مجلس الأعيان .. بيت الثقة!
خالد سلمان القضاة /قطر
15-11-2007 02:00 AM
ربما من النادر أن خاض مواطن أو كاتب في الحديث عن مجلس الأعيان الأردني، وقد لا تزيد معرفة المواطن العادي عن هذا المجلس سوى أنه مجلس يكون بالتعيين، ويكون أعضاؤه من شخصيات وطنية تبوأت مناصب عليا في الدولة. وقد يخالط البعض هذه المعرفة، فيظن أن الأعضاء إنما هم مقربون ومحسوبون على مؤسسة العرش، من غير اعتبار أو حسبان. أمـّـا وجهة نظري وفهمي الخاص لمجلس الأعيان، بتحليل واجتهاد، فهو أنه مجلس الحكمة، والحكمة فيه وفي وجوده؛ وقبل ذلك، الحكمة الموفقة في اصطفاء أعضائه. السبب الذي جعلني أطرق هذا الموضوع في هذه الأيام، هو ما تتناقله الألسن في بعض العشائر الأردنية، من أن بعض وجهائها ورجالاتها يسعى إلى عرقلة الجهود الرامية إلى تحقيق إجماع على مرشح واحد من العشيرة، لحاجة في نفس ذلك الوجيه أو من أسميه (رجل المنصب)، وهي أن تخفق العشيرة في إيصال أحد أبنائها إلى مجلس النواب – وخاصة تلك العشيرة التي تحظى بوزن عددي في دائرتها الانتخابية. وأبدأ بالاعتقاد أن هؤلاء (الرموز) أنفسهم لا يؤمنون بما تتناقله الألسن من اتهامات لهم، لأنهم، ويجب أن يكونوا، من الفئة ذات الدراية بدهاليز السياسة الأردنية بأعلى مستوياتها. وقد لا تتعدى مساعي هؤلاء (الرموز) العشائريين، إذا صحت الاتهامات، إلا محاولة لاحتكار الوجاهة أو البقاء في الفئة ذات الحظوة (المناصبية) في العشيرة. فمجلس الأعيان الأردني، بلا منازع، هو مجلس الحكماء وأهل الرأي والخبرة والإخلاص للوطن والعرش والأمة، يصطفي أعضاءَه صاحبُ الجلالة، من بين سَدَنة هذا الوطن العزيز، استنادا إلى رؤية ملكية ثاقبة، تتمتع بالبصيرة والحصافة؛ وهي رؤية عميقة متأنية، تَتَوأمت على الدوام مع شيم سليلي العِترة الطاهرة.
ويتميز مجلس الأعيان الأردني بأنه يجعل أولويته الأولى خدمة الوطن والقائد، من غير مجافاة أو محاباة في غير وجه حق. ويستند أصحاب السعادة أعضاء المجلس في كل مسالكهم ومسائلهم، إلى توجيهات ٍ ملكية أسبغ الله عليها السويّة والرويّة؛ فيصدعون لقناعة وإرادة صاحب الجلالة، ويأتمرون بكل مكنونات المقام السامي، التي يتلقاها المجلس من لدن جلالته. ويمتاز أصحاب السعادة الأعضاء بأنهم أهل دراية بخير هذا الوطن، وبأنهم أمناء مؤتَمنون على مصلحة وإنجازات هذا البلد الآمن الأمين – بحول الله. كما يتحلى أعضاء المجلس بحميد الأخلاق ومستقيم الدرب؛ وهم بذلك قدوة تُقتدى ومثال يُحتذى، في دِلالة على نقاء المجلس الذي يطرح جلالة القائد ثقته فيه.
ولقد دأب المجلس على الدوام، على التآلف بين أعضائه كافة، وعلى التفاني المطلق في إبراز ثوابت الدولة الأردنية ومسيرتها المظفرة، متزوداً بحنكة يتجمل بها أصحاب السعادة الأعيان – وهم أعيان الأمة الذين اصطفتهم عين خبير. ويربأ مجلس الأعيان الأردني بنفسه عن مَواطن الغموض وصغائر الأمور التي قد تعتري صفو مهمته الجليلة التي يوليها جلالة القائد كل اهتمام، فنجده على الدوام متأهباً لتجلية السائغ السليم – إلى أن يحصحص الحق! وبهذا الحال لمجلس الأعيان الذي يحتضن خِيرةَ الخيرة، والرجال الأوفياء، والقابضين على جمر الوطن؛ فإن صاحب السعادة عضو المجلس لا يكون اختياره وتعيينه لمجرد الترضية، وإنما عن جدارة في ماضيه وحاضره، وبرؤية ملكية رانية ٍ إلى مستقبل مشرق لهذا الشعب الوفي بانتمائه الوطني وولائه الهاشمي.
وقد لا نظلم أحدا بالقول إن مثل هذه الاتهامات التي يكيلونها لرجال أفنوا عمرهم في خدمة الوطن، إنما هي اتهامات لا تخدم الحقيقة، ولا تضطلع بمسؤولية، ولا تنبئ بواقع حال. فقد يحدث أن نتهم أحدهم بأنه يسعى إلى تفتيت العشيرة، لنفسه ومن تلقاء نفسه، ولمأرب قد يكون بعيد المنال؛ ولكن لا يجوز أبدا أن ننظر إلى مجلس الأعيان بأقل من مكانته الرفيعة، لأنه في البدء وفي المنتهى، مجلسٌ يتأتّى عن تمحيص واتئاد، وليس فيه من تغليب لمصلحة الفرد على الوطن. وإذا كان صحيحا أن هنالك ساعين إلى عضوية مجلس الأعيان أو طامعين فيها، من خلال الفتك بلُحمة العشيرة أو العمل خِفية ً على قولبة دورها في نسيج المجتمع وبنيان الوطن، فإننا جميعا ننكر عليهم ذلك؛ لأن مجلس الأعيان إنما هو إرادة ملكية غامرة، تصدر عن فطنة وهبها الله تعالى لصاحب الولاية والأمر في هذا الوطن العزيز - جلالة الملك.
alkodah@hotmail.com