الانتخابات أصبحت مهمة وطنية لإنتاج مجلس نيابي من طراز جديد
أصبحت الانتخابات النيابية المبكرة واقعا، لا يمكن تجاهله بعد حديث جلالة الملك عبد الله الثاني، ولم يعد أحد يجرؤ على التكهن بأن الانتخابات المبكرة لن تُجرى قبل نهاية هذا العام بعد أن حسم قرار حل مجلس النواب الذي لن يتعدى نهاية الأسبوع الجاري، لتلحقه الحكومة ويُجرى بعدها تشكيل حكومة جديدة تُناط بها مهمة الإشراف على العملية الانتخابية.
الجدول الزمني القانوني يقول: إن المدد المطلوبة لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام بعد إغلاق باب التسجيل في نهاية الشهر الجاري تشير للحاجة إلى 85 يوما من تنقيح الجداول وحتى يوم الاقتراع العام.
وهذا، يعني أن الهيئة المستقلة للانتخابات تستطيع الجزم بأن الانتخابات يمكن أن تُجرى ابتداء من يوم الخامس والعشرين من كانون الأول المقبل، خاصة أن عمليات التسجيل بدأت تشهد إقبالا مطردا، وأن الوصول إلى رقم مليون ونصف مليون ناخب بات تحصيلا حاصلا، وأن الطموح بأن يزيد الرقم عن ذلك.
إذًا المهمة باتت اليوم محددة، إجراء الانتخابات النيابية أصبح مهمة وطنية لإنتاج مجلس نيابي من طراز جديد، مجلس يخلع ثياب التزوير والطاعة العمياء والامتثال للأوامر، ليصبح ممثلا حقيقيا للناخبين الذين سئموا تزوير إراداتهم كل دورة انتخابية، مجلس نيابي يعيد التمثيل السياسي والاجتماعي الحقيقي للأردنيين، مجلس يستطيع أن يقنع الناس أنه وكيل لمصالحهم وأن بإمكانهم أن ينصرفوا إلى بيوتهم وأعمالهم وهو يتولى كل مطالبهم المعيشية والإصلاحية.
التغيير لا يبدأ من النائب القادم بل من الناخب المحتمل. نبحث عن تغيير في نفسية صاحب القرار في اختيار النواب، نريد أن نزيل من عقلية الناخب كل العصبيات، ونريده أن يذهب إلى صندوق الاقتراع فرحا لا يحمل حقدا على أحد، وفي باله مستقبله ومستبقل أبنائه فقط، يقترع لصاحب البرنامج الذي يحمي مصالحه وحقوقه، لا نريد لاقتراعه أن يعيد إنتاج الوجه السيئ للعشائرية أو المناطقية أو الطائفية.
بل نريده ناخبا واعيا لما يدور حوله ومتفاعلا مع مجتمعه ،ويعرف أن المشاركة السياسية جزء مهم من المواطنة، ناخبا لا ينتهي دوره عند تفريغ حمولة صناديق الاقتراع، ناخبا يبدأ دوره الحقيقي في الرقابة على أداء ممثليه تحت القبة، يراقب مستوى أدائهم ، يمدحهم إن أجادوا التعبير عن رأيه ويرفع لهم الكرت الأحمر إن هم حادوا عن الطريق.
أما الأحزاب السياسية فإن لها دورا معتبرا ولا نريد لها أن "تشيخ" فتزداد تسلطا وتمسكا بالخطأ، بل نريدها أن تكون أول من يساهم في عملية البناء الوطني لا الهدم، عملية التغيير نحو الأفضل لا التجميد، فالبقاء في الشارع هو خيار عبثي لا يوصل إلا إلى الفوضى، والعاقل هو من يرص الخطوات، خطوة بعد أخرى لتعبيد الطريق الطويل نحو الديمقراطية.
nghishano@yahoo.com
العرب اليوم