أبحث في المعاجم العربية عن المعاني المحتملة لمفردة "مناهضة"، لعلّي أستوعب دواعي سوقها تهمة لجمهور "المناهضين".
المترجمون العاملون في المنظمات الدولية يحارون في ترجمتها إلى لغات أخرى ، ويستغرب الناطقون بها تجريم مواطن بسبب معارضته السلمية للسلطة، خاصة أن التشريعات في بلدانهم تضمن لشعوبها أن يناهضوا أنظمتهم صباحا مساء.
بالعودة إلى "لسان العرب" و"المعجم الوسيط" فإن الفعل ناهض يعني قاوم، ويورد "معجم اللغة العربية المعاصر" معاني إضافية مثل: عارض، خالَف، عرقل.
ولأن المقاومة والمعارضة والمخالفة والعرقلة لا تلجأ إلى العنف لمواجهة الخصوم، تصبح مفردة "مناهضة" منزوعة الدسم، وتدخل في باب حرية الرأي والتعبير.
ويدلل مراقبون محليون وعرب على شكل الحراك الأردني ومضمونه، إذ استعار المتظاهرون والمعتصمون لغة مسرحية وفنية لنقل وجهات نظرهم، وفي الجوهر فإن كل ما شهدته البلاد من احتجاجات لم يرقَ إلى العمل السياسي المنظم.
ورغم انشغال الإعلام بتغطية إخبارية تقليدية للمظاهرات والشعارات المرفوعة، إلاّ ان تقارير قليلة أفردت مساحات للحديث عن مسرح الشارع الذي وظفه ناشطون لنقل رؤاهم المعارضة ومطالبهم.
ونظّم حراكيون اعتصامات رمزية ساخرة، ناهيك عن جملة من أغاني الراب، التي انتشرت بين الشباب، وتضمنت انتقادات قاسية للسياسات الحكومية وتعامل الأمن مع الحراك الشعبي.
ويلجأ المعارضون إلى النكتة في تواصلهم على مواقع "التويتر" و"الفيسبوك"، ولا يملّون من اجتراح تعبيرات رمزية لتجسيد هموم الشارع.
الأردن تحوّل إلى "هايد بارك" خلال الشهور الماضية، حيث يزداد أعداد المواطنين الذين يدلون بآرائهم المعارضة الصريحة على المواقع الالكترونية، وفي مدوناتهم الشخصية، بأسمائهم الشخصية أو ممثلين عن تيارات وحركات جديدة تولد كل يوم.
جميع هؤلاء يناهضون ، فمتى تصدر أحكام بحقهم؟
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم