لم تكن الشعارات التي اعتبرتها الحكومة مساسا برموز الدولة الاولى من نوعها فالشعارات متداولة وهناك ما هو اقوى منها منذ اكثر من عام على الاقل.
ولكن اصحاب القرار لم يدركوا ام كانوا يدركون وبحكم التجارب السابقة ان عملية الاعتقالات التي تمت كانت ستعزز حالة من الغضب يعطي رد فعل اعنف واكثر سخونة من شعارات تم حملها في مسيرة لا تتجاوز المئات من الاشخاص وبمدة زمنية لا تزيد عن الربع ساعة.
على مدى اليومين الماضيين انطلقت مسيرات عديدة في الطفيلة وفي وسط العاصمة تخترق شوارعها ومناطقها السكنية ليسمع الناس في ليل ساكن شعارات لم يسمعوها في حياتهم ابدا ويرددها ما يقارب او يزيد عن الالف مواطن غاضهم ما جرى من اعتقالات.
لا اريد ان اتحدث عن القرار في الاعتقال من صوابيته او عدمها ولكن ما خلفه الاعتقال والحالة الاعم والاكبر والتي كانت اكبر من حالة "لافتة" كان بالامكان الوصول الى حلول مع حاملها افضل من الاعتقال واظن ان ذلك كان سهلا فالتأديب بالاعتقال والمحاكمة هو حل لا اعتقد ان من في جعبته افكارا سيلجأ له خاصة واننا في زمن غير زمن الاعتقالات والاحكام العرفية.
كان بالامكان رفع قضية من خلال اطر قانونية وقضائية عادية على من رفع اللافتة دون ان يتم الاعتقال فحاملها لن يهرب ولن يغادر الاردن حتى يتم اعتقاله على حين غرة ومن بعده يتم اعتقال العديد من المؤازرين له ليزداد الموقف تأزيما ولا ادري ان كان ذلك مقصودا ام لا خاصة وان الشعارات المرفوعة والتي اعتقل بسببها هؤلاء النشطاء كانت مرفوعة في السابق وقد تكون هناك شعارات اكبر منها.
الوضع الان اصبح من الصعوبة بمكان واعطيت مبررات للتأزيم بعد ان بقينا لقرابة العامين دون حالة من الاحتقان التي بدأت ملامحها في الافق فالخوف اعتقد انه اصبح يزداد مع قوة الشعارات والهتافات التي انطلقت خلال اليومين الماضيين والتي كانت اكبر من قضية لافته مكتوبة على ورقة كرتون لا تتجاوز مساحتها ربع متر.
اننا نأمل ان نرى نوعا مختلفا من التعامل مع الامور التي حدثت خلال اليومين الماضيين لأننا ندرك ونعرف جيدا ان حالة التخويف والترهيب لم تكن مجدية ولن تكون لانها حالة استنفدت وانتهت وما نراه وننبه اليه ان الحراك اصبح في حالة مختلفة عن السابق فالقائمين عليه لا فرق عندهم الان بين الحياة والموت وعندهم فرق واضح بين الكرامة والذل.
هؤلاء الشباب -سواء اقتنعتم معي ام لم تقتنعوا - لدي قناعة شبه مؤكدة انه لن يثنيهم ولن يخفف من عزيمتهم الا الاصلاح الحقيقي وهم عازمون على الوصول الى هذا الفعل/الهدف, بالطرق السلمية التي يصرون على السير عليها
ولكنن احدا لا يضمن ردات فعلهم اذا ما استفزوا..