتل في داخله الطموح) .. لا حيز لمسألة الحياد في حياة (ادوارد), لهذا صار (ادوارد) ما اراد..
هذا (البروفيسور) مختلف ومختلف, كان يتحدث بطريقة غريبة, كان يحس بمشاعر أخرى .. كان يصنع المفاهيم بأسلوبٍ إبداعي .. لهذا, كان العالم ليصبح أكثر امتلاءً لو كان حاضراً فينا اليوم, لكان قال تفسيره الدقيق لاحداث تعصف اليوم بالعالم من كل تجاه, كان ليحلل لنا ثورات العرب من زاوية اخرى, ولربما قال جملة تفتح الف أفق وأفق, لكن الله اراد ..
كان لـ (ادوارد) ضحكة وإحساس خاصان.. حارب مرض السرطان الذي أصابه لأعوام بواسطة حب الموسيقى والحياة .. لكنه انهزم أمامه في العام 2003.. كلنا سوف ننهزم .. حتى المنتصرون .. فالمجتمع الذي لا يعرف معنى الهزيمة .. مجتمع غير ناضج بكل تأكيد ..
اليوم نستذكر ( ادوارد) في ذكرى رحيل الجسد, نستذكر ايلول لان (أيلول) كان قاسيا بسرقته لـ(ادوارد) ولفكره وأدبه وسياسته, ولتفاصيل عشقة لجغرافيا الشرق, ولمساندته للهنود القدامى, الذين توسلوا إليه أن لا يثق بـ(الحداثةِ الفوضوية), وان يبقى مساندا للمضطهد ولقضاياه الهمومية .
تبقى فكرة الحديث..
فقط انها حالة..
احببت ان اذكرك واقول لنفسي: ( ايها
البروفيسور الخجول.. كم انا مشتاق)..