حتى الحراك عليه واجب اقتصادي
سلامه الدرعاوي
12-09-2012 12:10 PM
الحكومة اليوم بعد تجميد رفع الاسعار تجد نفسها امام واقع مرير يتطلب تفهما من جميع الفعاليات والمواطنين, فالجميع مطالب بالحفاظ على الاستقرار الذي من خلاله تستطيع كافة القوى ان تعظم الاستفادة من تفعيل جهود جذب الاستثمارات والسياحة وخلق اجواء مريحة في البلاد .
لا احد يستطيع قراءة او تنبؤ عواقب استمرار الاحتجاجات او تداعياته على الامن العام في البلاد, خاصة ان هناك من يتربص بالاردن وهو على اهبة الاستعداد لتوظيف احتياجات المواطنين في اثارة القلاقل والفتن بين العامة حتى يصبح الوضع مشابها لما هو عليه في الجوار.
كما ان هناك اقتناعا بدأ تترسخ اركانه من ان رفع الاسعار لن يحل أية مشكلة اقتصادية على الاطلاق فالمعالجات تتطلب نظرة شمولية تعمل على تحفيز الاداء الاقتصادي واعادة الثقة من قبل المواطنين والمستثمرين من جديد.
المأزق الاقتصادي الذي تمر به المملكة يتطلب من كافة الجهات العمل على التكاتف للخروج الى حالة اليقين التي ستخدم الجميع وليس طرفا على حساب طرف ، فالكل في مركب واحد.
ليس صحيحا ان الحكومة وحدها قادرة على اخراج الاقتصاد من الازمة الراهنة ، فالمسألة تتطلب تعميق مفهوم المواطنة من جميع فئات المجتمع ابرزهم الفعاليات النشطة في الحراك الشعبي خاصة الاسلاميين الذين هم جزء اصيل من مكونات المجتمع لاردني ، يتطلب منهم الخروج من العمل الحزبي التقليدي ورفع الشعارات والقيام بالمظاهرات والمسيرات الى مبادرة غير تقليدية من شانها ان تساهم في مزيد نحو الاستقرار الاقتصادي في المجتمع .
الجميع يعلم ان الاسلاميين يملكون شبكة علاقات متميزة واستراتيجية مع القيادة السياسية في مصر ، والكل يدرك مدى تأثر الخزينة العامة من جراء الانقطاع المتكرر للغاز المصري عن المملكة ، وبشكل غير مبرر، ما يكلفنا أربعة أضعاف سعر كيلو الواط الواحد,ما يكبد الاردن خسائر اقتصادية تتجاوز 5 ملايين دينار يوميا ، وهو امر ولد ضغوطات على الموازنة تسبب بارتفاع العجز والمديونية . لذا نستغرب الموقف المصري في ظل الحكومة الجديدة التي يسيطر عليها ويقودها الاخوان المسلمون. يأتي ذلك في ظل ما يمر به الاردن من تداعيات اقتصادية جراء تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين للاردن.
وقد يتساءل مواطن ما هو دور الاخوان المسلمين في الاردن مع الاخوان في مصر وخاصة بعد أن طالبوا قبل أيام الرئيس المصري بعدم لقاء اي طرف صهيوني في الولايات المتحدة الاميركية.
لذلك الكل يتطلع الى ذلك الدور المجسر نحو خدمة الاردن من خلال توظيف تلك العلاقات في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للمملكة ، بواسطة تامين احتياجات المملكة من امدادات الغاز وتوفير آلية واضحة وأمنة في هذا الامر الحيوي والمقلق للاردنيين ، بدلا من مواصلة الانتقادات للسياسات الاقتصادية بشكل متواصل لا يغني ولا يسمن من جوع .
الجميع يدرك تماما حجم الحضور الاسلامي لدى الفعاليات الاقتصادية الخليجية سواء الرسمية ام الاهلية ، وهو ما يحتم على اسلاميي الاردن الانتقال الى دور جديد في المبادرة لمساعدة الاردن في عدة مجالات رئيسية لعل ابرزها في موضوع المساعدات والاستعجال في قدومها للمملكة ، ناهيك من جذب الاستثمارات الخليجية للاردن التي توقفت بسبب تداعيات الربيع العربي في المنطقة وتنامي حالة عدم الاستقرار .
المرحلة الراهنة تتطلب وقف الشعارات والانتقادات والانتقال الى الحلول والمبادرات الخلاقة ،فالوطن للجميع سواء في ايام الرخاء ام الشدة ، واي شخص يستطيع اليوم ان يقدم سلسلة طويلة من الانتقادات والملاحظات على اي سياسة او برنامج تنموي ، لكن المواطنة الحقيقية تتطلب تقديم الحلول البناءة والبدائل المرنة والمبادرات الهادفة لكافة قوى المجتمع .
الراي.