مجلس إخواني أعلى للإصلاح .. كيف وبأي آلية؟ .. بقلم : نصوح المجالي
10-09-2012 05:01 PM
لا يمكن تفسير توجه حركة الاخوان المسلمين لتشكيل مجلس اعلى للإصلاح في الاردن الا انه تصعيد من جانب الحركة, ورفع لسقف التحدي السياسي للدولة الاردنية, فالخطوة تعني أن الاخوان المسلمين سيتولون امر الاصلاح لأن الدولة الاردنية لم تلب طموحاتهم ليصلوا الى السلطة كما حدث في مصر.
الجهة السياسية التي تعلن تشكيل مجلس اعلى للاصلاح في الدولة يفترض أن تكون جهة لها خطة شاملة للاصلاح ورؤية للمستقبل عدا عن الشعارات المكرورة التي نسمعها كل جمعة, والتي تستهدف تحشيد الشارع على الدولة بحجة أن ما تم من خطوات اصلاحية لا يلبي ارادة الشعب, فالحركة الاسلامية تتصرف وكأن ارادتها هي ارادة الشعب, ولهذا حرصت على التحالف مع جبهة من الشخصيات الوطنية تتماهى معها في المطالب لتوهم الناس بأن ارادة الشعب الاردني طوع ارادتها.
كنا نتمنى ان يكون لدى حركة الاخوان المسلمين خطة لاصلاح احوالها الداخلية اولاً حتى لا تبدو كحزب اردني تابع لغزة أو القاهرة في عهدها الجديد ولتتلمس ظروف الاردن والمخاطر التي تحيط به في هذا الزمن الصعب, لقد حرص المتطرفون في الحركة على قطع الحوار مع الدولة الاردنية, والاصلاح لا يتم الا بحوار وطني متعدد الجوانب وتوافق لدفع مسار الاصلاح بشكل تدريجي على مراحل, وليس باجبار الدولة تحت الضغط لقبول املاءاتهم.
باعلان المجلس الاعلى للاصلاح من طرف واحد, تدير حركة الاخوان ظهرها حتى لحلفائها الذين استخدمتهم واجهة في الحراك الشعبي, وتتجاهل الدولة الاردنية والشعب الاردني, فهي خطوة لحزب يرى انه القاطرة التي تقود الاخرين حتى بدون ارادتهم.
فكيف يمكن لحركة الاخوان قيادة الاصلاح بمجلس اعلى اذا كانت الحركة ترفض الحوار مع الدولة الاردنية جملة وتفصيلا، وباي آلية ستنفذ الاصلاح او تديره بغير التحشيد والتأليب والرفض والمغامرة المستمرة بأمن واستقرار البلاد فهل ستقيم الحركة برلمان ظل مثلاً يشرّع قوانين الاصلاح او حكومة ظل تناهض الدولة الاردنية ام سيتحول المجلس الاعلى للاصلاح الى مفت سياسي يحلل ويحرم ويرفض ويشترط ويكفر من يخالف توجهات حركة الاخوان ولا يفعل ذلك الا من يطرح نفسه بديلا للدولة هدفه تجاوزها وليس اصلاحها.
يبدو ان المتطرفين في حركة الاخوان وبخاصة اولئك الذين الهمتهم تجربة غزة، التي قسمت الشعب الفلسطيني في حالة تحفز للخروج من اطار الدولة الاردنية ونقل الحراك الى حالة اعلى من الصدام المباشر مع الدولة لان الحراك بمستواه الراهن لم يحقق طموحاتهم.
وهذا ما يسميه بعض منظريهم تصعيد معركة التحول الشعبي لتطيح بالانظمة وتطيح بكل ما يدور في فلكها او يتصل بها فهم يتوهمون انهم وحدهم الطيف السياسي والديني الذي ينفع الناس ويمكث في الارض مع ان قادتهم في مصر اعلنوا انهم لا يملكون برنامجا لنهضة خارج الشعارات فهل يكون المجلس الجديد منصة الاقلاع الى حالة التصعيد والمواجهة التي يتحرق لها المتطرفون في الحركة الاسلامية، وهل الهدف استنساخ الحالة المصرية وتجربة ميدان التحرير وما نتج عنه حتى تدخل الدولة الاردنية في سربهم.
الاردنيون يطمحون الى اصلاح سياسي واقتصادي ضمن شروط بقاء وبناء واستقرار الدولة الاردنية اما من يرفض ويعارض ويصعد ويدير ظهره للحوار والدولة فيبحث عن مناخ تصعيد ومواجهة وتحد لاسقاط برنامجه السياسي على الدولة الاردنية او لفرض صيغة اخرى على الدولة.
وهل ما يعدنا به الاخوان شبيه لديمقراطية غزة او شبيه بمسلسل الاصلاح السياسي والاداري الذي تبناه الاخوان المسلمون في مؤسسات الدولة المصرية بحيث يصبح برنامج الرئيس وبرنامج حركة الاخوان وحزبها وبرنامج مصر هو البرنامج الاخواني الذي بدأ يستحوذ على الدستور والادارة والجيش والاعلام والقضاء والثقافة وحتى الشرطة، هل هذا ما يعدنا به المجلس الاعلى للاصلاح، اخونة الدولة الاردنية باسم الاصلاح.
ما قيمة الربيع العربي اذا كان العرب سيستبدلون حالة سلطوية وحزباً حاكماً متسلطاً بحزب اخر متسلط يؤمن بالنفوذ العقائدي وحده ويعتقد ان الاخر الذي يخالفه مخالف للشرع والدين.
لا نتوقع من ما سمي بالمجلس الاعلى للاصلاح سوى مزيد من شعارات الرفض والتصعيد والتحشيد والرهان على اضطراب المنطقة وتحولاتها والتضحية بكل شيء في ساحتنا لتحقيق اهداف الحركة.
الراي.