facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العرب:ماض و حاضر ثقيلين !، سامر العبادي


mohammad
10-09-2012 05:48 PM

سامر محمد العبادي

كنت قد هربت من قراءه فلسفه المفكر العربي , عروبي الفكر محمد عابد الجابري , في مناقشاته للعلاقه الجدليه و الحاجه لإعادة ترتيب العلاقة بين الدولة و العروبة و الإسلام , محاولاً كعادته تفكيك التشابك و اعادة شرحه , و العودة به الى ينابيعه الأولى .

امعاناً في هذه المتوالية و خروجاً منها , و حيث سرقني التأمل , في حالة التهاوي التي نعيشها , و في ذاك الخطاب العربي الذي يحاول الخروج الى رحم التاريخ , و ان حاول " التعكز "على تيارات لا تملك رؤية مستقبلية بقدر امتلاكها رؤية " ماضوية " ترى : الى أين يسير العرب الذين كلما نفضت الحضارة عنهم غبارها , عادوا بعد جيل يغرقون في قدرهم ؟

كانت أوراق أيلول تتساقط , و تتلاعب بها الرياح حاملة النزر اليسير من النسائم التي امتطتها , و كـانت المشاهد الباعثة على الخريف تتأرجح أمام نافذتي , فكم هو مدهش الخريف بشمسه التي أسماها العرب " الشمس المطرودة " و برياحه التي تداعب الغصائن حيناً, و تشتد عليها حيناً آخر, و كأنما بعض لحظات الغزل تنبىء عن شهوة للإبتلاع , فكلما حاولنا الهروب الى الشمس , إما تحاصرنا النسائم , و إما تخفي الغيوم أثرها , فنضحي ظلالاً لاترسمها خيوط النور , و كم هو الحصاد كبير ,و كم كـانت وارفة ظلال التطلعات , و كم ضاعت أماني و كم طـال خريف .. أعان الله الدارسين لماضينا , و المفكرين بحالنا , و المشتغلين بأوضاعنا , على خريفين كلاهما مثقل بأحلام تطردها الشمس , و رياح تحث الأوراق الخضراء على العبور الى المدى ,كما المدى الذي يحكمنا بلا حدود.

و في ظلال الفكر , تتفيأ ما تود أن يكون عليه الحـال إضافة للحـال الحاضر , فتستغرق في التفكير جلياً ثم تسأل : أين الخلل ؟ و كأن الشاعر حينما صدح عادّاً مثالب العرب بقوله :
مصيبة العرب منذ كـانوا الى قيـام السـاعة ،،، بحب الأمر و النهي و السمع و الطــاعة

فكـإنما اختزل , ليجبّ الماضي الحاضر , و يغلق كتاب التراث على عنوان بيته الشعري الذي يختصره بمحور " سيكيولوجيا السلطة " , فهي المحور الذي يتصارع الجميع عليه والسلطة هي أساس حركة التاريخ في عالمنا العربي الصغير الكبير ،المكتظ بنظرياته , و المليئة أوراقه بشروحات على الأغلب ...!

ابن خلدون أغلق كتاب حضارتنا في قلعة ابن سلامه بمقدته التي ابتدأ منذها عصور التأخر العربي , و كأن حسن الخاتمة هو غايتنا , و بعد ثمانية قرون من الحركة و الحيوية و الحضور ،لم يتسن "لأبي علم الاجتماع "إكتشاف أن الخريف يكون أحياناً أطول فصول السنة و أشدها حركة وسكوناً.


و كأننا سئمنا الإختلاف رغم ابداعنا في علم ( الاجتماع ) ، العمران البشري و ضاقت بما رحبت , علينا نحن العرب , و تيهاً عدنا لبداوة أخرى وهي المرحلة الأولى من مراحل النزعة للمدنية , فنحن العرب نتبدى و نتمدن , على هوى الزمـان والأحوال, وعلى هدي التاريخ نذكر تمدننا في انطلاقتنا نحو الأمصار , لنبني مدننا , ولنعمر المدن المفتوحة ,و كم هو مضني تتبع شقاء الأمويين و تعبهم بتعريب الدولة , فكانت ردة الفعل أن سحب البساط و ترامت العروبية على امتداد التاريخ لتتوج بقرار الخليفة المعتصم بتتريك أجهزة الدولة في الادارة و الجيش دافعاً بالعرب الى بداوة أخرى طال أمدها .

حتى نهض الشريف حسين بن علي من مكة معلناً تتويج جهود العرب و صحوة أخرى , فبعد غياب ألف سنة عربية عن التاريخ , غاب فيها العرب و حكمتّهم أغرب الدول على مر التاريخ , فما بين دول عمادها الطائفة , و ما بين دولة المماليك , الذين حكموا باسم ضريبة الدم ( أي لقاء الحماية ) و جور جمعية الاتحاد و الترقي التي أضحت تعبث بأسمى ما يملك العرب لغتهم و هويتهم .
جاءت الثورة العربية الكبرى التي أسماها شيخ المؤرخين الأردنيين الدكتور عبد الكريم غرايبه , بالنهضة العربية الكبرى, و التي حملت مشروعاً نهضوياً كتب له الوأد بفعل الغدر الأوروبي و اتفاقيات لم تنصف نزق العروبة و المشروع العربي الأول في التاريخ الحديث ,فالشريف حسين قدم ورقه نهضوية عروبية ,اسلامية معتدلة , و جامعة و قابله للتحقيق عمادها الانسـان و بناؤه , و بقيت لغاية اليوم المحاولة الوحيدة التي حملت رؤية قابلة للتحقيق و نشر العدالة .

في أيلول , يصبح التأمل في الماضي و الحاضر عبئاً ثقيلاً ,و تصبح محاولة تأمله تبعث فيك رعشة من نسائم أيلول كأن قول درويش : " لا تكتب التاريخ شعراً فالسلاح هو المؤرخ لا يصاب برعشه الحمى اذا سمى ضحاياه و لا يصغي الى سردية الجيتار .. ان الذكي العبقري هو القوي و ليس للتاريخ عاطفة " ، كأنها محاولة لاعادة البناء و النقد , كما أرادها الجابري .

ختاماً , كم كان الحسين بن طلال رحمه الله كبيراً في رؤيته للتاريخ , حينما قال في افتتاح أعمال مؤتمر تاريخ بلاد الشام عام 1974م , بفكر الملك العربي الوارث لنهضة امتدت لتبعث في العرب وعيهم لذاتهم بدعوة المؤرخين – انذاك – أن يبعثوا فينا الماضي المتزن فقد دعانا أن لا نكون عبئاً على تاريخنا , و أن لا يكون تاريخنا عبئاً علينا , فهي دعوه للتوازن ان اختلت نفقد حضورنا , فما بين ماضي و حاضر تكمن مفارقه الحضور الحضاري .





  • 1 امجد الصرايرة 10-09-2012 | 07:56 PM

    فعلاّ ابدعت يا سامر وإلى الأمام بهذه الكتابات الرائعة واختيار موفق للعنوان الرائع

  • 2 شاكر البقور 12-09-2012 | 03:16 AM

    كلام جميل وأروع من رائع وفي غايه الاهمية


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :