facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا دهى الحراك الشبابي؟! عيسى الشعيبي


mohammad
11-09-2012 06:23 AM

لعل أنصع راية خفقت في سماء الربيع العربي، كانت راية الحركة الشبابية التي فاجأت نفسها بإحداث هذا التحول التاريخي بعيد المدى في حياة الأمة، وتحقيق أول ثورة شعبية في تاريخ العرب على مر الحقب والعهود؛ ثورة عبرت الحدود ووحدت القلوب، وزلزلت الأرض تحت أقدام حكام طاعنين في الفساد والاستبداد، فاستحقت هذه الحركة المفعمة بروح التغيير الحقيقي، نيل وسام الجدارة بالشرف الرفيع.

ومع أن الحراك الشبابي الذي تقاطرت قواه غير المنظمة إلى ميادين التحرير وساحاته عبر الفضاء الإلكتروني، لم يقبض بمفرده طوال الوقت على زمام هذا الربيع المديد، ولم يظفر بنتائجه التي صبت في أحضان القوى الإسلامية على وجه الخصوص، إلا أن الفضل في تدشين هذه المرحلة التأسيسية من تاريخ العرب الذين بدوا كأنهم خارج التاريخ، يظل معقوداً لهؤلاء الشباب الذين فتنوا العالم كله بكل هذا المضاء، وجلبوا لنا جميعاً أبلغ آيات الاحترام والإعجاب.

وحين يكتب تاريخ هذه المرحلة من التاريخ العربي الحديث، فسوف يدون الرواة والباحثون بكل تأكيد، أن من أملى هذا الربيع هم شباب ليبراليون ذوو خلفيات وطنية ديمقراطية، أتوا من خارج إطارات الأحزاب القديمة والقوى الاجتماعية الكلاسيكية، وحققوا هذه المعجزة العربية العظيمة بدون قادة كاريزميين، ولا فلاسفة ومنظرين، ومن غير شعارات متطرفة، حتى بعد أن التحق بهم بعض الأصوليين والانتهازيين والمدعين.

استذكر ذلك كله وأنا أنظر بعين القلق إلى ما آل إليه الحراك الشبابي لدينا في الآونة الأخيرة، وما اعتور مسار هذه الحركة النبيلة الواعدة وساد بعض أوساطها من مظاهر تطرف، وشطط على مستوى الخطاب والهتاف، أحسب أنه عوار قادر وحده، وفي مدى قريب، على تجريد هذا الحراك من شرعيته الشعبية، وتبرير المسوغات الأمنية ضده، وإيصاله إلى الحائط المسدود بسرعة لا يشتهيها له سوى ألد أعداء الإصلاح الحقيقي.

وليس لدي شك في أن آفة التطرف كانت دائماً، في كل المطارح والأوقات، السبب الأساس في هزيمة أكبر الحركات الجماهيرية وأعظم الثورات، وذلك وفق ما تدل عليه الوقائع، البعيدة منها والماثلة في الذهن، فما بالك إذا ما كان الحراك الشبابي طري العود بعد، وقليل التجربة إلى الآن، ونهباً للتوظيف والاستخدام من جانب قوى ذات أجندات تتقاطع جزئياً مع مثل هذا الحراك، وتفترق عنه كلياً في الدوافع والغايات، على نحو ما تنطق به تطورات الربيع في هذه الديار التي لم تسفح فيها نقطة دم واحدة!

ومرة أخرى، فإن التطرف هو الوصفة السحرية لفشل الثوار على الدوام، بل والمقبرة المفتوحة لوأد أشد التنظيمات إحكاما، وأوسع حركات الاحتجاج شعبية. والأمثلة على هزيمة التطرف لأصحابه أكثر من أن تعد، والسوابق على انهيار النماذج بين يدي صانعيها أكثر من أن تحصى، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة الاعتصام بحبل الوسط، وتجنب الانجراف والانفلات، والتمسك بأهداب الاعتدال.

إزاء ذلك كله، ومن موقع التعاطف مع الحراك الشعبي، والرهان على طاقاته الخلاقة في إحداث الإصلاحات الحقيقية المنشودة، ومن ثم عبور هذه المرحلة الملتبسة بالحد الأدنى من الخسائر والآلام، يضع كل ذي إرادة حسنة يده على قلبه، وهو يشاهد كل هذا الانزياح غير المفهوم من جانب بعض قوى الحراك عن خط البدايات المبشرة، وكل هذا اللغو والغلو غير المقبول في الأقوال الجارحة والمواقف الصادمة بحسب مشاهد الاعتصام أمام بيوت بعض الشخصيات العامة.

ما أود قوله بتلخيص شديد، هو أنه لا قيمة لأي إصلاح، ولا معنى لأي حرية تعبير وديمقراطية، ولا مغزى لأي تنمية وازدهار، إذا ما تم كسر القانون، والخروج على النظام العام، والاحتكام إلى عصبية ما قبل الدولة، واستسهال الاغتيال السياسي؛ إذ بدون احترام القانون حتى وان كان جائراً، والقبول بقواعد اللعبة حتى وإن كانت مجحفة، والاعتصام بحبل الدولة والمؤسسات، فلا غاية تدرك ولا أمل يرجى من أي إصلاح.

issa.alshuibi@alghad.jo

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :